مقالات

حديثة

العالم.. وحمّى السندات..

المحامية :  منيرة مسعود
سنة النشر :2010

 

ربما يتساءل البعض لماذا السندات.!؟,قد طال الحديث عنها في هذه الآونة في الأوساط الاقتصادية السورية فمن غير المألوف تفاعلنا مع (التقليعات الوافدة..) لعدم اكتراث اقتصادنا لما يحدث خارج أسواره أو ما تبقى منها، وهذا وفق العديد من المسؤولين أصحاب القرار ممن أكدوا مراراً وتكراراً وبثقة تقطع الشك باليقين حسب رأيهم أننا بمنأى عن آثار الأزمات وتداعياتها تلك التي تصيب الاقتصادات الخارجية..!, وبغض النظر عن هذه التصريحات الجدلية، إذ تراجع البعض عن مواقفهم، تبقى في رأى آخرين ووفق قناعاتهم أن هذه المقولة صحيحة لا غبار عليها (وهذا كلام العقل) وفي رأي الأغلبية لا تقارب الحقيقة ولا المنطق، على كل الأحوال لو تجاوز المتسائل تلك الحدود أو ما تبقى منها، مجازاً، ودخل الأسواق المالية الخارجية بنوعيها الناشئ والمتطور منها، لوجد الإجابة، ولو اتجهنا أولاً إلى منطقتنا العربية وفي محيطنا المتواضع والتي تصنف أسواقها بالنامية وليس الناشئة رغم أن بعضها خطا خطوات سريعة كبورصتي دبي وقطر لتخرج إلى نطاق العالمية لكنها تبقى في قافلة الدول النامية، لتبقى الأسواق الناشئة أرفع درجة، ومنها على سبيل المثال: سوقا المال التركي والماليزي، بالرغم من تطور هاتين السوقين قياساً بنا، لكن لحداثتها وصفت بالناشئة.
وبالعود على بدء تكمن الإجابة: بخطة عمل الحكومات والجهات الراعية للأسواق إذ نشطت أخبار سندات الخزينة وأصبحت حديث الأوساط المالية منذ أن استعرت الأزمة المالية العالمية الأخيرة إلى أن هدأت وبدأت تضع أوزارها وهي الفترة مابين (2008-2010) فبدأ الحديث عن سندات الخزينة، وفق رأي البعض أن السندات كأداة استثمارية لا تزال "الملاذ الآمن والأفضل" بالنسبة للمستثمر، وفي المنطقة العربية لا تخلو مناسبة من الحديث عن هذه الأداة المالية الهامة مع اختلاف الأسباب لطرحها.
سندات الخزينة الأردنية:
 ولو دخلنا إلى السوق المالي الأردني الأقرب إلينا حدوداً وتشريعاً لنجد الإصدار الـ(43) بقيمة 100 مليون دينار لسندات الخزينة للعام 2010 تم طرحه في 16 /9/2010 للمستثمرين المحليين والأجانب وتستحق في 19 أيلول 2013 لتصبح قيمة ما تم إصداره من الأوراق المالية الحكومية منذ بداية العام الحالي 25ر3 مليار دينار مقابل إطفاء ما قيمته 544ر2 مليار دينار خلال نفس الفترة, وبلغ صافي ما تم إصداره من أوراق مالية حكومية جديدة لهذا العام 706 ملايين دينار مقابل 1.106 مليار دينار لنفس الفترة من العام الماضي.. وهذا وفق المصادر الرسمية الأردنية.
سندات الخزينة المصرية:
والسوق المصري الذي استقينا من تجربته وبعض تشريعاته، بالرغم من المخاوف حيال كيفية معالجة الحكومة للعجز تم تغطية اكتتاب في إصدار سندات عالمية بقيمة 1.5 مليار دولار في نيسان 2010بطلبات شراء تزيد عدة مرات عن المعروض وفي هذا السياق بمناسبة إعادة فتح الاكتتاب (بتاريخ 30 تشرين الثاني 2010) في سندات الخزانة المصرية أعلنت لجنة قيد الأوراق المالية في البورصة المصرية اعتباراً من 2/12/2010 قيد سندات خزانة جديدة بـ3 مليارات جنيه بنظام المتعاملين الرئيسيين- وكانت قد صدرت بتواريخ سابقة على التوالي نيسان 2012 (إصدار 28/4/2009)، آب 2020 (إصدار 3 آب 2010) - أيلول 2015 (إصدار/19تشرين الأول/ 2010) ليصبح إجمالي قيمة مجموع السندات بعد الزيادة 16 مليار جنيه وبعوائد سنوية على التوالي تعود للإصدارات المذكورة 10.35%و13% و12.35% تصرف كل ستة أشهر.
سندات الخزينة اللبنانية:
والسوق اللبناني القريب إلينا بحدوده وبالرغم من ديونه وصغره وفقره بموارد الطاقة، يستمر لبنان في تحقيق أداء اقتصادي جيد، حيث قررت وزارة المالية إصدار سندات خزينة بالليرة اللبنانية لمدة 7 سنوات للمرة الأولى، وبأسعار الفوائد التي ستكون بحدود 7,90 في المئة.
وكانت قد أصدرت سندات يوروبوند جديدة بقيمة 725 مليون دولار مقومة بالدولار.
سندات الخزينة الخليجية:
عند الحديث عن أسواق المنطقة لا يصح الأمر بغير الأسواق الخليجية لأنها تعتبر بوابة العبور إلى الأسواق العالمية رغم وجودها في المجال الإقليمي للدول النامية إذ قطعت أشواطاً في تطوير آليات عملها وتشريعاتها واستثماراتها.. وعن سوق السندات رغم قيام بعض الدول الخليجية بطرح سندات خزينة هذا العام إلا أن خطة الإصدار لا تزال قائمة. مصادر مطلعة قدرت أن حجم الإصدارات الجديدة للسندات في الإمارات والكويت وقطر والسعودية خلال العام المقبل 2011 بنحو 36,7 مليار درهم أي ما يعادل حوالي 10 مليار دولار أمريكي وهذه المرحلة الحالية تشهد نمواً سريعاً في سوق سندات دول المنطقة عامة وفي دولة الإمارات خاصة، ويؤكد خبراء أن سوق السندات سحبت السيولة من أسواق المال في الإمارات، والأجانب يستحوذون على حصة كبيرة من الاستثمار في هذه الأسواق.
سندات الخزينة اليونانية:
اليونان: أول السبحة في الاقتصاد الأوربي، ستصدر سندات خزينة تفوق قيمتها أربعة مليارات يورو في تموز2011، وهو أول إصدار لها منذ بدأت الاستفادة من مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.. سيكون الإصدار كل ثلاثة أشهر. وستصل قيمة الإصدار إلى ما بين 4 و4,5 مليارات يورو (5 إلى 5,6 مليارات دولار)، وإصدار السندات هذا هو الأول بالنسبة إلى اليونان منذ وضع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد خطة الإنقاذ البالغة قيمتها 110 مليارات يورو على مدى ثلاثة أعوام. وستساعد هذه الخطة اليونان على الخروج من أزمة عجزها المالي. هي التي غرقت في ديون قاربت 300 مليار يورو.
سندات الخزانة الأمريكية:
السوق الأمريكي بما فيه سوق السندات الرائد والمحرك لاقتصادات العالم صعوداً وهبوطاً اجتذبت سوق السندات الأمريكية الآلاف من كبار الأثرياء ومنهم العرب الذين ضخوا مئات المليارات من الدولارات. وكانت هذه الأموال ولا تزال أساس الاقتصاد الأمريكي لا عجب حيث تعتبر السندات، وبخاصة الحكومية منها، استثماراً آمناً مقارنة بالأسهم والعقود الآجلة والخيارات.
وقد أظهرت بيانات أمريكية مؤخراً ارتفاع حجم الطلب على سندات الخزانة في الفترة الأولى من 2009، إذ تم شراء سندات من قبل مؤسسات مالية ومصرفية وكذلك حكومية بقيمة 10.7 مليار دولار في كانون الثاني الماضي بعد موجة بيع للسندات غير مسبوقة، قدرت بنحو 25.8 مليار دولار بسبب تداعيات الأزمة المالية.
وعن حجم الاستثمارات الصينية بمفردها يبلغ نحو تريليوني دولار، حيث تعد بكين الأكثر استثماراً في سندات الخزانة الأمريكية وتبوأت الصدارة في السندات طويلة الأجل ما جعل منها أكبر مقرض للولايات المتحدة.
 مع الأخذ بعين الاعتبار أنواع السندات وخصائصها وامتيازاتها والتي تحتاج إلى أبحاث ودراسات عدة لتغطيتها، رأينا أن ننوه ولو بقليل من المفردات إلى أهمية سندات الخزينة وحمّى انتشارها في العالم التي بدت رغم التخطيط لها وكأنها تسير خبط عشواء، فهل هذا سبب إصابة سوقنا بالعدوى...؟!

 

---------------------------------

عن الأزمنة http://www.alazmenah.com
2010-12-25

المحامية :  منيرة مسعود
باحثة في الشؤون المالية و المصرفية