رحب المواطنون و ثمّنوا عالياً قوانين الإيجار الجديدة ، و اعتبروها خطوة إلى الأمام وفرت على القضاء آلاف الدعاوى ، و جعلت العلاقة بين المؤجر و المستأجر واضحة و عادلة ، و لا مجال لحصول نزاعاتٍ بشأنها.
كما أنها حسمت ظاهرة تسطير عقدين ، واحد للجهات الرسمية ، و الآخر سرّي و يتضمن شروطاً خاصة هدفها الهروب من تطبيق القانون.
لكن :
بعض العاملين في المحافظة و مديرية مالية دمشق قاموا بحسن نية على الأغلب بإصدار تعليمات و إلزام طرفي عقد الإيجار باتباع خطوات تتنافى مع المرونة التي ابتغاها المشرع على سبيل المثال:
أولاً: أصدر مجلس محافظة دمشق قراراً حدد فيه مواصفات العقار القابل للتأجير لمهن تجارية أو فكرية ، و لم يفرق هذا القرار بين محلات الشاورما و الفلافل و البقاليات و بيع اللحوم والصيدليات و بين مكاتب الشركات التجارية السورية و مكاتب فروع الشركات الأجنبية التي لايقصدها الزبائن بسبب شهرتها في تأمين سلعٍ جيدة و رخيصة ، و لايدخلون إليها بالمصادفة ، لأنها لا تتعامل مع الجمهور ، بل مع عملاء محدودين يقصدونها من أجل إبرام عقود للإستيراد أو التصدير ، أو للتعرف على خدماتها و منتجاتها . ويقيم فيها المدير و عدد من الموظفين المختصين.
إن المكتب التجاري يختلف كلياً عن المتجر ، لكن قرار مجلس المحافظة ساوى بين الجميع بحيث أصبح على هذا النوع من الشركات استئجار محلات عامة على الطريق حتى تأخذ الصفة التجارية ... و ياويل المؤجر الذي يؤجر طابقاً في مبنى مكتباً لشركة ، و ياويل الشركة التي لاتجد مكتباً لأن المالكين يمتنعون عن التأجير إلا بهدف السكن العائلي، خوفاً من العقوبات التي لا ترحم إن قاموا بالتأجير لشركة من النوع المذكور أعلاه.
ثانياً: أوجب قانون الإيجار الجديد تسجيل العقود التي تتم وفق أحكامه لدى المحافظة ، لكن الموظفين المختصين في المحافظة أصبحوا أوصياء على شكل العقد و شروطه و أحكامه ، و يطلبون دون مبرر أخذ موافقة وزارة المالية و حضور الأطراف و الإصطفاف بالدور.
ثالثاً: يتحول مفتشو المحافظة في الأحياء السكنية ، و يهددون و يتوعدون أصحاب المكاتب التجارية بفرض الغرامات و الختم بالشمع الأحمر ... الخ من الإستفزازات التي لا تليق ببلدنا و خاصة حين يتعلق الأمر بمكاتب الشركات الأجنبية التي جذبها مناخ الإستثمار الإيجابي للعمل في سوريا.
رابعاً: هذا الجو غير الطبيعي رفع أسعار الإيجار للمكاتب التجارية كما أفسح المجال للسماسرة والوسطاء للإبتزاز .
لذا : نرجو وضع حدٍ لهذا الشطط و الطلب من الموظفين التقيّد بالقانون و تعديل قرار مجلس المحافظة بشأن المهن الفكرية و التجارية ليكون منسجماً مع الواقع ، و ذلك بالتفريق بين مكاتب الشركات التجارية و المحلات التجارية انسجاماً مع التعاريف الواردة في قانون التجارة السوري.