![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||||
|
![]() كتاب فكرة القانون ( 1 / 2 ) مقدمة : أعده ولخصه بتصرف - الدكتور غانم الجمالي: ( كلنا شركاء ) 21/7/2006 " ناداني آنو وإنليل من أجل الشعب ورخائه باسم حمو- رابي أي الأمير الذي يخاف الله وأمرني أن أقيم العدل في الأرض وأن أقتلع جذور الشر والأشرار حتى لا يضطهد القوي الضعيف وحتى أعلو كشمش ( إله العدل أو الشمس ) فوق الرعية ذات الشعر الحالك السواد( كناية عن الجنس البشري ) وحتى أهب الأرض نورا على نور " انتهى . على الرغم من أن شريعة حمورابي ليست أولى الشرائع التي سنّها الإنسان , حيث كان قبلها قوانين عهد أوركاجينا في لاجاش 2360 قبل الميلاد وسرجون الآكادي 2300 قبل الميلاد , لكنها تشكل أول مجموعة شاملة من النصوص القانونية التي وصلت من الشرق الأدنى القديم , ويعتقد أن الإغريق هم أول من سمح للمتهم بالدفاع عن نفسه وهم أول من طالبوا بالمساواة أمام القانون , بينما عيّن الرومان خبراء للقانون وتفسيره وكان هؤلاء الخبراء للادعاء وللمتهم على حد سواء وقد ذكرت إحدى قوانينهم :" من باع سلعة عليه أن يعرض عيبها - إن وجد - أمام الجمهور وإن لم يفعل يعتبر مذنبا ولا حاجة لدليل على أنه مذنب " . بعد تحطم الحضارة الرومانية على يد البربر ظهرت القوانين الجرمانية في أوروبا وكانت تركّز على أن التعذيب ( العقاب ) هو حكم الله , ومن اللائق ذكر المقولة الشهيرة لنابليون حيث قال :" إن شهرتي لا تكمن في الأربعين معركة التي كسبتها لأن معركة واترلو قد تمحو الكثير منها ,إنما تكمن شهرتي التي ستبقى عبر التاريخ بأنني واضع القانون المدني " . ولا بد من ذكر الديانات السماوية وما جاءت به من قوانين سامية تركّز على أن العدل أساس الحكم , ففي سفر التثنية الإصحاح الأول جاء:" لا تنظروا إلى الوجوه في القضاء . للصغير كالكبير تسمعون . لا تهابوا وجه إنسان لأن القضاء لله " انتهى . وجاء في إنجيل لوقا :" لا تدينوا لئلا تدانوا.فكما تدينون تدانون , وبما تكيلون يكال لكم " انتهى . والأمثلة في القرآن الكريم عديدة :" استقم كما أمرت " , " ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله (الأعراف 86 )" , " ولا تبخسوا الناس أشياءهم ( الشعراء 183) " . لقد جاء في لسان العرب أن " قانون كل شيء , طريقه ومقياسه" , والقانون الوضعي ( البشري ) كما جاء في معجم الرائد هو مجموعة القواعد والأحكام التي يتبعها الناس في علاقاتهم المختلفة وتنفذها الدولة. أما القانون الطبيعي فهو مبدأ الخير كما يتراءى للوجدان أو ما يوافق طبيعة الإنسان . ** مدخل : ضمن سلسلة عالم المعرفة كتاب بعنوان " فكرة القانون " صدر عام 1981 للمحامي اللورد دينيس لويد عنوانه الأصلي " The Idea Of Law " , وعلى الرغم من مرور فترة زمنية لا بأس بها على صدوره , لكن ما جاء فيه أو بالأحرى الكثير مما جاء فيه لا يزال ساري المفعول من حيث القيمة والأهمية المعرفية . الكتاب ذو أهمية خاصة أيضا لأنه يبحث بكثير من الموضوعية والتحليلية القانون كفكرة وكدور في الحياة العامة , وكما لعالم الحيوان قوانينه الخاصة فإن لعالم الإنسان قوانينه أيضا والتي تختلف مشاربها من زمان لآخر ومن مكان لغيره لكن – وكما يقول المؤلف – يبقى القانون هو إحدى المؤسسات الجوهرية في حياة الإنسان الاجتماعية , لولاه لأصبح الإنسان مخلوقا مختلفا جدا عما هو عليه , وهذا ما يؤكد الدور البارز الذي يقوم به القانون في الشؤون الإنسانية عمليا وفكريا وما يزال . ومن المؤكد أن القوانين لا توجد من فراغ بل توجد جنبا إلى جنب مع مبادئ خلقية متفاوتة التجديد والتعقيد , وهذا ما يحتّم الصلة المتلاحمة بين القانون والأخلاق . 1- القانون والسلطة والقوة: ** السلطة : يقول المؤلف : " إن فكرة القانون تشتمل على ما هو أكثر من فكرة الخضوع , إنها تشمل أيضا على الالتزام الأدبي أو الواجب الأدبي للخضوع للقانون وللسلطة , إن فكرة السلطة المعترف بشرعيتها – السلطة الشرعية – تستمد الكثير من قوتها من ارتباطها بالالتزام الأدبي " , بمعنى إن أية سلطة ( الشرطي سلطة , القاضي سلطة , الحكومة سلطة ) تصبح غير شرعية لسبب من الأسباب عندما يشعر الرعية بعدم التزامهم الأدبي والأخلاقي للخضوع لهذه السلطة( بسبب الفساد أو القمع أو البطالة مثلا ) . حيث يرى المؤلف أن هنالك عقد اجتماعي بين الرعية والحكومة , عندما تلتزم الحكومة بمصلحة الرعية يكون على الرعية التزام أدبي وأخلاقي بالخضوع لسلطة الحكومة , وإلا تفقد السلطة شرعيتها ويحل العقد الاجتماعي المبرم بينهما ويحين وقت السقوط . ** القوة: يقول المؤلف :" إن من المشكوك فيه حقا معرفة المدى الذي يمكن فيه المحافظة على السيطرة بالاستناد إلى القوة الغاشمة والخوف وحدهما وبدون وجود عنصر الشرعية , علما أن القوة قد استطاعت أحيانا أن تحقق ذلك لكن ضمن أوضاع خاصة وفي فترات محددة " . هل صحيح أن القانون هو حكم الأقوى وهل صحيح أن القانون هو مجرد تلك الأحكام والقواعد التي يفرضها القسر ؟ .. يقول المؤلف:" إنه في فترات الحرب والثورة – وهي فترات استثنائية – يمكن أن يحكم المجتمع خلالها ومؤقتا بالقوة الغاشمة أو الإرهاب وحده ( كالحكم النازي لأوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية, قانون الطوارىء والأحكام العرفية ), لكن هذه الظروف الاستثنائية لا تعتبر سببا مقنعا ودائما لاعتبار القانون هو القوة مجسدة ليس إلا " , وفي هذا السياق لا يمكن أن يكون القانون مع القوة ولا الحق مع القوة ولابد للقانون أن يكون مع الأضعف قبل الأقوى ليحمي الأول من شرعة " استبداد الأقوى " ويحمي الثاني من شرعة "العصيان والثورة" وفي هذا الإطار تصبح السلطة شرعية , وهذا ما يتوافق مع أولئك الذين يناصرون فكرة أن القوة أو العنف خطأ في حد ذاتهما ,وأن القانون الذي يرتكز كليا على العنف ينتهك مبادئ الأخلاق والآداب الحقة , ويؤكد أصحاب هذه الفكرة أن القوة هي نفي أو تحطيم للقانون , وان اللجوء إلى العنف يقع خارج إطار القانون , وأنه عنصر غريب دخيل يلجأ إليه عندما يعطّل حكم القانون . 2- القانون والأخلاق : يشير المؤلف على أن الكثير من هالة الشرعية التي تحيط بسلطة القانون مرتبط بالاعتقاد بالتزام أخلاقي لطاعة القانون , والعلاقة بين القانون والأخلاق معقدة لاسيما عندما تحاول شرح كل من القانون الوضعي ( البشري ) الذي وضعه الإنسان للإنسان , والقانون الطبيعي الذي هو المفهوم الرئيسي لقانون أسمى وأعلى ينظّم ويضبط القانون الوضعي . 3- القانون الطبيعي والحقوق الطبيعية : " مرت فكرة القانونين اللذين يرتكز أحدهما على السلطة البشرية وحدها والثاني الذي يرتكز على الأصل الإلهي أو الطبيعي , مرت بتاريخ طويل ومتغير وما تزال تتمتع بالحيوية ذاتها حتى الآن .. " ويؤكد المؤلف :" أن القانون الوضعي تطور كثيرا مع التطور العلمي والتكنولوجي الكبيرين , حتى أن كثيرة هي الحالات التي رفضت فيها فكرة القانون الطبيعي , لكن الاضطرابات والثورات والحروب والأعمال الوحشية التي ارتكبت – وترتكب – في العصر الحديث والتي ارتبطت ارتباطا وثيقا في أذهان الناس مع التطور العلمي والتكنولوجي الذي بدوره قدم الطغيان الفظيع والظلم أكثر مما قدم السعادة للبشرية والعدل ( مثاله ما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان وغيرها كثير ) , كل ذلك أدى إلى إحياء فكرة القانون الطبيعي في الأذهان " . 4- القانون الوضعي : في مسيرة المقارنة والمقاربة بين القانون الوضعي والطبيعي يقدم الكاتب توضيحا وتمييزا واقعيا حيث يقول :" القانون الوضعي يضع مقاييس أو معايير لسلوك المواطنين أو الموظفين ويبيّن عادة العقوبة التي يجب أن تفرض ( كأمر قانوني ) إذا ما خولف أي نص من نصوص القانون , والقانون يختلف عن المعايير الأخلاقية من حيث أنه يستلزم التقيد به بانتظام لأنه لا يمكن أن يرقى إلى مستوى القانون أو أن يعتبر قانونا إذا خلا من هذا العنصر الرئيسي أي عنصر الالتزام , بينما القاعدة الأخلاقية موجودة وسارية المفعول حتى وإن لم يلتزم أو يتقيد بها ". مثال ذلك , تلك القاعدة الأخلاقية والسارية المفعول دائما والتي تقول أنه يجب أن نحب ونحترم جارنا ( إلى سابع جار ) فهي قاعدة موجودة حتى وإن لم نتقيد بها , أو أن نقول (النظافة من الإيمان ) فهي أيضا قاعدة أخلاقية موجودة دائما حتى وإن لم نلتزم باتباعها , بينما قانون محاربة الفساد والرشوة مثلا فهو قانون وضعي لا يعتبر موجودا إن لم نتقيّد به ونلتزم بتطبيق بنوده أو إذا حجّب وعلّب بطريقة ما , فهو موجود حينما يتقيد به ويلتزم ببنوده فقط , وإلا فهو كأنه لم يكن . لكن يجب أن ننوه هنا أن الكثير من القوانين الوضعية وبعض القوانين الإلهية كالحدود ( التي تحتوي على عقوبة آنية كما في الإسلام ) جاءت ليست بالضرورة لغاية التطبيق فقط , بل لغاية الردع أيضا . 5- القانون والعدل : يؤكد المؤلف أن القانون يحتاج إلى أن يرتبط بقيم يؤمن بها المجتمع الذي يطبق عليه القانون , وهذه القيم مختلفة من مكان لآخر ومن زمان لآخر , ثم يوضح كيف يمكن تعديل القانون حسب القيم الأكثر رقيا التي يؤمن بها مجتمع ما حتى يصبح القانون الوضعي متفق مع تلك القيم التي يعتبرها المجتمع الأنبل و الأكثر رقيا . يقول المؤلف :" القانون يجب أن يكون رديفا للعدل , حيث أن العدل قيمة بحد ذاته وهذه القيمة هي تعبير فردي عن الكفاح العام أو الإرادة العامة نحو العدالة ", وهنا ظهر واضحا ربط القانون بالعدل عن طريق القيم التي يحتاج لها القانون , تلك القيم التي يؤمن بها مجتمع ما وعلى رأسها العدل . 6- الحرية والقانون : قد يبدو في الوهلة الأولى أن هنالك تناقض بين الحرية والقانون , إذ أن هذا الأخير هو أداة لتوجيه النشاط الإنساني ووضع القيود عليه , فكيف يستقيم ذلك مع الحرية ؟ يجيب المؤلف :" إن الكبح أو الضوابط لا تعتبر تعديا على الحرية , فالقانون يقيد الاعتداء على الجسد , ولولا هذا المنع لما أمكن لأي مجتمع بشري أن يستمر , لأن المجتمع سيفتقر إلى أدنى درجة من الأمن الذي بدونه سيكون كل تفكير في المستقبل عبثا . من هنا فإن كابحات من هذا الطراز تمارس دورا مهما في ضمان حرية المجتمع . ويشير الكاتب إلى أن المجتمع المنفتح هو الذي يترك المجال واسعا للقرار الفردي حيث يتحمل الفرد المسؤولية , وهذا عكس المجتمع المنغلق الذي يكبح فيه القرار الفردي والحرية الفردية . يميّز المؤلف نمطين من الحرية , الحرية السلبية والحرية الإيجابية ويقول في الحرية السلبية:" تعني تنظيم نمط المجتمع يرافقها وجود ضوابط وقيود تفرض على الفرد لصالح المجتمع , لكن يبقى هنالك ميدان واسع للاختيار الفردي والمبادرة بما ينسجم مع المصلحة العامة . بينما الحرية الإيجابية:" هي إعطاء الفرد الحد الأقصى من الفرص لتحقيق الذات ودور القانون هنا هو الاعتناء بالسلوك الخارجي لا بالحالة الداخلية للتطور الروحي للمواطن الذي يخضع للقانون " . ..........يتبع
آخر تعديل المحامي ناهل المصري يوم 10-11-2009 في 11:09 PM.
|
|||||
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
S.O.S أنقذونا أوراحنا في خطر | المحامي حازم زهور عدي | سوريا يا حبيبتي | 1 | 04-02-2011 10:46 PM |
سلطة قاضي الإحالة و قناعته في تقديره للوقائع و الأدلة و ما هي رقابة محكمة النقض عليها من خلال الاجتهادات القضائية : | المحامي منير صافي | تعليق على اجتهاد | 2 | 18-11-2010 01:50 PM |
حقيقة مفهوم خاتم الأنبياء | ماهر المعاني | حوار مفتوح | 17 | 26-12-2006 07:20 PM |
*************** زنا *************** | المحامي حيدر سلامة | أهم الاجتهادات القضائية السورية | 0 | 30-11-2006 10:30 AM |
حكم الأبنية بين الشريعة والقانون | د.ياسين الغادي | أبحاث في الفقه الإسلامي | 0 | 26-04-2006 01:15 PM |
![]() |