مقالات

حديثة

وقف الحكم النافذ

القاضي : موفق اليغشي

سنة النشر :2004

وقف الحكم النافذ
إإن المقالة هذه تبحث في أربعة مواضيع هي :
1- وقف الحكم النافذ ( ربع المدة ) – ( المادة 172 عقوبات ) .
2- دغم العقوبات ( المادة 204 عقوبات ) .
3- الحجز والتجريد المدني ( المواد 49- 50- 63 عقوبات ) .
4- رد الاعتبار ( أو إعادة الاعتبار ) المواد 158 – 159- 160-عقوبات والمواد من 426 وحتى 433 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
ذلك لما رأيت في عرض هذه المواضيع وشرحها من فائدة ولا سيما للزملاء المحامين الجدد في ممارسة مهنتهم موضحا الخطوات العملية بالترتيب لكل مطلب منها بحيث يتحقق هدف المحامي وموكله بأسلوب بسيط وسليم وواضح .
الموضوع الأول : وقف الحكم النافذ ( أو ربع المدة ) – ( المادة 172 عقوبات ) .
تنص المادة 172 من قانون العقوبات على إن للقاضي إن يفرج عن كل محكوم عليه بعقوبة مانعة أو مقيدة للحرية جنائية كانت أو جنحية بعد إن ينفذ ثلاثة أرباع عقوبته على إن لا تنقص عن تسعة اشهر وبشرط ثبوت انه صلح فعلا .
والذي يهم في هذا الأمر شيئان …..الأول معرفة شرائط منح وقف الحكم النافذ للتحقق من توافر وجودها قبل تقديم الطلب ، والثاني هو كيفية تقديم الطلب إلى المحكمة والوثائق اللازم إرفاقها معه أي إجراءات وقف الحكم النافذ ( ربع المدة ).
فعن ذلك ….نعدد شرائط منح وقف الحكم النافذ وهي :
1- كون العقوبة المحكوم بها سنة حبس فأكثر .
2- إن يكون المحكوم عليه قد أمضى موقوفا تسعة اشهر على الأقل .
3- إن يثبت المحكوم عليه انه أصلح نفسه بعد ارتكاب الجرم وخلال تنفيذ ثلاثة أرباع مدة محكوميته وهي التي أمضاها من اصل العقوبة .
4- إن يكون المحكوم عليه قد سدد الالتزامات المدنية لجهة الادعاء الشخصي المحكوم عليه بها أو إن يتعهد بوفائها خلال ثلاث سنوات أو خلال المدة الباقية من عقوبته- المادة 175 عقوبات- .
وأما عن إجراءات طلب وقف الحكم النافذ فهي كما يلي :
1- يتم تقديم الطلب من قبل المحكوم عليه بالذات أو من قبل محاميه إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب وقفه ويمكن إن يقدم الطلب من المحكوم عليه السجين إلى المحكمة المذكورة عن طريق إدارة السجن يحدد فيه رقم القرار وتاريخه وأساس القضية ومدة العقوبة وبأنه أمضى ثلاثة أرباع هذه المدة موقوفا وأنه أصلح نفسه ، وأخيرا فهو يطلب منحه وقف الحكم النافذ .
2- يتم إرفاق الطلب ببيان خطي موقع من مدير السجن يتضمن مدد توقيف المحكوم عليه لصالح القضية وتاريخ انتهاء مدة عقوبته فيها وأنه انقضت ثلاثة أرباع هذه المدة فعلا بتاريخ تقديم الطلب وأن المحكوم عليه كان ذو سلوك جيد وقد صلح فعلا ، وإن هذه الوثيقة الصادرة عن مدير السجن تكفي لإثبات أن المحكوم عليه قد أصلح نفسه باعتبار أن إدارة السجن مسؤولة عن تصرفات السجين وهي اعلم ؟.
3- يرفق الطلب أيضا ببيان يثبت وفاء الحقوق الشخصية – التعويض – المحكوم بها لمصلحة جهة الادعاء الشخصي ، أو وثيقة إسقاط الحق الشخصي عن المحكوم عليه .
وطبعا لابد من القول بعد ذلك بأن منح وقف الحكم النافذ يعود تقديره للمحكمة التي تم تقديم الطلب إليها …….. وقد جاء في قرار حديث لمحكمة النقض إن عدم تسديد الحقوق الشخصية يعتبر سببا مقبولا لرد طلب وقف الحكم النافذ ( قرار نقض 967 أساس 1670 تاريخ 27/10/1996 ).
وإن رأيي في هذه النقطة بالذات هو إن يمنح المحكوم عليه فرصة وقف الحكم النافذ ويطلق سراحه عند توفر شرط المدة وصلاح النفس وحسن السلوك حتى يستطيع تدبر أموره خارج السجن ويستعيد نشاطه لتأمين وفاء الالتزامات المدنية المحكوم عليه بها ، أو تحقيق مع الجهة المدعية وإسقاط الحق الشخصي عنه وهو غير مقيد بقيد حجز الحرية وراء القضبان الحديدية.
كما انه ينبغي القول بهذا الصدد أن وصف الجرم وبشاعته لا علاقة لهما بمنح وقف الحكم النافذ ( ربع المدة ) إذ أنهما يؤخذان بعين الاعتبار عند إصدار الحكم في أساس الدعوى ، وأما وقف الحكم النافذ فيتوقف على عناصر وشروط تنشأ بعد صدور الحكم وأثناء تنفيذ العقوبة وهي تنفيذ المحكوم عليه لثلاثة أرباع مدة عقوبته وإصلاح نفسه ( نقض سوري عسكرية أساس 266 قرار 369 تاريخ 26/2/1979 ).
وإن بعض المحاكم – لاسيما محكمة الجنايات – تربط موافقتها لمنح وقف الحكم النافذ على وصف الجرم فترفض الطلب رغم توفر شرائط قبوله لأن الجريمة كانت من نوع معين مثل القتل أو السرقة بالعنف أو الفعل المنافي للحشمة وغيرها …… وهذا التصرف يناقض الاجتهادات القضائية في هذا الشأن ويدفع المحكوم عليه إلى حرمان نفسه من إصلاحها وتوبتها أثناء تنفيذ العقوبة بأمل إعفائه من ربع المدة الأخير لعقوبته.
كما أن تفاوت النظر بين هيئات المحاكم في تقدير بشاعة الجريمة وهي بصدد البت بطلب وقف الحكم النافذ إنما يخلق خللا في وتيرة هذه المنحة بين المحاكم من شأنه إحداث جرح بحسن سير العدالة وشرخ بتطبيق مبادئ العدل والإنصاف.
وأخيرا فانه يحق للمحكوم عليه أن يطلب من المحكمة منحه وقف الحكم النافذ ولو كان طليقا لسبق إخلاء سبيله قبل صدور الحكم عليه إذا كان قد أمضى موقوفا أثناء المحاكمة ما مجموعه ثلاثة أرباع المدة التي أصدرت المحكمة حكمها بالعقوبة بها قبل أن يخلى سبيله ثم صدر الحكم عليه وهو طليق ( نقض سوري – جناية أساس 560 قرار 578 تاريخ 25/4/1981 ).
كما يجوز أيضا تقديم أيضا تقديم طلب وقف الحكم النافذ أكثر من مرة في حال رد الطلب السابق .
كما انه في حال رد المحكمة لطلب وقف الحكم النافذ فإن قرار الرد هذا يقبل الطعن بالنقض …..ومن الأسباب السائدة للطعن هي عدم تعليل المحكمة قرارها برد طلب وقف الحكم النافذ أو أنها اعتبرت بشاعة الجرم أو ماهيته سببا لرفض الطلب رغم توفر شرائط قبوله أو أن المحكوم عليه استفاد من عفو جزئي في نفس القضية فرفضت منحه وقف الحكم النافذ رغم أن العقوبة التي تبقى بعد تطبيق قانون العفو العام هي التي تعتبر أساسا لحساب منحه وقف الحكم النافذ ( نقض سوري – هيئة عامة – أساس 549 قرار 496 تاريخ 8/6/1958 ).
وأخيرا فان مقولة تسود بين المحكوم عليهم في السجن أن سنة السجن تسعة اشهر وهذا من أملهم بمنحهم ربع المدة ، فلتكن هذه المنحة من المحاكم شحذا لهؤلاء الذين تاه رأيهم عن جادة الصواب في الندم والتوبة والرجوع إلى الطريق الصواب وإن الله سبحانه وتعالى يأمر بالعدل والإحسان معا وليس بالعدل وحده .
الموضوع الثاني : دغم العقوبات ( المادة 204 عقوبات ) .
تنص المادة 204 عقوبات على انه إذا ثبتت عدة جنايات أو جنح قضي بعقوبة لكل جريمة ونفذت العقوبة الأشد دون سواها .
على انه يمكن الجمع بين العقوبات المحكوم بها بحيث لا يزيد مجموع العقوبات المؤقتة على أقصى العقوبة المعينة للجريمة الأشد إلا بمقدار نصفها .
ومآل ذلك النص انه إذا كانت المحكمة تنظر في قضية ارتكب فيها المتهم أو المدعى عليه عدة جرائم متعاقبة وتم تحريك الدعوى العامة عليه فيها جميعا وثبتت إدانته بها أو بعضها فان على المحكمة عند إصدار حكمها أن تحدد عقوبة لكل جريمة يستحقها المتهم ثم تدغم هذه العقوبات جميعا وتقرر أن اشد تلك العقوبات فقط هي التي تنفذ بحق المحكوم عليه .
ومن الواضح من صيغة نص المادة المذكورة أن الدغم في هذه الحال يتم تلقائيا من قبل المحكمة عند إصدار الحكم وسواء طلبه المتهم أو لم يطلبه .
وأما إذا لم ترد المحكمة أن تدغم العقوبات التي حكمت بها على المتهم وفق الصورة أنفة الذكر فلها خيار واحد فقط هو جمع هذه العقوبات ولكن هذا الجمع ليس جمعا حسابيا مطلقا وإنما مقيدا بان تتحدد العقوبة المحكوم عليه بعقوبة الجرم الأشد الذي ارتكبه المذكور في هذه القضية مضافا إليها نصفها فإذا كانت كافة العقوبات متساوية كان الحكم بإحداها زائد النصف ……… وان ما سلف بيانه لجهة اختيار الدغم أو الجمع أمر يعود تقديره لهيئة المحكمة في حكمها …وأما الأهم في هذا الموضوع هو عندما يرتكب شخص عدة جرائم متفاوتة وتجري محاكمته في كل منها بدعوى مستقلة وأمام محاكم مختلفة وتصدر أحكام متعاقبة عن تلك الجرائم …….. ففي هذه الحال لابد أن يقوم المحكوم عليه نفسه – أو وكيله القانوني – بتقديم طلب الدغم إلى المحكمة التي نظرت أخيرا بإحدى الدعاوى وعلى هذه المحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار العقوبات السابقة المحكوم بها وترى في جدود سلطتها التي خولها بها القانون ما إذا كانت تقرر الإدغام أو الجمع ….. وعليها إذا جنحت إلى الجمع أن تبين الأسباب التي دعتها إلى الأخذ بهذا الجمع وليس الدغم ( جنحة عسكرية أساس 894 قرار 946 تاريخ 21/9/1980 ).
ويستدل من تمحيص نص المادة 204 عقوبات ومن المعطيات المذكورة أنفا على نقطة هامة هي انه لا يحق للمحكمة أن تكتفي بالنطق بجميع العقوبات في حكمها وتترك لسلطات التنفيذ تحديد العقوبة الأشد وتنفيذها لوحدها بل على المحكمة أن تنص على الدغم لأن المشرع وجه الخطاب بتنفيذ العقوبة الأشد إلى القاضي وليس إلى النيابة العامة فالقاعدة إذن قضائية وليست تنفيذية كما انه لا يجوز للمحكمة أن تقرر رد طلب الدغم ردا مطلقا بعبارة : تقرر رد الطلب ، بل عليها أما أن تقرر الدغم وتحدد العقوبة الأشد المحكوم بها أساسا للتنفيذ أو تختار الجمع بالحكم بأقصى العقوبة المعينة للجريمة الأشد مضافا إليها نصفها ذلك أن نص المادة 204 عقوبات في هذا الشأن هو نص آمر وهو ينسجم مع السياسة السليمة في العقاب ولو لم يكن مثل هذا النص موجودا لكان الأمر يعني في بعض الحالات استغراق العقوبات السالبة للحرية لحياة المحكوم عليه كلها كذلك واستغراق العقوبات المالية يعني - الغرامات – لثروته كلها .
وأما طريقة تقديم طلب دغم العقوبات فتتلخص باستدعاء يقدم إلى المحكمة التي نظرت بالقضية ، أخيرا يتضمن تحديد أرقام الحكم أو الأحكام السابقة المطلوب دغمها ومرفقا بصورة مصدقة عن هذه الأحكام وبأنها حازت الدرجة القطعية وبشرط هام هو أن يكون الحكم المطلوب دغمه قد ارتكب قبل أن ينبرم الحكم المتعلق بالجرم الأخر لان ارتكاب شخص لجرم جديد بعد انبرام حكم صادر لجرم سابق يجعله في عداد المكررين ولا سبيل هنا إلى إدغام العقوبات في مثل هذه الحال ( نقض سوري – جنحة 244 قرار 474 تاريخ 24/9/1960).
ولا بد من الإشارة هنا – تأكيدا لما سلف بيانه – إلى أن اختيار المحكمة لجمع العقوبات دون دغمها وضمن الطريقة المرسومة بالفقرة 2 من المادة 204 عقوبات إنما هو اختيار يعود لتقديرها ولا يجوز مجادلتها في هذا الاختيار ما دامت توصلت إلى ذلك بشكل سليم وبالتعليل إلا أن المحكمة إذا اختارت الجمع ولكنها قضت بمنطوق حكمها بعبارة : جمع العقوبتين أو العقوبات وتنفيذها معا – وهو ما يتكرر صدوره فعلا عن بعض المحاكم في أحكامها – إنما يشكل مخالفة قانونية صريحة تناهض هدف المشرع المعني بالفقرة ج من المادة 204 أنفة الذكر ……. وفي مثل هذه الحال فان قرار المحكمة – إذا ما صدر بالصورة المذكورة – يجب أن يكون عرضة للنقض .
كما انه لابد أخيرا من التوضيح بأنه من المسلم به فقها واجتهادا هو أن المحكمة التي أصدرت الحكم الأخير هي المعنية بطلب البت بطلب الدغم ( اجتهاد نقض جنحة عسكرية 894 قرار 946 تاريخ 21/9/1980) اجتهاد نقض جناية أساس 585 قرار 420 تاريخ 14/6/1965).
وهذا الاختصاص لمرجعية البت بطلب الدغم يكون قائما بالصورة المذكورة عندما تكون المحكمة – الأخيرة – مختصة بالنظر بطلب الدغم ولو كانت العقوبة المحكوم بها من لدنها أخف شدة من عقوبة المحكمة الثانية .
مثال ذلك : أن يصدر عن إحدى محاكم الجنايات في دمشق أو ريفها أو المحكمة العسكرية أو محكمة الأمن الاقتصادي – وكلها متساوية باختصاصها النظر بالقضايا الجنائية وبمراتب هيئاتها القضائية ( رئيس ومستشاران ) – أن يصدر حكم بعقوبة معينة ولتكن خمس سنوات أشغال شاقة فإن أي محكمة من هذه المحاكم إذا صدر عنها حكم بتاريخ لاحق للحكم المذكور تكون هي المختصة بالنظر بطلب الدغم باعتبارها المحكمة الأخيرة ولو كان الحكم الذي صدر عن هذه المحكمة - الأخيرة – أخف وطأة من حكم الخمس سنوات السابق طالما يتساوى الحكمان بنوع الجريمة و تتساوى المحكمتان بالدرجة القضائية .
وأما إذا كان الحكم الأخير قد صدر في جنحة أو عن محكمة اقل درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم السابق والتي صدرت عنها الحكم بالعقوبة الأشد فإنه – وفي هذا الحال – تكون المحكمة التي أصدرت الحكم بالعقوبة الأشد هي المعنية بطلب الدغم ولو لم تكن هي المحكمة الأخيرة التي أصدرت الحكم الأحدث تاريخا .
مثال ذلك : محكمة جنايات أصدرت حكما بعقوبة مقدارها ثلاث سنوات اعتقال ثم صدر بتاريخ لاحق حكم عن محكمة بداية الجزاء بجنحة تقضي بالحبس سنة واحدة فإن المحكمة المختصة بطلب الدغم هي محكمة الجنايات مصدرة الحكم الأشد ولو أن محكمة بداية الجزاء هي المحكمة التي أصدرت الحكم الأخير.
الموضوع الثالث : الحجر والجريد المدني ( المواد 49- 50-63- عقوبات ).
في كل حكم جنائي نقرأ فقرة حكمية في منطوقه وهي عبارة : حجر المتهم وتجريده مدنيا …وقد لحظت أحيانا خطأ في إيراد هذه الفقرة لا سيما لجهة الحجر في بعض الأحكام مما رأيت معه إدراج هذا الموضوع بالمحاضرة في هذه الندوة لتوضيح معنى الحجر والتجريد المدني وأحكامهما ضمن نطاق الحكم الجنائي .
أولا : الحجر ( المادة 50 من قانون العقوبات ) .
إذا قضت محكمة الجنايات في حكمها على المتهم بالأشغال الشاقة أو بالاعتقال مهما كانت مدة العقوبة فان المحكوم عليه يكون خلال فترة تنفيذ عقوبته في حالة حجر ….. والحجر هنا عقوبة جنائية فرعية تسير جنبا إلى جنب مع عقوبة حجز الحرية الأصلية وتنتهي بانتهائها سواء كان هذا الانتهاء بتنفيذ العقوبة فعليا أو كان بسقوطها بأحد أسباب السقوط كالعفو العام الذي يسقط الأصلية والفرعية ( المادة 150 عقوبات ) .
والسجين المحجور عليه أثناء تنفيذ عقوبته يصار إلى نقل ممارسة حقوقه على أملاكه إلى وصي يتم تعيينه وفقا لأحكام المادة 178 من قانون الأحوال الشخصية ……. وتبعا لذلك فان كل عمل أو إدارة أو تصرف يقوم به المحكوم عليه في هذه الفترة يكون باطلا كما لا يجوز تسليمه أي مبلغ من دخله ما خلا المبالغ التي يجيزها القانون وأنظمة السجون .
والجدير بالذكر أن الحجر على المحكوم عليه جنائيا ينحصر بمنعه من ممارسة حقوقه على أملاكه وأمواله فقط ولا يطال حقوقه الملازمة لشخصه فهو يستطيع أن يعقد زواجا له بذاته أو بالتوكيل أو أن يطلق زوجته بنفس الصورة أو أن يقيم دعوى النسب لإثبات نسبه لأحد أو نفي نسبه عن أخر .
ولا بد أخيرا – في هذا الأمر – من التوضيح بأن محكمة الجنايات إذا قضت على المتهم عليه بعقوبة اعتقال أو أشغال شاقة وكان المتهم بتاريخ صدور الحكم قد أمضى – أثناء محاكمته – مدة العقوبة التي تم الحكم عليه بها ….. فان المحكمة تقرر بذات الحكم إطلاق سراحه في هذه القضية وبالتالي لا موجب لاحتواء منطوق الحكم لفقرة الحجر على المتهم بحسبان أن الحجر مرتبط كما سلف بتنفيذ عقوبة السجن ويكون الحجر على المحكوم عليه رغم إطلاق سراحه مخالفا لنص القانون.
ثانيا: التجريد المدني : ( المادتين 49و 63 عقوبات ) .
التجريد المدني هو عقوبة جنائية أصلية كما انه عقوبة جنائية فرعية و إضافية في كافة الأحكام الجنائية .
ومثال التجريد المدني كعقوبة جنائية أصلية جاء بالمادة 330 عقوبات عام المتعلقة بالتعدي على حرية العمل حيث نصت المادة المذكورة على انه يستحق التجريد المدني الموظفون الذين يربطهم بالدولة عقد عام إذا أقدموا متفقين على وقف أعمالهم أو اتفقوا على وقفها أو على تقديم استقالتهم في أحوال يتعرقل معها سير إحدى المصالح العامة .
وآما الحكم بالتجريد المدني كعقوبة جنائية فرعية وإضافية فهو يرد في كافة أحكام محاكم الجنايات التي تحددت العقوبة الأصلية فيها بالأشغال المؤبدة أو المؤقتة أو بالاعتقال المؤبد أو المؤقت .
ماذا تعني عقوبة التجريد المدني للمحكوم عليه بها ؟؟؟
نصت المادة 49 من قانون العقوبات على أن التجريد المدني يوجب حكما :
1- العزل والإقصاء عن جميع الوظائف والخدمات العامة والحرمان من كل معاش تجريه الدولة .
2- العزل والإقصاء عن جميع الوظائف والخدمات في إدارة الطائفة أو النقابة التي ينتمي إليها المحكوم عليه والحرمان من معاش أو مرتب تجريه هذه الطائفة أو النقابة .
3- الحرمان من حقه في أن يكون صاحب امتياز أو التزام من الدولة .
4- الحرمان من حقه في أن يكون ناخبا أو منتخبا ومن سائر الحقوق المدنية والسياسية والطائفية والنقابية .
5- عدم الأهلية لان يكون مالكا أو ناشرا أو محررا لجريدة أو لأية نشرة موقوتة أخرى .
6- الحرمان من حق تولي مدرسة وأية مهمة في التعليم العام أو الخاص.
7- الحرمان من حق حمل الأوسمة والألقاب الفخرية السورية والأجنبية .
والآن ….ما هي مدة التجريد المدني كعقوبة فرعية أو إضافية ؟.
الجواب هو انه عندما تكون العقوبة الأصلية المحكوم بها هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد فإن التجريد المدني يكون مدى الحياة .
وأما عندما تكون العقوبة الأصلية هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو الاعتقال المؤقت أو الإقامة الجبرية فان التجريد المدني يكون منذ اليوم الذي لصبح فيه الحكم مبرما حتى انقضاء السنة العاشرة على تنفيذ العقوبة الأصلية المانعة للحرية .
ورأيت هنا لفت النظر إلى أن تنفيذ العقوبة الأصلية المانعة للحرية قد يتم قبل انبرام الحكم حتى انه أحيانا يتم أثناء المحاكمة .
كما لو صدر الحكم بعقوبة السجن لمدة كان المتهم قد قضاها بالتوقيف الاحتياطي وأثناء المحاكمة واعتبر الحكم عند صدوره أن العقوبة المحكوم بها منفذة لسبق توقيف المتهم مدة استغرقتها ………ففي هذه الحال تكون مدة التجريد المدني من اليوم التالي لانتهاء المدة التي استغرقتها عقوبته أثناء محاكمته .
وأما إذا كان المحكوم عليه لم يزل بتاريخ انبرام الحكم يقضي مدة من عقوبته السجن أو بقي عليه مدة لم ينفذها ( أي كان مخلى سبيله قبل انبرام الحكم ) فان بدء التجريد المدني – العشرة سنوات – تبدأ بعد تنفيذ مدة السجن المتبقية التي يقضيها أو التي بقيت عليه ……ومآل ذلك أن المدة التي تقع بين تاريخ انتهاء مدة العقوبة المانعة للحرية والذي صادف أثناء سير المحاكمة وبين تاريخ انبرام الحكم الحاصل لاحقا يكون المحكوم عليه بينهما في حالة الحجر المدني وبالتالي لا ينقلب إلى حق له أي حرمان أو مركز نشأ للمتهم أثناء المحاكمة أو أي تصرف أجراه بين التاريخين المذكورين .
الموضوع الرابع : إعادة الاعتبار ( أو رد الاعتبار ) المواد 158-159-160 عقوبات عام
ماذا تعني إعادة الاعتبار ؟؟ ( المادة 160 عقوبات ).
إعادة الاعتبار أو رد الاعتبار يعني انه تبطل للمستقبل مفاعيل كافة الأحكام الصادرة قبل إعادة الاعتبار وتسقط العقوبات الفرعية والإضافية وتدابير الاحترازية وما ينجم عنها من فقدان للأهلية كما أن رد الاعتبار يلغي احتساب الحكم الذي تم رد الاعتبار عنه في التكرار إذا ارتكب المردود اعتباره جرما جديدا بعد رد اعتباره عن الجرم السابق يضاف أن الجرم السابق لا يعد محسوبا في تقرير اعتياد الإجرام ولا يعد حائلا في طلب وقف التنفيذ لحكم جديد صدر بحق المحكوم عليه المردود اعتباره .
ولإعادة الاعتبار نوعان … قضائي أو حكمي ( 159 عقوبات ) .
شروط إعادة الاعتبار القضائي فهي :
1- انقضاء سبع سنوات بعد تنفيذ العقوبة الجنائية والتدبير الاحترازي المانع للحرية أن وجد.
2- انقضاء سبع سنوات على سقوط العقوبة الجنائية بالتقادم إذا لم يتم تنفيذها بحق المحكوم عليه .
3- انقضاء سبع سنوات على انبرام الحكم إذا كانت العقوبة الجنائية الأصلية هي التجريد المدني .
4- انقضاء سبع سنوات على انقضاء مدة الحبس الإضافي لعقوبة التجريد المدني في حال اجتماعهما بحكم جنائي واحد .
5- انقضاء سبع سنوات على نفاذ أحكام قانون العفو العام الذي طال العقوبة المحكوم بها قبل تنفيذها باعتبار أن العفو يقوم مقام تنفيذ العقوبة حكما .
6- انقضاء سبع سنوات على أداء الغرامة أو على تاريخ تنفيذ مدة الحبس عنها إذا كان محكوم بها كعقوبة جنائية .
7- أن يكون طالب إعادة الاعتبار قد قام بتنفيذ الوفاء بالإلتزامات المدنية المحكوم بها مع العقوبة الجزائية ، أو انه أبرئ منها أو انقضت بالتقادم … وإذا كان طالب إعادة الاعتبار تاجرا مفلسا فعليه أن يثبت انه أوفى الدين مع الفائدة والنفقات أو انه اعفي منها .
8- أن يثبت انه صلحت نفسه وحسنت سيرته واستقام سلوكه بعد الحكم وذلك بتقرير مدير السجن خلال فترة تنفيذ العقوبة وبالتحقيقات الإدارية التي تتم بعد الإفراج عن المحكوم عليه .
وان هذه الشرائط المذكورة هي نفسها الواجب توافرها أيضا إذا كان الجرم المطلوب رد الاعتبار عنه من نوع الجنحة إلا أن المدة في الجنحة هي ثلاث سنوات فقط ، وهنا ينبغي أخذ العلم بأن المحكوم عليه – طالب رد الاعتبار – إذا سبق واستحصل على قرار برد اعتباره عن جرم سابق أو انه كرر ارتكاب جرم جديد فان مدة تقديم طلب إعادة الاعتبار عن الجرم الأخير تصبح مضاعفة أي أربعة عشر سنة للجناية الجديدة وست سنوات للجنحة الجديدة …….والتكرار المقصود في هذا الأمر هو ما نصت عليه المادة 248 و 249 عقوبات .
كما أن كل حكم لاحق سواء أكان بجناية أو بجنحة يقطع سريان المدة للحكم الأول وتبدأ هذه المدة من جديد وهو تاريخ الحكم اللاحق .
والآن بعد أن عددنا شروط منح إعادة الاعتبار القضائي ….ما هي إجراءات منح إعادة الاعتبار القضائي ( المادة 426 وما بعد أصول جزائية ) .
1- يتقدم طالب إعادة الاعتبار أو محاميه باستدعاء بهذا الأمر إلى قاضي الإحالة في مركز المحكمة التي قضت عليه بالعقوبة الجنائية أو الجنحية و يحدد أن طلبه تنطبق عليه أحكام المادة 158 من قانون العقوبات ( أي إعادة الاعتبار القضائي ) ويشفع طلبه بالثبوتيات المحددة كشرط لمنح إعادة الاعتبار ( المادة 427 أصول جزائية ) و الثبوتيات هي خلاصة عن السجل العدلي ، والحكم وتقرير مدير السجل والتحقيقات الإدارية بصلاح المحكوم عليه وحسن سيرته ، بيان مصدق بوفائه للإلزامات المدنية أو إسقاط الحق الشخصي عنه .
2- يدرس قاضي الإحالة الطلب ويبدي رأيه بالموافقة أو الرفض على ضوء توفر الشروط والثبوتيات ( المادة 428 أصول جزائية ).
3- يحيل قاضي الإحالة الأوراق شاملة رأيه إلى النيابة العامة لتودعها المحكمة التي أصدرت الحكم بالعقوبة بالدرجة الأخيرة ( المادة 430 أصول جزائية ) وهي المحكمة التي يخضع حكمها للطعن بطريق النقض .
4- تحيل المحكمة الأوراق إلى ممثل النيابة العامة لأخذ مطالبته بشأن رد الاعتبار ثم تصدر المحكمة قرارها إما بقبول الطلب وإما برفضه غير مقيدة برأي ممثل النيابة العامة .
5- إذا قبلت المحكمة ووافقت على إعادة اعتبار المحكوم عليه فإنها تأمر بقرار الموافقة نفسه بأن يشرح على هامش الحكم المحفوظ في سجل الأحكام أي نسخة الحكم الرئيسية في ديوان المحكمة أن المحكوم عليه قد تم إعادة اعتباره عن هذا الحكم مع تحديد رقم وتاريخ قرار إعادة الاعتبار ( المادة 431 أصول جزائية ).
6- تقوم النيابة العامة بتبليغ قرار إعادة الاعتبار إلى دائرة السجل العدلي لشطب الحكم من سجل المحكوم عليه ( المادة 433 أصول جزائية ).
وكما يحق للنيابة العامة الطعن بالنقض بقرار المحكمة القاضي برد اعتبار المحكوم عليه إذا وجدت فيه مخالفة للشرائط القانونية فإن للمحكوم عليه أيضا الطعن بالنقض بقرار المحكمة القاضي برد طلب إعادة اعتباره .
وأما شرائط قبول إعادة الاعتبار الحكمي ( التلقائي ) ( المادة 159 عقوبات ) فهي :
1- أن تكون العقوبة المحكوم بها طالب رد الاعتبار عقوبة جنحية مانعة أو مقيدة للحرية أو غرامة جنحية .
2- انقضاء سبع سنوات على تنفيذ العقوبة الجنحية المانعة أو المقيدة للحرية .
3- انقضاء خمس سنوات على تنفيذ عقوبة الغرامة الجنحية .
4- أن لا يكون قد صدر أي حكم جزائي جديد مانع للحرية – حبس – إقامة جبرية – خلال مدة السنوات السبع بالنسبة لطالب رد الاعتبار المحكوم عليه بعقوبة مانعة للحرية أو مقيدة لها .
5- أن لا يكون قد صدر أي حكم جزائي جديد بغرامة جنحية أو بعقوبة اشد منها خلال السنوات الخمس بالنسبة لطالب رد الاعتبار المحكوم عليه بغرامة جنحية وتبدأ الخمس سنوات هنا بتاريخ أداء الغرامة المحكوم بها أو بتاريخ انتهاء مدة الحبس المستبدل عنها .
إجراءات منح إعادة الاعتبار الحكمي ( المادة 426 وما بعد أصول جزائية ):
1- يتقدم طالب إعادة الاعتبار باستدعاء بهذا الأمر إلى قاضي الإحالة في مركز المحكمة التي قضت عليه بعقوبة الجنحة ويحدد أن طلبه تنطبق عليه أحكام المادة 159 من قانون العقوبات ( المتعلقة بإعادة الاعتبار الحكمي أو التلقائي ) ويشفع طلبه بالثبوتيات وهي خلاصة عن سجله العدلي والحكم الصادر بحقه وانه من نوع الجنحة و بيان يثبت تنفيذ العقوبة أو سقوطها بالتقادم أو انه انقضت سبع سنوات على انتهاء التنفيذ أو السقوط بالتقادم ……… أو انه انقضت خمس سنوات على أداء الغرامة أو على انتهاء تنفيذ الحبس المستبدل عنها إذا كان العقوبة هي الغرامة الجنحية .
2- يدرس قاضي الإحالة الطلب ويتحقق من استيفاء طالب رد الاعتبار للشروط المقتضاة ثم يحيل الأوراق إلى النيابة العامة لبيان الرأي .
3- بعد عودة الأوراق إلى قاضي الإحالة من النيابة العامة مشفوعة بمطالبتها أو رأيها فان على قاضي الإحالة في حال توفر شروط إعادة الاعتبار الحكمي أن يصدر قراره بإجابة الطلب برد اعتبار المحكوم عليه المستدعي حكما .
4- يرسل قاضي الإحالة صورة مصدقة عن قراره برد الاعتبار إلى النيابة العامة لإيداع هذه الصورة عن القرار ديوان المحكمة التي حكمت على المستدعي بالدرجة الأخيرة بالحكم الذي تم رد الاعتبار بشأنه ……… ويقوم رئيس الديوان بعرض صورة القرار على القاضي أو هيئة المحكمة حيث تأمر فقط بتسجيل رد الاعتبار على هامش الحكم في سجل الأحكام المحفوظ بديوان المحكمة ( المادة 429 أصول جزائية ) .
وانه في حالتي إعادة الاعتبار القضائي وإعادة الاعتبار الحكمي تقوم النيابة العامة بتبليغ القرار الصادر عن المحكمة في حالة رد الاعتبار القضائي أو الصادر عن قاضي الإحالة في حالة رد الاعتبار الحكمي إلى دائرة السجل العدلي لشطب الحكم من سجل المحكوم عليه .
وأخيرا فانه إذا رفضت المحكمة طلب رد الاعتبار القضائي أو رفض قاضي الإحالة طلب رد الاعتبار الحكمي فانه لا يقبل تقديم طلب جديد إلا بعد مضي سنة على تاريخ تبليغ قرار الرفض للمحكوم عليه .
انتهت
ا

القاضي
موفق اليغشي