شروط التخفيف والإعفاء الصريحة
- الإعفاء الصريح من ضمان العيوب الخفية
قد يتفق المتعاقدان بعبارات صريحة على إعفاء البائع من ضمان العيوب الخفية، كما قد تفيد هذه العبارات عدم مسئولية البائع عن أي عيب يظهر في المبيع. بالرغم من ندرة هذه الصورة من صور الاتفاق إلا أنها ليست مستبعدة. غالباً ما نجد هذه الشروط الصريحة بالإعفاء من الضمان في بيوع الأشياء المستعملة، كذلك في في عقود بيع البضائع التي يتم تصنيعها يدوياً أو في ورش صغيرة و كذلك بيع أجهزة الكمبيوتر. أيا ًما كان مدى هذه الشروط، فإنها تعد صحيحة وفقاً للقواعد العامة، إلا أن هذه الصحة ليست مطلقة لأن المشرع الفرنسي قيدها بعدم ارتكاب البائع غشاً أو خطأً عمدياً أو جسيماً، كما قيدها المشرع المصري بعدم ارتكاب البائع للغش. هذه الشروط تعتبر استثناءا عن الأصل الذي وردت به نصوص التشريع بإلزام البائع بضمان العيوب الخفية، لذلك فإن القضاء يلتزم بتفسيرها تفسيراً ضيقاً في حدود ما تسمح به العبارات التي وردت به.
*
- الشرط الصريح بالإنقاص من ضمان العيوب الخفية
هذا النوع من الشروط يتكرر كثيراً في عقود البيع، فغالباً ما يرد في هذه العقود شرط واضح و صريح بالإنقاص من التعويض المستحق للمشتري عند ثبوت وجود عيب خفي في المبيع. وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الشروط الصريحة بإنقاص الضمان تعد صحيحة في ظل النص الصريح بالتشريع المدني المصري، و لا يؤثر في صحة هذه الشروط أن تكون قد وردت في معاملات أحد أطرافها بائع أو منتج محترف. إلا أن القضاء الفرنسي قد تنبه إلى أن صفة الاحتراف في البائع أو المنتج تعد قرينة على علمه بالعيب مما يعني افتراض سوء نيته و بالتالي إبطال شروط إنقاص الضمان.
· على الرغم من أن بعض صور شروط إنقاص ضمان العيب الخفي قد ترد في شكل تحديد مبلغ التعويض بنسبة معينة من الضرر إلا أنه يجب ألا نخلط بين هذه الصورة و بين الشروط الجزائية. فبينما يتم تقدير التعويض في الشروط الجزائية مقدماً و بشكل جزائي، فإن تقدير التعويض في شروط الإنقاص من ضمان العيب الخفي لا يمكن أن يتجاوز مقدار الضرر الذي يلحق بالمدين، و على ذلك فإن المبلغ المحدد مسبقاً في شروط إنقاص الضمان ليس إلا حداً أقصى و سقف لا يمكن تجاوزه في حساب التعويض، أما في الشرط الجزائي فإن المدين يلتزم بدفع المبلغ المحدد مقدماً و بغض النظر عن القيمة الحقيقية للأضرار الناجمة عن الإخلال بالالتزام التعاقدي.
*
- شرط بيع الشيء تحت مسئولية المشتري
· يؤدي هذا الشرط إلى إسقاط حق المشتري في الرجوع على البائع بدعوى ضمان العيوب الخفية، ذلك أن المشتري بموجب هذا الشرط يعتبر قد قبل بالمبيع بالرغم من احتمال وجود عيب.
· يعتبر هذا الشرط صحيحاً وفقاً للمادة 453 مدني مصري، و يجب العمل بمقتضاه طالما أنه ورد بصراحة و لم يكن البائع قد تعمد إخفاء عيوب المبيع أو أرتكب غشاً في التعاقد.
· و قد قال بعض الفقه الفرنسي بصحة هذا الشرط قياساً على ما نص عليه التقنين المدني الفرنسي من جواز البيع تحت مسئولية المشتري في ضمان الاستحقاق.
· الحقيقة أن هذا الاتجاه الفقهي يعتبر اتجاها متشدداً من جانب الفقه الفرنسي الذي لا تسمح نصوص القانون المدني فيه بالإعفاء من ضمان العيوب الخفية في الحالات التي يعلم فيها البائع بوجود العيب. لذلك، فإن بعض الفقه الفرنسي يعتبر أن هذا الشرط، و هو من الشروط التعسفية يجب أن يعتبر باطلاً في جميع الحالات التي يتم فيها التعاقد بين محترف و غير محترف، نظراً لأن البائع يعتبر قد ارتكب تدليساً بكتمانه عيوب المبيع مما ينفي عن الشرط أحد شرائط الصحة التي تطلبها المشرع الفرنسي.
*
شرط البراءة من العيب في الفقه الإسلامي
يتشابه شرط البراءة من العيب في الفقه الإسلامي مع شرط الإعفاء أو التخفيف من ضمان العيوب الخفية في المبيع في أن كليهما يهدف إلى إسقاط أو تحديد الضمان باشتراط عدم مسئولية البائع أو تقييدها بشأن العيوب التي تظهر في المبيع كلها أو بعضها. و يعد من قبيل شرط البراءة من العيب أيضاً، اشتراط البائع شراء المشتري ساقط الخيار.
*
الاتجاهات الشرعية
- الأخذ بشرط البراءة بصفة مطلقة: هذا ما ذهب إليه مذهب الإمام أبي حنيفة و أحد أقوال الشافعي، و يرى أصحاب هذا الاتجاه الأخذ بإطلاق شرط البراءة من العيب ليشمل جميع أنواع العيوب في المبيع، ظاهرها و باطنها و سواء علم به البائع أم لم يعلم.
*
- منع اشتراط البراءة من العيوب: هذا ما قال به الشافعي في أحد قوليه، و قد أحتج أنصار هذا المذهب بما يؤدي إليه هذا الشرط من غرر ظاهر لأن المشتري لا يعلم مقدار النقصان الذي سوف يحدث في القيمة بسبب العيب و قد نهى الرسول عن بيع الغرر.
*
- جواز اشتراط البراءة من نوع واحد من العيوب: يذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى جواز اشتراط البراءة من نوع واحد من العيوب، و هي تلك التي توجد في المبيع وقت التعاقد دون غيرها من العيوب التي تحدث بين العقد و القبض أو تلك التي تحدث بعد القبض، و حجة أنصار هذا الرأي أن الشرط يرد على ما هو ثابت فلا يدخل فيه العيب الحادث.
*
الصور غير المباشرة من شروط تعديل ضمان العيب الخفي
الأشكال غير المباشرة لشروط التخفيف
- شروط تحديد مدة الضمان
شروط تحديد مدة الضمان في القانون المصري
نص القانون المدني المصري على أن دعوى الضمان تسقط بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع و لو لم يكتشف المشتري العيب بعد ذلك، ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول. ويتضح من هذا النص أن المشرع قد حرص على أن تتسم مدة رفع الدعوى بالقصر احتراما لاستقرار المعاملات و تسهيلاً للإثبات الذي يتعسر و تزيد صعوبته مع مضي الوقت. والمدة التي حددها المشرع المصري هي مدة تقادم، و يعني ذلك أنها تخضع للقواعد التي نص عليها المشرع بشأن الوقف والانقطاع، كما أنه يمكن للبائع أن يتمسك بها في حالات الغش و سوء النية.
*
شروط تحديد مدة الضمان في القانون الفرنسي
نص القانون المدني الفرنسي على أن المشتري لن يتمكن من الاستفادة من الضمان إلا إذا قام برفع الدعوى خلال مهلة قصيرة من الزمن منذ وقت الشراء، و لقد درج القضاء على رفض الدعاوى إذا أثبت البائع أن المشتري قد أهمل في رفع دعواه لمدة زمنية غير قصيرة.
والمدة القصيرة هذه ليست فقط شرطاً لرفع الدعوى عن عيوب المبيع البحتة، و إنما يتعلق بها رفع أي دعوى عن الأضرار التي تنجم عن وجود هذا العيب سواء أكانت جسدية أم متعلقة بالأموال و الممتلكات.
وقد اختلف الفقه في فرنسا في تكييف هذه المدة القصيرة بين من يرى أنها مدة تقادم و بالتالي تعرف نظامي الوقف و الانقطاع، و بين من يرى أنها مدة سقوط، و هي لا تتيح للمشتري هذه الميزة.
إثبات الذي يتعسر و تزيد صعوبته مع مضي الوقت. والمدة التي حددها المشرع المصري هي مدة تقادم، و يعني ذلك أنها تخضع للقواعد التي نص عليها المشرع بشأن الوقف والانقطاع، كما أنه يمكن للبائع أن يتمسك بها في حالات الغش و سوء النية.
*
ويثور التساؤل عن صحة أتفاق البائع مع المشتري على إنقاص مدة رفع الدعوى
ذهب فريق من الفقه إلى عدم جواز تقصير مدة رفع الدعوى لأنها مدة تقادم، و قد منع المشرع الاتفاق على تحديد مدد التقادم بمدد مختلفة عن المدد التي يعينها القانون. كذلك فإن صراحة نص المادة 452 بإجازة إطالة مدة التقادم يعني أن المشرع يرفض تقصير هذه المدة، ذلك أنه لو كان يريد السماح بتقصير هذه المدة لأورد في ذلك نصاً صريحاً كما فعل بالنسبة للاتفاق على الإطالة. في المقابل ذهب فريق آخر من الفقه إلى جواز الاتفاق على تقصير مدة رفع الدعوى استنادا إلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني و التي ورد فيها أن : "ما تقدم من أحكام الضمان ليس من النظام العام، فيجوز الاتفاق على زيادة الضمان أو على إنقاصه". كذلك فإنه إذ أجاز المشرع إسقاط الضمان كلية، فإنه من باب أولى يسمح للمتعاقدين بإسقاط الضمان جزئياً من خلال تقصير مدته.
ونحن نعتقد في صحة الرأي الأول نظراً لأن مدد التقادم تتعلق بالنظام العام، كما أن ما يدعيه البعض من أن السياسة التشريعية تهدف إلى تقصير مدة التقادم تحقيقاً لاستقرار المعاملات لا ينبغي أن يكون مبرراً لتجاوز المدة القصيرة التي عينها المشرع قاصداً بذلك أن تكون حداً حاسماً رأى فيه ما تتحقق به سياسته.
*
الاتفاق على إنقاص مدة رفع دعوى الضمان
لم يرد في القانون الفرنسي أي نص يفيد بشكل صريح جواز الاتفاق على إنقاص مدة رفع دعوى ضمان العيب الخفي مما أدى إلى خلاف بين الفقهاء. وذهب البعض إلى جواز إنقاص المدة القصيرة التي نص عليها القانون بالقياس من باب أولى على قابلية الضمان للتعديل بالإنقاص أو الإعفاء. و ينظر هذا الاتجاه إلى المدة القصيرة على اعتبار أنها ليست متعلقة بالنظام العام، إذ لا يستطيع القاضي أن يرفض الدعوى من تلقاء نفسه لرفعها بعد مضي مدة طويلة، و أن رفض الدعوى يقتضي أن يطلب ذلك البائع باعتباره صاحب المصلحة. ويذهب فريق آخر من الفقه إلى معارضة الاتفاقات على تقصير المدة، باعتبارها متعلقة بالنظام العام، و في ضوء هذا الاتجاه فقد جاءت بعض أحكام القضاء بأن تحديد مدة الضمان في العقد لا يعني بالضرورة أن ينقضي الضمان بانقضاء هذه المدة.
وإذا كان القضاء الفرنسي قد رفض هذا الشرط في بعض الحالات، فإنه قد قبله في حالات أخرى، مما يعني أن هذه الصورة من صور تحديد الضمان تحتاج إلى تدخل المشرع بالنص صراحة على بطلان اتفاقات إنقاص مدة رفع الدعوى.
*
- شروط تحديد الضمان باستبدال الأجزاء التالفة
تعد شروط تحديد الضمان بإصلاح عيوب المبيع أو استبدال الأجزاء التالفة من أبرز صور الشروط التي تحمل مزايا ظاهرة للمشتري بينما هي تمثل تقييداً مستتراً للضمان. فقد يبدو مناسباً للمشتري أن يقتصر الضمان على استبدال الأجزاء المعيبة بأخرى سليمة خلال مدة محددة، على أن هذا الشرط يحمل في طياته إعفاءاً للبائع من أجور الإصلاح و مصاريف تركيب الأجزاء التالفة محل الاستبدال و هي مصاريف و نفقات غالباً ما تزيد قيمتها على قيمة المكونات التالفة، كذلك فإن هذه الشروط قد تعني أن الضمان لا يشمل ما يستجد من عيوب بأجزاء المبيع بعد انتهاء المدة المحددة. و قد يكون الشرط مزيجاً من إنقاص مدد رفع دعوى الضمان و قصره على استبدال الأجزاء التالفة على النحو السابق بيانه.
*
مدى صحة شروط استبدال الأجزاء التالفة في مصر
بالرجوع إلى القواعد التي تحكم الضمان في القانون المصري نجد أن المشرع يسمح بهذا الاتفاق، طالما أن البائع لم يرتكب غشاً و لم يتعمد إخفاء العيب.
*
مدى صحة هذا الشرط في القانون الفرنسي
مع أن الأصل في ظل النظام القانوني الفرنسي هو صحة الشروط الاتفاقية بتحديد ضمان العيوب الخفية إلا أن الحرية التعاقدية قد خضعت لكثير من القيود القانونية و القضائية. و نلاحظ بصدد شرط استبدال الأجزاء التالفة في المبيع مقاومة خاصة من القضاء الفرنسي فإذا كان يتحقق للمشتري من هذا الشرط مزية إعادة المبيع إلى الحالة التي يصلح معها للاستخدام أو استبداله، إلا أنه يتضمن في ذات الوقت تحديداً غير مقبول لالتزامات البائع الأخرى و من أهمها التزامه بتعويض المشتري عن الأضرار المادية أو الجسدية الناجمة عن العيب.
و لقد دفعت هذه الانتقادات بالقضاء الفرنسي إلى عدم الاعتداد بمثل هذه الشروط مستنداً إلى عدم جواز تعطيل هذا الضمان الإتفاقي للضمان القانوني، لذلك فقد ذهبت الدائرة التجارية في محكمة النقض الفرنسية إلى تعويض الشركة المشترية للرافعة التلسكوبية عن الفترة التي اضطرت فيها إلى التعطل بسبب إصلاح العيوب الخفية فيها بالرغم من وجود شرط بضمان إصلاح الرافعة يقتضي إعفاء البائع من التزامه بالتعويض.
و بالرغم مما يمثله الموقف السابق للقضاء من تعد للحدود و المبادئ المتعارف عليها في التفسير، إلا أنه لن يقوى على تنحية الشروط التي ترد فيها عبارات استبعاد أي جوانب أخرى للضمان و التي ترد فيها عبارات واضحة بعدم التزام البائع بأي تعويضات أخرى، لأنه لا محل للتفسير في مواجهة عبارات واضحة، كما أن القضاء بعكس ما ورد في الشرط الاتفاقي سوف يعتبر مهدراً لمبادئ حرية التعاقد و سلطان الإرادة.
*
الصور غير المباشرة من شروط الإعفاء من الضمان
- أولاً: ورود شرط الإعفاء من الضمان في مستند منفصل عن الوثيقة التي يتم التوقيع عليها
إذا أخذنا على سبيل المثال الوثيقة التي يرد فيها شرط الإعفاء من الضمان لوجدنا أن المكان الذي ورد فيه هذا الشرط يؤثر بدرجة كبيرة على علم و رضاء المشتري بالصفقة، نظراً لأنه في الغالب الأعم لا يلتفت إلى المستندات الأخرى. لذلك نجد أن القضاء الفرنسي قد تدخل لحماية المشترين من هذه الشروط فرفض الاعتداد بالشروط الواردة في المستندات المنفصلة عن الوثيقة التي وقع عليها المشتري. على أن موقف القضاء الفرنسي ليس مستقراً في هذا الشأن فهناك من الأحكام من يقبل بمثل هذه الشروط طالما كان بإمكان المشتري الإطلاع عليها، كما أن هذا المسلك القضائي قد تعرض للانتقاد من بعض الفقه.
*
- ثانياً: الشرط الخاص ببيع الشيء بالحالة التي يوجد عليها وقت البيع
يرد هذا الشرط عادة في بيوع الأشياء المستعملة، وبموجبه لا يلتزم البائع بإصلاح العيوب التي تظهر في المبيع بعد تسليمه و لا يلتزم بتعويض المشتري عن أي ضرر يصيبه نتيجة ظهور مثل هذه العيوب. ويعتبر هذا الشرط صحيحاً في ظل القانون المصري طالما أن البائع لم يرتكب غشاً و لم يتعمد إخفاء العيب.
أما في فرنسا فقد ذهب القضاء إلى القول بصحة هذا الشرط بحسب الأصل و لكنه رفض إعماله حينما تتوافر في المشترط صفة الاحتراف مستنداً في ذلك على قرينة قضائية مقتضاها افتراض علم البائع المحترف بالعيب الخفي و إفتراض سوء نيته عند فرض مثل هذه الشروط. و يذهب القضاء الفرنسي في بعض الأحكام إلى رفض إعطاء أي أثر لهذا الشرط حينما يرد تحت صياغة "بيع الشيء بالحالة التي يوجد عليها" حيث أن الشرط لا يضيف جديداً طالما أن كل مبيع يباع بالحالة التي يوجد عليها وفقاً لنص القانون بوجوب تسليم المبيع بالحالة التي وجد عليها وقت البيع. و لا يعني هذا التفسير القضائي انعدام فائدة هذا الشرط و إهدار قيمته، بل إنه يفيد في بيوع السلع المستعملة، حيث يعتبر أن البيع قد تم وفقاً لحالة الاستعمال في الشيء و بالتالي فلا يستطيع المشتري أن يطالب بالضمان عن العيوب الناتجة عن الاستعمال العادي للشيء في الفترة السابقة على البيع.
*
- ثالثاً: شروط عدم ضمان الملحقات
·قد يرد في عقود البيع شرط يهدف إلى إعفاء البائع من ضمان العيوب الخفية التي تظهر في الملحقات. فنجد في بعض عقود بيع السيارات شرط بإعفاء البائع من ضمان الملحقات كالإطارات و البطارية و مساحات الزجاج.
*
وبصدد هذا النوع من الشروط فلنا ملاحظتان:
- أن الفقه والقضاء قد استقرا على صحة هذه الشروط طالما أنها تتعلق بملحقات المبيع ذات الاستخدام المحدود أو الغير مؤثر في صلاحية المبيع و من ذلك على سبيل المثال ماسحات الزجاج و الإضافات الكمالية في السيارات.
- أن صحة شروط الإعفاء من الضمان في ملحقات المبيع تعني في ذات الوقت امتداد الإعفاء إلى ما ينتج عن هذه العيوب من أضرار، فإذا ترتب عن سوء تصنيع ماسحات الزجاج انعدام الرؤية في حالة هطول الأمطار و حدوث حادث، فإن ذلك يعني انسحاب الإعفاء من الضمان إلى الأضرار الناجمة عن هذا الحادث.
و يبين مما سبق بيانه مدى خطورة هذه الشروط و عدم كفاية نظمنا القانونية لمقاومتها، فمن الملاحظ أن تحديد الملحقات لا يخضع لمعيار موضوعي دقيق و إنما يكون هذا التحديد تحكمياً من قبل البائع أو المنتج، و يمثل ذلك تهديداً خطيراً لمصالح المشترين ممن لا تتوافر لهم الخبرة الفنية و العلم القانوني. كذلك فإن هذا الشرط يحتل مكاناً خاصاً في النظامين القانونيين المصري و الإماراتي حيث لا تتوافر القرينة القضائية على علم البائع المحترف بالعيب و بالتالي عدم إمكان افتراض سوء نيته.
*
- رابعاً: وضع التزامات إضافية على عاتق المشتري من شأنها إعفاء البائع من الضمان
يعلق بعض البائعين التزامهم بضمان العيوب الخفية على احترام المشتري لبعض البنود الإضافية التي يفرضونها عليه عند التعاقد، ومن أكثر هذه البنود شيوعاً ما يشترطه البائعون على المشتري بتعبئة وإرسال نموذج معين يكون البائع قد سلمه له مع السلعة على أن يوضح المشتري في ذلك النموذج طبيعة العيب ووقت ظهوره وغير ذلك من التفصيلات والبيانات. كذلك فقد يشترط البائع على المشتري أن يراجعه بصفة دورية ليتم فحص المبيع وإصلاحه إن كان به عيب من العيوب. وفي ظاهر الأمر فإن مثل هذه الشروط تمثل أهمية كبرى بالنسبة للبائعين من الناحية العملية. فبالإضافة لما قد يمثله رجوع المشتري إلى البائع أو المنتج نفسه من متابعة فنية لعمليات الإنتاج و التطوير، فإن هذه الالتزامات تسمح بمنع تدخل أي شخص غير معتمد من قبل البائع في مراجعة المبيع بما قد يحدث عيوباً لا يمكن تحديد وقت حدوثها أو مصدرها. أما الجانب الذي لا يظهره البائع، فهو رغبته في احتكار إصلاح المبيع بما يعنيه ذلك في أغلب الأحيان من تحصيل لبعض الرسوم الإضافية على عيوب قد يدعي البائع أنها تخرج عن الضمان.
ويصل الأمر بهذه الشروط في كثير من الأحيان إلى تعليق التزام البائع بضمان عيوب المبيع على قيام المشتري بهذه الالتزامات، مما يعني أن البائع يشترط بشكل مستتر إعفاؤه من الضمان لمجرد إخلال المشتري بالتزام ثانوي. ولقد تنبهت لجنة الشروط التعسفية الفرنسية لمثل هذه الحالات و أوصت بمنع البائعين من وضعها ضمن بنود التعاقد واعتبرت أن كتابتها في العقود تعد دليلاً على سوء نية البائعين خصوصاً إذا كانت بغير مبرر فني حقيقي و لا تهدف إلى تحقيق مصلحة المشترين. كذلك فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بعدم الاعتداد بمثل هذه الالتزامات لإيقاف الضمان أو الإعفاء منه، و سمحت للمشتري بالحصول على المزايا التي يوفرها له الضمان القانوني للعيوب الخفية في المبيع كما قرره المشرع حتى في الحالات التي يكون قد خالف فيها الشرط الذي يمنعه من اللجوء إلى جهات إصلاح أخرى غير محطات الخدمة الخاصة بالبائع.