*- المحاماة مهنة قديمة في البلاد العربية – وفي سائر بلاد مابين النهرين – لأنها الوجه الثاني للقانون والقضاء .
*- نشأت المحاماة منذ عصور ما قبل التاريخ مابين النهرين مع ظهور المجتمع الحضاري ونشوء حضارة سومر واكاد والبابليين ثم امتدت غرباً على سواحل البحر الأبيض المتوسط لذا نشير بشكل خاص هنا إلى الحضارات الفينيقية والآشورية والى حضارة وادي النيل وكانت تقوم صلات تعامل وتبادل ثقافي بين الحضارات كما كان هذا الاحتكاك العلمي والثقافي ثابت في كل الرقم واللوحات الأثرية والنظم القديمة .
*- لذا نجد أثرا للتنظيمات القضائية والتشريع وللمحاماة بالتبعية كضرورة لاقامة العدالة في نظام متكامل .
*- وتجدر الإشارة إلى إن هذه التنظيمات امتدت إلي البلاد العربية كافة ونخص بالذكر منها اليمن .
*- ولما خضعت بلادنا لحكم روما تجذرت وبحكم التنظيم والتبادل التجاري والاقتصادي مفاهيم قانونية جديدة للتقاضي والمرافعة في بلادنا وكان لحلب النصيب الأكبر على اعتبارها مركزاًً أساسيا على خطوط القوافل التجارية وظلت تحتفظ بدورها هذا خلال حكم روما وبعده وطوال الحكم العثماني الذي حل محل دولة المماليك اللذين تمازجت نظم التقاضي لديهم مع الموروث الحضاري الشامل في البلاد العربية .
*- أن حلب بحكم موقعها هذا قد نشأ فيها أول مكتب للمحاماة وعلى يد عبد الرحمن الكواكبي الذي لاحظ أن الفساد استشرى في الدولة العثمانية وقد هبط بمستوى التقاضي إلى الحضيض لذلك قدم استقالته من عمله كرئيس لديوان المحكمة الشرعية بحلب وافتتح مكتباً للمحاماة في داره قرب المشفى الوطني الحالي بحلب وجمع كثيراً من خطباء المساجد وطلب منهم أن يشكلوا جميعاً جمعية للتحكيم تحل جميع الخلافات التي تحتاج إلى حلول قضائية فاعلن خطباء المساجد هذا الأمر ودعوا الناس في خطب الجمعة إلى حل مشاكلهم تحكيما مما أدى إلى استياء القاضي والوالي – والي حلب آنذاك – فلفقوا له تهمة سجن بها ثم نفي إلى راشياً ثم ذهب إلى مصر عن طريق فلسطين وتوفي في القاهرة عام 1901م
*- وفي العهد العثماني صدر قانون وكلاء الدعاوى (( الافوكاتية )) بتاريخ : 16/ ذي الحجة /1292هـ أي 1892 ميلادي وفق ما هو ثابت بهذا القانون في طبعته الصادرة في بيروت بمطبعة الآداب ، وقد نظم هذا القانون عمل المحامين (( الافوكاتية )) ومسؤولياتهم واجورهم
*- ثم كانت هناك عدة محاولات لتنظيم مهنة المحاماة من الحكومة العثمانية إذ اصدر السلطان العثماني إرادته السنية في ذي الحجة من سنة /1301/ للهجرة وهو قانون تنظيم طريقة اختيار من يريد العمل في المحاماة .
وبذلك كانت ولادة نقابة محامي حلب في آذار 1912 و استطاعت أن تقف على قدميها في أول عام 1913 ونشأ ت مهنة المحاماة في حلب في هذا الوقت وانتسب إلى المحاماة وفق هذا القانون كثيرون ثم انتهت الحرب العالمية الأولى وفي ظل الاحتلال الفرنسي صدر عن المندوب السامي الفرنسي في سورية والبنان بناءُ على النظام الصادر بتاريخ :8/كانون الأول /1884 عن السلطان العثماني آنذاك قرار نقابة المحامين بتاريخ :14/أيار/1921م الذي نظم شروط قبول المحامين وحقوقهم وواجباتهم واصول محاكمتهم أمام النقابة وحدد مهلة لإنشاء نقابات في المناطق الاستئنافية في البنان وسورية .
*- ولما جزء الفرنسيون سورية إلى دويلات صدر بتاريخ : 26/5/1921م القرار رقم /655/ الصادر عن المفوض السامي الفرنسي الذي قرر بموجبه تشكيل نقابات للمحامين في كل من بيروت وطرابلس ثم أعقب ذلك صدور قانون آخر عن حاكم دولة حلب العام برقم /4790/عام و/777/ خاص وسماه حاكم دولة حلب محمد كامل القدسي قانون المحامين في دولة حلب بتاريخ : 16/10/1922م .
*- ثم عدل هذا القانون المادة الأولى من القرار رقم /4790/ الصادر عن دولة حلب بتاريخ : 14/5/1921م فعرف المتخرج الذي يقبل في هيئة المحامين وإجراءات قبوله ، كما أوضح بشرح مستفيض حقوق وواجبات المحامي وطرق تأديبه وعلى اثر ذلك صدر عن المفوض السامي في :4/6/1930 م القرار رقم /2117/ تحت عنوان قانون المحاماة الجديد (( شروط مزاولة المحاماة )) وقد عدل هذا القرار بتاريخ :16/12/1931م بالقرار رقم /2775/ .
*- وعلى أثر هذا كله اجتمعت لحنة في غرفة وزارة العدل واصدرت جدولا بأسماء المحامين في كل من دمشق وحلب ودير الزور .
*- ولما انتهى الانتداب الفرنسي وفي ظل رئاسة الزعيم فوزي السلو صدر مرسوم تشريعي رقم /51/ تاريخ :13/8/1952م ألغى قانون المحاماة الصادر بقرار المفوض السامي رقم /2117/ مع تعديلاته والذي عمل به منذ :4/6/1930م .
وقد أجاز القانون رقم/51/ممارسة المهنة(إلى جانب زملائهم السوريين الاخوة الفلسطينيين ) كما أجازها لمواطني جامعة الدول العربية بشرط المعاملة بالمثل ومن أهم ملامحه انه احدث نقابات للمحامين في الجمهورية العربية السورية وهي :
أ- نقابة دمشق وتشمل محافظات دمشق الممتازة والشام- أي فرع دمشق الحالي وريف دمشق- وحمص وحماة وحوران وجبل العرب والفرات والجزيرة
ب- نقابة حلب – وتشمل معها ادلب كونها كانت منطقة تتبع حلب .
ج- نقابة اللاذقية وتشمل مدن الساحل السوري .
وكان للنقابات الثلاث مجلس مشترك ينعقد بدمشق بشكل دوري وكان لهذا المجلس المشترك الذي ترأس نقيب المحامين بحلب آنذاك الأستاذ ناظم صقال جلسته التي تقرر فيها إنشاء اتحاد المحامين العرب ( علماً أن الجهود السياسية والشخصية والاتصالات بين محامي الأقطار العربية كانت موصلة ومستمرة منذ مؤتمر بلودان وقبل ذلك بكثير ).
*- كما عمد المشرع في :17/9/1953م إلى إصدار المرسوم التشريعي رقم /57/ ونظم من خلاله خزانة تقاعد النقابات الثلاث ، ثم صدر النظام الأساسي لصندوق إسعاف المحامين بـتاريخ: 27/5/1968م
*- وظل الأمر على هذا المنوال حتى صدور القانون رقم /14/ تاريخ :22/4/1972م وفي هذا القانون تم إلغاء القانونان /51-57/ ووحدت النقابات الثلاث وجعلت للتقاعد خزانة واحدة ولباقي الأمور النقابية نظم مالية متعددة .
*- وان القانون /14/ المذكور قد صدر في ظله النظام الداخلي لنقابة المحامين الموحدة في القطر والى جانب النظام الداخلي صدرت عنه أيضا الأنظمة المالية والمحاسبية وإنشاء اللجان التعاونية والإسعاف ... الخ
*- وظل هذا القانون قيد التطبيق حتى صدور القانون رقم /39/ تاريخ :21/8/1981 باسم (( قانون تنظيم مهنة المحاماة )) والمعمول به حالياُ وبقي قانون تقاعد المحامين رقم /53/ تاريخ : 31/12/1972م معمولا به حتى الآن أيضا .
*- وهكذا استمرت نقابة حلب العريقة في ظل النقابة الموحدة على شكل فرع حلب ومازالت تقدم للمهنة كل ما تستطيع من جهود وتسهم في كل انشتطها العلمية والمهنية