![]() |
|
![]()
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() كتب الأستاذ المحامي نذير سنان : ما الضمانات التي تضمن للقضاء الإداري استقلاله عن رئاسة مجلس الوزراء؟ هل يحق لأي مسؤول في الدولة أن يمتنع عن تنفيذ قرار صدر باسم الشعب؟ أولا - نشأة القضاء الإداري: انبثق هذا القضاء من مبدأ تفريق السلطات في فرنسا في (1872), مع العلم أن مبدأ تفريق السلطتين التشريعية والتنفيذية ظهر في الثورة الفرنسية, إلا أن بذوره بدأت منذ القرن السادس عشر, وفي عام (1790) صدر القانون المتعلق بتنظيم القضاء وقد نص على عدم اختصاص القضاء النظر في الدعاوى ضد الهيئات الإدارية باعتبارها تابعة للملك وليس للمحاكم. إن أول من نادى بتفريق السلطة الإدارية عن السلطة القضائية هم الثوار الفرنسيون ومنها نشأ مبدأ تفريق السلطات. تاريخ مجلس الدولة من حيث الوظيفة : أسس نابليون الأول مؤسسة مجلس الدولة وجعل منه هيكلا مزدوجا , فهو من ناحية هيكل حكومي يساهم في عمل السلطة التنفيذية (وهي الأقسام الإدارية الاستشارية في مجلس الدولة) ومن ناحية أخرى فهو هيكل قضائي تام انطلق في عام (1872) مما نجد معه ازدواجية في الوظيفتين (أو) مهمة كل قسم وكان لهذه الازدواجية أثر في تنظيم المحاكم الإدارية ما أدى إلى فرض تصنيف خاص حيث تم تقسيم القضاء الإداري إلى أصناف متعددة وهي: 1- الفصل في المنازعات القضائية الكاملة: يعمل القاضي بهذا المجال كسائر القضاة في القضاء المدني, ينظر في الواقع والقانون ويرد الحقوق إلى مستحقيها كاملة فيلغي ما تعين إلغاؤه, ويبدل ما يجب تبديله, ويلزم, ويغرم... أي أن له قول الحق كاملا بين كافة الأطراف بشكل متساو , ولابد لنا من تحديد عمل كل صنف من القضاء: الصنف الأول- القضاء الكامل: العقود - المسؤولية التقصيرية - الرواتب والأجور - المنح - الأملاك الخاصة والعامة - والرسوم والضرائب وقد سماه علماء القانون الإداري ومنهم الأستاذ الفرنسي لافريار - Laferriare - في كتابه (حول القضاء الإداري والطعون) ويسمى هذا النوع من المنازعات القضاء الحقوقي .Contentieux des droits الصنف الثاني - قضاء الإلغاء: القاضي (قضاء ناقص). أي أنه لا يسعه أن يبدل شيئا في القرار محل الطعن (المعترض عليه) - لأنه قرار أحادي - صادر عن الإدارة - فيقتصر دور القاضي على (الإلغاء) أو (النقص) دون أن يتدخل في الوقائع ولا في تقييم أعمال السلطة التقديرية العائدة للإدارة. الصنف الثالث - قضاء التأويل أو التقدير القانوني في شرعية القرار الإداري - محل النزاع. الصنف الرابع - يقوم بالتتبعات وتقويم الإجراءات التي تقوم بها الإدارة ضد كل شخص اعتدى / أو نال / أو قصر في صيانة الأملاك العامة شاملا (الصناعية) أو (الطبيعية). ثانيا : التنظيم القضائي الإداري في سورية: لابد لنا ونحن نبحث في قانون مجلس الدولة النافذ في سورية, أن نستعيد ونقرأ تاريخ السلطة القضائية الإدارية في سورية منذ عام (1918) حتى عام (2005) وتطور أعمالها ومهمتها للوصول إلى ما يستوجب تعديله في قانون السلطة القضائية الإدارية بما يتوافق مع الواقع الجاري, والحياة العملية ليكون أساسا تستند إليه الحكومة والمتعاملون معها بما يحقق التوازن والعدالة فيما بينهما مؤكدا على أن الفائدة من دراسة تاريخ مجلس الدولة هي الوصول إلى تحسس مواضع الخلل والقصور فيه الناشئة عن عدم توافق نص قانون مجلس الدولة مع مستقبل سورية لنصل إلى ما يستدعي العمل على الآتي: أ- تعديل هذا القانون. ب- دعم مجلس الدولة ماديا وعلميا . ت- تحديد أسس جديدة لاختيار أعضائه. ث- إحداث معهد للقضاء الإداري لتدريس وتدريب - أعضاء للمجلس من حملة إجازة الحقوق وشهادة في الدراسات العليا - في القانون الخاص أو الدولي. لذلك: فإنه لابد من استقراء تاريخ السلطة القضائية الإدارية في سورية منذ عام (1918) حتى عام (2005) حيث نجد ما يلي: 1- مجلس الشورى (1918): بعد تحرير سورية من حكم الدولة العثمانية - حكم الأتراك - أصدر الأمير فيصل في عام (1918) قراره رقم /7/ تاريخ 7/10/1918 حيث قضى بتطوير مجلس الشورى وأعطاه بعض السلطات والصلاحيات الإدارية التنفيذية للفصل في أي موضوع يحيله الأمير فيصل إلى هذا المجلس, وإلغاء أو تثبيت بعض القوانين التي كانت نافذة بما يتلاءم مع عهد الأمير فيصل. 2- مجلس الشورى (1920): بتاريخ 8/ آذار/1920 توج فيصل الأول ملكا على سورية - أصبح لمجلس الشورى سلطة النظر في القضاء الإداري مثل المنازعات المتعلقة بالضرائب والعقود الإدارية, ورواتب وتعويضات الموظفين العاملين. 3- مجلس الشورى بعد زوال الملكية في سورية: بعد زوال الملكية في سورية بتاريخ 24/آب/1920 ألغى الانتداب الفرنسي مجلس الشورى. 4- مجلس الشورى خلال الانتداب الفرنسي: أ- أعادت فرنسا إحداث مجلس الشورى حيث أصدرت بتاريخ 9/2/1925 القرار رقم (24) حددت فيه مجلس الدولة واختصاصاته بإقامة (محكمة إدارية). ب- أعيد تنظيم مجلس الشورى حيث صدر المرسوم رقم (10) والمرسوم رقم (11) في شباط 1934 حدد فيهما اختصاص مجلس الشورى في المرسوم الأول والإجراءات أمام المجلس في المرسوم الثاني برئاسة رئيس المجلس والعضو الفرنسي في محكمة التمييز وعضوين عاملين وستة أعضاء منتدبين ومنح مجلس الشورى صلاحية (وظائف استشارية) لبيان رأيه في مشاريع القوانين والمراسيم, ووظيفة قضائية (محكمة قضاء إداري) يشمل اختصاصها - اختصاص قضائي كامل في الإلغاء والتعويض... إلخ الاختصاصات الإدارية. إلا أنه ألغي في عام (1938) وأعطيت صلاحيات إلى الغرفة الإدارية التي تم إحداثها في محكمة التمييز. 5- مجلس الشورى في حكومة فيشي (1941): بتاريخ 2/4/1941 أصدرت حكومة فيشي القرار /72/ بإعادة مجلس الشورى وحددت اختصاصه ب- (الاختصاص التشريعي) لإبداء رأيه في كافة مشاريع القوانين والأنظمة و(الاختصاص القضائي). 6- مجلس الشورى في عهد الاستقلال (1947): وبعد استقلال سورية صدر المرسوم التشريعي رقم /71/ تاريخ 30/6/1947 عرف المرسوم مجلس الشورى بأنه هيئة إدارية عليا تحكم بالقضايا الإدارية إلا أنه في عام (1950) صدر دستور جديد قضى في المادة /108/ على أن يمارس القضاء في الدولة أجهزة متعددة منها (المحكمة العليا) وأعطاها صلاحية الفصل بقرارات مبرمة بدستورية القوانين ومشاريع المراسيم ومحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء - والنظر في طعون الانتخابات - وإبطال القرارات والأعمال الإدارية المخالفة للدستور والنظام العام. 7- مجلس الشورى: منذ 30/آذار/1949 - انقلاب الزعيم حسني الزعيم. منذ 13/آب/1949 - انقلاب اللواء سامي الحناوي. منذ 19/كانون الأول/1949- انقلاب أديب الشيشكلي. حتى 25/شباط /1954- الانقلاب على أديب الشيشكلي. مما تقدم نجد أنه منذ 30/آذار/1949 حتى 19/ كانون الأول/1949 حدثت ثلاثة انقلابات وآخرها كان انقلاب العقيد أديب الشيشكلي حيث استقال رئيس الجمهورية, وحل مجلس النواب وحصلت خلافات جذرية بين السلطة والمحكمة العليا حول الاختصاص حيث عين العقيد أديب الشيشكلي نفسه رئيسا للدولة ورئيسا لمجلس الوزراء, فاستقال عدد من أعضاء المحكمة الإدارية العليا مع رئيسها, فأصدر قائد الانقلاب - رئيس الجمهورية - رئيس مجلس الوزراء المرسوم التشريعي رقم /72/ تاريخ 20/1/1952 قضى بموجبه بوقف العمل بصلاحيات المحكمة العليا وأعطى صلاحية النظر في اختصاصها إلى محكمة التمييز (الغرفة الإدارية) إلى أن صدر القانون رقم /55/ لسنة1959 في عهد الجمهورية العربية المتحدة. 8- مجلس الدولة في عهد الوحدة بموجب (القانون /55/ لسنة 1959): اعتبر هذا القانون عندما صدر في عام (1959) بأنه أحدث القوانين التي نظمت القضاء الإداري - في الإقليم الشمالي - القطر العربي السوري وكانت غاية هذا القانون هي سد الثغرات التي كانت موجودة في نظام القضاء الإداري وإصلاح ما فيه من عيوب ظهرت خلال تطبيق ذلك النظام بما يتوافق مع مهمات مجلس الدولة والتي تتلخص بالمهمات التالية: المهمة الأولى: ولاية القضاء الإداري. المهمة الثانية: أن يكون مستشارا للدولة في الفتوى والتشريع. المهمة الثالثة: قاضي الدولة والأشخاص المتعاملين معها في المنازعات الإدارية. المهمة الرابعة: أن يكون الرابط والمدقق القانوني لوزارات الدولة ومصالحها العامة وبصورة عامة لكافة الأشخاص الاعتباريين. المهمة الخامسة: أن يكون بمنزلة جهاز مركزي للفتوى والتشريع من ناحية تنظيم الإدارة. وقد جعل من مجلس الدولة هيئة مستقلة إلا أنه (ألحقه برئاسة مجلس الوزراء) مما نستخلص معه التناقض الذي ساير هذا القانون من ناحيتين: انه قضاء مستقل ولكنه ملحق برئاسة مجلس الوزراء فقضى هذا القانون بأحقية رئيس مجلس الوزراء أن يكون رئيسا لمجلس الدولة - من حيث التبعية الوظيفية ما يشكل هذا الربط وهذه السلطة وهذه الصلاحية بيد رئيس مجلس الوزراء تناقضا واضحا مع مبدأ فصل السلطات عن بعضها بعضا المنصوص عليه في المادة (131) من الدستور الصادر بالمرسوم رقم (208) لعام 1973 المعدل بالقانون رقم (6) لعام .2000 الهيكل التنظيمي لمجلس الدولة : ويتألف هذا المجلس من: أ- القسم القضائي: لهذا القسم صلاحية الفصل في المنازعات الإدارية التي حددها القانون في المادة (8) منه. ب- القسم الاستشاري (مفتي الدولة). وهو قسم قضائي للاستفتاء والاستشارة حيث قضى المشرع في هذا القانون استفتاء مجلس الدولة من قبل أي وزارة كما أجاز ندب مستشارين إلى الوزارات لتقديم رأيهم القانوني مباشرة إلى الوزارة المختصة شاملا إبداء الرأي في (المسائل الدولية) وفي (المسائل الدستورية) و(مشاريع القوانين والمراسيم التشريعية) التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو من السلطة التشريعية أو من رئيس الوزراء أو أحد الوزراء وفي المنازعات بين الوزارات والمصالح العامة. القضاء العقابي في مجلس الدولة : يعتبر مجلس الدولة مرجع نقض يملك الاختصاص بإصدار أحكام المؤيدات العقابية على الأشخاص الذين يحالون إليه من قبل الإدارات العامة أو من النقابات المهنية, وهو ضمانه لحقوق الدفاع وتوصيف الوقائع المادية والقانونية القابلة للقمع بقوة القانون إلا أن هذا القسم في مجلس الدولة لم يعد له قيمة عملية سوى أنه أصبح في ذمة التاريخ لأنه كان ينصب على قرارات ديوان المحاسبات الذي ألغاه المشرع واستبدل به - الجهاز المركزي للرقابة المالية. حيث كان لديوان المحاسبات الحق في فرض الغرامات ذات الصفة العقابية على المحاسبين العموميين, فكانت قراراته قابلة للطعن أمام مجلس الدولة عملا بأحكام الفقرة (ثامنا ) من المادة (8) من قانون مجلس الدولة. وأيضا وفي الوقت الحاضر: فإن لمجلس الدولة نظاما خاصا بال-تأديب لأعمال الموظف العام أو قرارات مجلس التأديب في الجامعة السورية إلا أن هذا النظام لم يعد يتماشى مع المسيرة الجديدة المتعلقة بتحديث القضاء الإداري. التعريف بالقضاء الإداري على ضوء القانون والفقه في سورية منذ عام (1918) حتى عام (2004): لا يوجد تعريف للقضاء الإداري في القانون السوري, إلا أنه يمكن لنا أن نستخلص تعريفا له من خلال قانون مجلس الدولة رقم (55) لعام 1959 ومن خلال القانون المقارن في فرنسا وبلجيكا وإنكلترا أو غيرها ومن خلال الأحكام والفتاوى التي أصدرها مجلس الدولة حتى بداية عام (2005) لوصلنا إلى ما يلي: للقضاء الإداري معنيان, الأول: واسع, والثاني: ضيق. فالمعنى الواسع: يفيد أن القضاء الإداري هو جزء من القضاء العام, أي أنه يشمل الأساليب والطرق القضائية التي يجري بمقتضاها النظر والفصل في المنازعات الإدارية طبقا لقواعد القانون العادي, ولكن هذه الطرق والأساليب نجدها ضيقة وقليلة جدا في نظام مجلس الدولة في سورية, إلا انه مطبق في الدول الانجلو سكسونية ومنها بعض الدول الأوروبية. والمعنى الضيق: وهو المعنى الذي يفيد أن القضاء الإداري يشمل الأساليب والطرق القضائية الخاصة التي اتبعها مجلس الدولة في سورية حتى بداية عام (2005), ومصر وفرنسا والتي يجري على مقتضاها النظر والفصل في المنازعات الإدارية طبقا لقواعد خاصة (وضيقة) وغالبا ما تكون بعيدة عن القانون المدني والقانون التجاري وقانون البينات وهو يماثل النظام السوري والمصري قبل صدور قانون مجلس الدولة الجديد بالقرار رقم (47) لعام 1972 حيث جرى تعديل لنظام مجلس الدولة في مصر بعد الانفصال منذ عام (1961) حتى عام (2004). ومنه نخلص إلى ما يلي: إن لمجلس الدولة نظما مزدوجة تكون فيها مقاضاة الإدارة موكولة إلى هيكل قضائي له خصوصية من حيث الإجراءات والقواعد الناظمة لأحكامه وهي في معظمها خارجة على القانون المدني والقوانين العامة الأخرى ما أدى استمرار مجلس الدولة في سورية على نهج واحد دون تطوير له باستثناء ما منح من سلطة الفصل في منازعات الضرائب والرسوم والقضايا العمالية / وقضايا عمال عقود خدمات النفط الذي أدى إلى حصول عثرات وثغرات في مسيرته منذ (1958) حتى بداية عام (2005),بالإضافة إلى مدة المرافعة وتأخير الفصل في جداول/ أجور عمال النفط في الوقت المناسب خلافا لما يسعى إليه المشرع في تقرير جدول أجور العامل الشهرية. وهذا أمر ليس مخالفا للقوانين النافذة فقط بل للدستور أيضا . وفيه أفكار لتثبيت العدالة في الوقت المناسب بسبب أن العامل ليس له مورد إلا ما ينتجه, فحرمان صاحب العمل العامل من عمله, من راتبه غير مبرر قانونا لذلك: فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يجب أن نستمر في تطبيق القانون (55) لسنة 1959 وتعديلاته ولاسيما القانون رقم (1) لسنة 1993 الخاص بالضرائب والمرسوم رقم (77) لعام 2002 الخاص بعقود عمال خدمات النفط؟ هل يمكن اعتبار مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - قضاء مميزا من غيره في الإجراءات والفصل وفقا لتقديرات مستشاريه بالاستناد إلى القانون رقم (55) لعام (1959) وتعديلاته - وبعدم تطبيق قانون أصول المحاكمات المدنية على الرغم من أن جميع المنازعات التي ينظر فيها يكون مصدر الالتزامات الناشئة عنها تستند إلى القوانين والأنظمة النافذة في سورية؟ هل انتهت الأسباب التي دعت وزارة المالية خلال أعوام (1990) حتى (1992) إلى تقديم اقتراح بتعديل اختصاص القضاء العادي والقضاء الإداري للنظر في المنازعات المتعلقة بالضرائب والرسوم التي نشأت بسبب رغبة وزارة المالية حجب الاختصاص العام للقضاء العادي النظر في المنازعات الضريبية المتعلقة بتصدير القطاع الخاص لمنتجاته إلى دول اتفاق المدفوعات (الاتحاد السوفييتي وغيره) الذي كان مشمولا بالإعفاء من الضرائب عملا بقانون تشجيع الصناعات رقم (103) لسنة (1952) حيث ذهبت وزارة المالية في ذاك الوقت إلى حرمان المصدرين لدول ميزان المدفوعات من الأعضاء من ضريبة الأرباح المقررة بقوة القانون؟! ما المبررات الاقتصادية والاجتماعية لإصدار القانون رقم (1) لسنة 1993 الذي أصبح مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو القضاء المختص للنظر في قضايا الرسوم والضرائب بما يتجاوز (100,000) مئة ألف ليرة سورية؟ لماذا أوكل المشرع إلى مجلس الدولة - المحكمة الإدارية العليا - صلاحية النظر في القضايا العمالية المتعلقة بعمال القطاع العام التي تفصل بها محاكم البداية المدنية؟ لماذا أوكل المشرع بموجب المرسوم رقم (77) لسنة 2002 - مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - صلاحية النظر في قضايا العمال الناشئة عن عقود خدمة النفط؟ لماذا: ألقى المشرع بعشرات آلاف القضايا العمالية الواردة من كافة محاكم البداية المدنية في سورية على عاتق مجلس الدولة؟ هل هناك سبب (دستوري)؟ لماذا تم حجب الاختصاص عن القضاء العادي لدعاوى عمال الدولة وعمال عقود خدمات النفط؟ خلال (45) سنة من تاريخ صدور قانون مجلس الدولة في عام (1959) جرت تعديلات على قانون مجلس الدولة, وكانت محصورة بتعديل اختصاصه حيث وجدت وزارة المالية أن الخصومة معها يجب أن تكون أمام القضاء الإداري, بدلا من القضاء العادي, ولم يصدر هذا التعديل إلا بسبب أن بعض المحاكم المدنية أصدرت قرارات عديدة بوقف تنفيذ قرارات وزارة المالية القاضية بفرض ضرائب دخل على الشركات والأشخاص الذين صدروا منتجاتهم إلى الاتحاد السوفييتي - على الرغم من أن أولئك - مشمولون بالإعفاء من الضرائب استنادا إلى قرار وزير الصناعة بتشميل مؤسساتهم الصناعية بقانون تشجيع الصناعة رقم (101) لعام 1952والذي يتضمن إعفاء من هو مشمول به من الضرائب والرسوم. لقد نهجت وزارة المالية في ذلك الوقت إلى حجب اختصاص القضاء العادي عن النظر في قضايا الضرائب والى وجوب حصر الاختصاص القضائي للمنازعات الناشئة عن قرارات الدوائر المالية بفرض الضرائب والرسوم بالقضاء الإداري بسبب أن القضاء العادي أخذ يصدر قرارات تتضمن وقف تنفيذ قرارات وزارة المالية بفرض الضرائب على المصدرين بشكل مخالف للقانون, ما دفع بوزارة المالية إلى تعديل الاختصاص القضائي, فجاء القانون رقم (1) الصادر في 6/1/1993 والذي ينص على الآتي: مع الاحتفاظ بأحكام القوانين والأنظمة النافذة بشأن الضرائب والرسوم, يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم المتعلقة بالأساس القانوني للتكليف. إن السبب الأساسي لإصدار ذلك القانون هو: سحب سلطة القضاء العادي من النظر في منازعات الرسوم والضرائب بما يتجاوز مبلغ (100,000) ل.س مئة ألف ليرة سورية, معتبرة أنها تستطيع أن تجمع في هيئة قضائية واحدة مختصة في قضايا الضرائب بما يتوافق مع وجهة نظرها القانونية. وقد ادعت وزارة المالية بأنها هي التي أوجدت هذا السوق وليس مصدري البضائع إلى دول اتفاق المدفوعات وبررت أن فرضها الضرائب على المصدرين السوريين إلى دول اتفاق المدفوعات موافق للدستور والقوانين النافذة. موقف مجلس الدولة من قرارات الدوائر المالية بفرض الضريبة على المصدرين إلى دول اتفاق المدفوعات: لم يتبع مجلس الدولة إلا أحكام القانون في قضايا الضرائب المتعلقة بالتصدير إلى دول الاتحاد السوفييتي, الخاضعة إلى ميزان المدفوعات بين (روسيا) و(سورية) في ذلك الوقت من الزمن. لقد مر الزمن على ذلك الظرف الاقتصادي والضرائبي وحان الوقت لإعادة النظر في اختصاص مجلس الدولة في النظر في قضايا الضرائب والرسوم وذلك للأسباب التالية: 1- لقد تعاقدت بعض الشركات السورية مع المستوردين من دول اتفاق المدفوعات لتصدير منتجاتهم السورية إليهم, على أساس أن تلك الشركات السورية المصدرة مرخصة ومشمولة بقانون تشجيع الصناعات وكانت صادراتها الى تلك الدول معفاة من الضرائب والرسوم, ولكن وزارة المالية فرضت ضريبة الدخل على أرباحهم الناشئة عن تصدير منتجاتهم إلى دول اتفاق المدفوعات متجاوزة الإعفاء سالف الذكر بحجة أن الدولة هي التي أمنت هذا السوق, وليس المصدرين. 2- لم تعلم وزارة المالية المصدرين بأن صادراتهم ستكون محلا لضريبة الدخل وبأنها غير مشمولة بالإعفاء من الضرائب بموجب (م.ت /103/1952) مما تكون قد خالفت الدوائر المالية المرسوم التشريعي رقم (103) لعام .1952 3- وأمام مخالفة وزارة المالية المرسوم رقم 103 لعام 1952 لجأ العديد من المكلفين إلى القضاء العادي وطلبوا الحكم لهم بمواجهة وزارة المالية بالآتي: أ- وقف تنفيذ قرارات التكاليف بضريبة الدخل. ب- رفع الحجز عن أموالهم. ت- إلغاء قرارات التكليف بضريبة الدخل بسبب أنهم مشمولون بالإعفاء من هذه الضريبة. 4- لم تقنع وزارة المالية بما نهجت إليه بعض المحاكم في القضاء العادي فلجأت للاقتراح على المشرع بحجب سلطة القضاء العادي عن النظر في المنازعات الضريبية فجاء القانون رقم (1) لسنة .1993 إن ما نهجت إليه الدوائر المالية في تلك السنوات قد أثر سلبا على تصدير المنتجات السورية إلى دول اتفاق المدفوعات كما أثرت سلبا على مصداقية تطبيق قوانين الإعفاء من الضرائب. اختصاص مجلس الدولة النظر في قضايا عمال الدولة وعمال عقود خدمات النفط : قبل التعرض إلى الآثار السلبية التي خلقها القانون القاضي باختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - النظر في قضايا عمال الدولة وعمال عقود خدمات النفط . فإننا نقول الآتي: إن لكل قانون أسبابه الموجبة, فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الأسباب الموجبة التي أدت بوزارة النفط والثروة المعدنية أو مجلس الوزراء للاقتراح بإصدار المرسوم رقم (77) لعام 2002 بحجب اختصاص القضاء العادي النظر في قضايا عمال الدولة وعمال عقود خدمات النفط؟ لماذا نهجت الحكومة إلى تقرير اختصاص محاكم البداية المدنية النظر في الدعاوى العمالية - لعمال الدولة (والشركات والمؤسسات العامة) ونصت على أن الطعن في قرارات محاكم البداية العمالية يكون من اختصاص المحكمة الإدارية العليا؟ لماذا نهجت الحكومة - وزارة النفط - إلى اقتراح إصدار القانون سالف الذكر؟ إن ما نهجت إليه الحكومة من حجب اختصاص القضايا العمالية المرفوعة من عمال الدولة من القضاء العادي - قد يكون له ما يبرره قانونا أو عملا - وقد لا يكون له أي مبرر قانوني ولا عملي, وفي كل الأحوال نقول: إن حجب اختصاص القضاء العادي عن النظر في دعاوى عمال الدولة وعمال عقود خدمات النفط لم يكن في محله من حيث الشكل والموضوع, فمن حيث الشكل فإن مجلس الوزراء ألقى على عاتق المحكمة الإدارية العليا- عبئا كبيرا حيث لم تقم الحكومة بالإجراءات الإدارية اللازمة لتأهيل جهاز مجلس الدولة للنظر في مئات الدعاوى أسبوعيا سواء (قضايا الضرائب) أو (قضايا العمال), وكان ذلك فوق (طاقة) مجلس الدولة: إن مجلس الوزراء عندما اقترح تعديل اختصاص مجلس الدولة, فقد تجاوز مهمات مجلس الدولة الأساسية المقررة في سورية وفي التشريع المقارن كما أنه لم يتخذ العديد من الإجراءات عندما أوكل الاختصاصات سالفة الذكر الى مجلس الدولة. ومنها على سبيل المثال: عدم زيادة عدد المستشارين في مجلس الدولة وفقا لملاكه المحدد ب- (100) قاض (مستشار + مستشار مساعد... إلخ). عدم زيادة عدد المساعدين وموظفي مجلس الدولة. عدم الأخذ بعين الاعتبار الأسباب الفقهية والقانونية والحاجة إلى إحداث مجلس الدولة - في سورية - ومن الرجوع إلى تاريخ مجلس الدولة في سورية منذ عهد الدولة العثمانية في (1918) حتى عام (2004) نجد أن الغاية من إنشاء مجلس الدولة كان ولا يزال يعود الى تحقيق أمنية تطلع إليها الناس عبر السنين الماضية (أفرادا ) و(موظفين) لكي يكون لهم منه ما يؤمنهم من تجاوز السلطة الإدارية حدودها ويصون لهم حقوقهم قبلها, ويجعل كلمة القانون هي العليا في علاقاتهم بها. إن مهمات مجلس الدولة هي: أ- مستشار الدولة في الفتوى والتشريع. ب- قاضيها في المنازعات الإدارية. ولكن: الحكومات السابقة تجاوزت مفهوم وغاية مجلس الدولة من نواح وأمور عديدة ومنها: أ- عندما قبلت اقتراح وزارة المالية بإصدار قانون يتضمن اختصاص مجلس الدولة النظر في قضايا (الضرائب والرسوم) قبل صدور قانون المرافعات الخاص بمجلس الدولة. ب- عندما أعلنت اختصاص مجلس الدولة النظر في قضايا عمال الدولة, وعقود عمال خدمات النفط. ج- قبل أن تحدث محاكم إدارية في بعض المحافظات. مما أدى إلى إرهاق مجلس الدولة بأعمال قضائية ليست من اختصاصه وليست من مهماته. وتؤكد على أن المشرع عندما وضع القانون (55) لسنة 1959 نظم شؤون مجلس الدولة وأوكل إليه مهام رئيسية على سبيل الحصر وهي: ) أنه: قاضي المنازعات الإدارية التي تنشأ بين الأفراد والجهات الإدارية. ) أنه: حامي الحقوق العامة والحريات الفردية. ) أنه: صائغ كافة التشريعات التي تعدها الحكومة. ) أنه: مستشار الدولة فيما يعرض عليه من مشكلات قانونية. ولكن: الحكومات السابقة أخطأت في تعديل اختصاصات مجلس الدولة كما تقدم وبذات الوقت فقد حجبت عن القضاء العادي اختصاصاته سالفة الذكر. ما المطلوب أمام هذه المتغيرات؟!! لقد مرت فترة طويلة نسبيا على صدور قانون مجلس الدولة, لقد مرت (45) سنة على صدوره وكانت هذه الفترة - غنية بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية, ولم يعد هذا القانون يماشي العهد الجديد في سورية - عهد تطوير القوانين والأنظمة في كل ما يتعلق بالاقتصاد والمجتمع بما يحقق التجارب في مسايرة الظروف المتغيرة في العالم, إننا بحاجة إلى مواجهة هذه التحولات الجارية - داخل وخارج سورية - مما يستدعي إعادة تنظيم مختلف الهيئات القضائية (العادي) و(الإداري) بما يتفق مع الحكمة والهدف بما نص عليه الدستور وخاصة ما نصت عليه الفقرة (4) من المادة (28) والمواد (131) و(133) و(134) و(138) على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة, ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي, وتكفل الدو لة ما يلي: أ- تقريب السلطة القضائية من المتقاضين. ب- سرعة الفصل في القضايا. ت- عدم تحصين أي / قرار/ أو / عمل/ إداري من رقابة القضاء. لذلك: فإنه من الضروري إعداد مشروع قانون جديد بتنظيم مجلس الدولة من قبل لجنة مختصة تأخذ بعين الاعتبار العناصر الأساسية التالية: 1- مفهوم القضاء الإداري 2- التغييرات التي حدثت في سورية والتي دعت إلى المطالبة بتعديل نظام مجلس الدولة. 3- العناصر التي يتألف منها القضاء الإداري. 4- على ألا تكون الدولة الخصم والحكم في وقت واحد. 5- الضمانات التي تضمن (للقضاء) استقلاله. 6- تطبيق الباب الثاني- من المادة (486) وما بعدها من قانون أصول المحاكمات بقبول مخاصمة قضاة مجلس الدولة. 7- تطبيق الفصل الأول من الباب السابع من المادة (147) حتى (189) المتعلقة برد القاضي (المستشار في القضاء الإداري). ومن العناصر سالفة الذكر فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو الآتي: ما الاقتراحات المتعلقة بتعديل قانون مجلس الدولة النافذ رقم (55) لعام 1955/ أو إصدار قانون جديد له؟ للإجابة على السؤال سالف الذكر فإنه يجب معرفة العناصر التي يتألف منها القضاء على وجه العموم وفقا لمفهوم المواد (131) و(133) و(138) من الدستور حيث نصت كل منها على ما يلي: المادة (131) - (السلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى) المادة (133) - 1- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون. 2- شرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم.) وقد حدد الدستور في المادة (138) نصا خاصا لمجلس الدولة حيث نص على ما يلي: (يمارس مجلس الدولة القضاء الإداري ويعين القانون شروط تعيين قضاته وترفيعهم وتأديبهم وعزلهم.) ومن النصوص الدستورية نخلص إلى القاعدة التالية: يجب أن يكون منطلق أي نص تشريعي جديد هو النصوص الدستورية وهذا يعني الآتي: ) عدم تحصين أي عمل إداري من رقابة القضاء. ) عدم تحصين أي قرار إداري من رقابة القضاء. ) عدم تحصين تصرف أي وزير وأي مسؤول في الدولة من رقابة القضاء. لذلك, نجد أن الدستور السوري نص على أن مجلس الدولة - بهيئة قضاء يمارس سلطة قضائية وليس سلطة تنفيذية وذلك عملا بالمادة (131) من الدستور سالف الذكر. بهذا النص الدستوري أصبح القضاء الإداري له كيانه المستقل, وحصانته ضد الأهواء والتقلبات العشوائية, ومن هذا النص نجد أنه ليس للسلطة التنفيذية أي سلطة أو حق بتوجيه قضاة الحكم في مجلس الدولة, فالقضاة: مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون - وشرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم وفقا لما نصت عليه المادة (133) من الدستور. لذلك: فإن الواجب الوطني يقضي بالتأكيد على ما نص عليه الدستور بأن القضاء الإداري سلطة وليس وظيفة وغير خاضع للسلطة التنفيذية في قضائه وهو قسم من السلطة القضائية إلى جانب القضاء العادي وأحكامه واجبة التنفيذ تحت طائلة الحكم بحبس كل من يمتنع عن تنفيذها لذلك كله: وعلى ضوء الأعمال التي يقوم بها مجلس الدولة وعلى المتغيرات التي بدأت في سورية في المجال الاقتصادي واستجابة للنصوص الدستورية سالفة الذكر فإنه أصبح من الضروري إعداد مشروع قانون جديد يقضي بتنظيم مجلس الدولة وفقا لأحكام المادة (138) من الدستور بحيث يتضمن ما يلي: تحديد اختصاصه. تحديد اختصاصه في مجال التأديب. تحديد اختصاصه باعتباره قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية (حصرا ). أن يصبح هو القاضي العام للمنازعات الإدارية دون حصر وفي الدعاوى التأديبية الخاصة به وبالعاملين في الدولة. أن يكون مستقلا عن مجلس الوزراء وتابعا الى رئاسة الجمهورية. سورية محل أسئلة عن المتغيرات التي حصلت فيها ما بعد 17/7/.2000 إني أقول إنه لا يمكن لشعب ولا يمكن لدولة أن تنفذ رغباتها وغاياتها في تطوير مجتمعها واختصاصها إلا بوضع أساس يحمل بناء التغيير والتطوير ومن أركان أساس هذا البناء هو القانون المتطور الذي يلبي حاجة الشعب من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. فالقانون أولا والقانون آخرا لتطوير أي مجتمع. إني ومنذ 17/7/2000م وحتى تاريخ اليوم استمع إلى العديد من الأسئلة من رجال الأعمال, ومديري المصارف, ومديري الشركات التجارية والصناعية والسياحية من (داخل سورية) أو (من خارجها) ومنها على سبيل المثال: ما مظاهر التغيير التي حصلت في سورية خلال السنوات الخمس الماضية؟ كان ولا يزال جوابي هو: إن إقامة أي بناء يحتاج إلى معالجة أرض البناء ودراسة التربة وصلابتها وتركيبها وقوة تحملها ومن ثم يصار إلى وضع المخططات وجداول بكميات الاسمنت والحديد, وبعد ذلك تبدأ أعمال من أساس الأعمال الإنشائية (الاسمنت) + (الحديد) + (الرمل) + (الماء) التي يتم البناء عليها وهذه الأساسات تبدأ من أعماق الأرض, وبمقدار الاهتمام والاعتناء بأساس البناء, نضمن سلامة البناء بعد تشييده - وخاصة من الأحداث غير المتوقعة, شاملا - أي زلزال - شرط ألا تزيد شدته على (10) درجات بمقياس ريختر... حتى إكساء البناء شاملا الماء والكهرباء وكل ما يحتاجه الإنسان للسكن في البناء أو لاستعماله حسب الغاية التي أعد البناء من اجلها - وكل بناء يحتاج وبصورة مستمرة إلى الصيانة ومن هذا المثال كنت أتابع القول إن سورية أخذت منذ بداية عام 2000م وحتى تاريخ اليوم بإصلاحات قانونية شملت بعض البناء المتعلق بالحياة الاقتصادية والاجتماعية والمرافق بالإضافة إلى الاستمرار بتوفير الحرية في العمل والطمأنينة لكل متعامل مع الحكومة ومع الغير وبالعكس. بالإضافة إلى أمر هام وهام جدا وهو توفير الحرية حرية للرأي والرأي الآخر ولكن يجب علينا ألا نشعر بالغرور بما تم إنجازه ويجب علينا ألا نقول إننا وصلنا إلى منتصف طريق التحديث بل لا نزال في بداية الطريق, كما لا نزال بحاجة إلى العديد من الإصلاحات القانونية ومنها قانون مجلس الدولة ليكون القضاء ملجأ لكل شخص يدعي حقا تجاه الدولة أو الأشخاص الاعتباريين أو الأفراد على حد سواء أمام القضاء العادي أو القضاء الإداري, وبذلك تتحقق أمنية الناس بالأمن والحرية والعدالة حيث تتوافر كافة عناصر التقاضي. لذلك: فإنه من الضروري أن نبحث في عناصر التقاضي ومنها العناصر التالية: العنصر الأول - المطالبة بالحق: أي تقديم الدعوى إلى القاضي: والتي تتضمن منه الآتي: - قول الحق, مثل: الاعتراف الرسمي بحق. الاعتراف الرسمي بوضعية قانونية. إعلان عدم قانونية قرار إداري. طلب إلغاء قرار إداري لتجاوز السلطة التنفيذية سلطتها أو صلاحيتها. إلغاء تكليف مالي (ضريبة) أو (رسم). إلزام الإدارة بالتزامات امتنعت عن الوفاء بها نتيجة إخلالها بتنفيذ التزاماتها التعاقدية. العنصر الثاني - المطالبة بالحق استنادا إلى قواعد: من المعروف في الفقه القانوني أن لكل نظام اجتماعي (بدائي) أو (مركب) نظاما تشريعيا خاصا به يشمل جميع الأحكام والقواعد التي تبين الحقوق والالتزامات المدنية والسلوكية وغيرها وما ينشأ عن الإخلال بها, أو مخالفتها من العقوبات, وأن المجموعة البشرية الممثلة بالدولة هي التي تشكل الحق والإلزام والقانون هو الذي يعبر عنها, وعند اللجوء إلى المطالبة بالحق فإنه يكون طبقا للقواعد التشريعية مهما اختلفت تسمياتها ومصادرها وتاريخها وأطراف الخصومة سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين ومنهم أشخاص الدولة الاعتبارية مما يقودنا هذا إلى أن القضاء لا يميز عن سواه باعتبار أن أجهزة الدولة على اختلاف مهماتها وغاياتها ونشاطها, تكون خاضعة لقواعد تشريعية مسبقة, فالإدارة كالقضاء, لها قدرة على التأويل والاجتهاد في تطبيق القانون إلا أن القضاء يكون المرجع الأخير وصاحب الولاية العامة في تصحيح أي خلل أو مخالفة ترتكبها أجهزة الدولة (كافة أشخاصها الاعتبارية) في استعمالها لسلطاتها التقديرية لذلك فإن للقضاء وحده كلمة الفصل في حدود القواعد والأنظمة التشريعية, وبالتالي فإنه من الخطأ الجسيم أن تستجيب أي محكمة لطلبات أي وزارة أو أي دائرة من دوائر الدولة بأن تحكم لمصلحة الدولة في أي دعوى مهما كان نوعها وسببها, وأن ترفض أي دعوى تتضمن طلب الحكم بإلزام الدولة بأي التزام. إن الواجب الدستوري يقضي: أن يحكم قضاء مجلس الدولة بالعدل وفقا لأحكام القانون دون الأخذ بعين الاعتبار أن المحكوم عليه من الدولة / أو من الأفراد. ولابد لنا من القول الآتي, إنه: إذا تجاوزت محكمة قضائية أحكام الدستور أو حدود القواعد والأنظمة التشريعية, فسد ما يقضى به, وأهدر الحق مع عدم التخلي وعدم الإنكار بأن للقضاء وحده القدرة على التطبيق القانوني الأمر الذي يدفعنا الى وجوب تحقيق العنصر الثالث الآتي: العنصر الثالث -وهو شرط لازم الوجود دوما وهو الحياد القضائي (حياد القاضي وأمانته وعدله عند الحكم): منذ عهود حمورابي مرورا بالحقوق الفينيقية والإغريقية والفرعونية والرومانية ثم اللاتينية والتشريع الإسلامي والانكلو سكسوني والأميركيتين إلى القرن الحادي والعشرين نجد أن القاعدة الإنسانية انتهت إلى تقرير مبادئ عديدة في الحقوق والتشريع ومنها المبدأ التالي: لا يجوز أن يكون الخصم هو الحكم أي (لا يجوز للدولة أن تكون هي الخصم والحكم في آن واحد) فلابد للاحتكام أو التقاضي إلى الغير وهو (شخص ثالث خارج تماما عن القضية / أو النزاع) ولا يجوز لهذا الغير أن يكون له فائدة أو مصلحة في كيفية تقرير صاحب الحق أو في فصل النزاع فلابد أن يكون القاضي حياديا غير منحاز, مستقلا تمام الاستقلال لا اضطرار عليه ولا رغبة عنده, ولا طمع فيه ولا بأس منه, فالحياد إذا هو العنصر الأساسي لممارسة المهمة القضائية ومن هذا العنصر (الشرط اللازم) وهو (حياد القاضي) دفعت بالفقهاء والأدباء إلى البحث والكتابة في (أدب القاضي) وهذا الشرط أهم وأبلغ وأسمى من (الهيكل) وأقوى من الضمان الوظيفي مثل (الحصانة) و(الإجراءات التأديبية الخاصة) و(رقابة المجالس القضائية العليا) فلابد لنا من القول: إن القانون الخاص بالسلطة القضائية المستقل, وضمانات القاضي, ليست مهمة وليس بمقدار ما يجب أن يتوافر في القاضي من أدب القضاء, فلا عدالة مع قاض غير متأدب بأدب القضاء (أو) القاضي الذي يأخذ بعين الاعتبار (سنه) أو (شخصيته) أو (مستواه المادي) أو (بيئته الاجتماعية) أو عند مروره بمخاطر الحياة ومغرياتها. أو (عند خضوعه لإرادة مسؤول في الدولة). فالقاضي: يجب أن يكون فوق الناس, فوق مغريات الحياة وهذا ما يجب أن تسعى إليه السياسة القضائية في سورية الحديثة, وهذا الطلب ليس بعيد المنال, وليس طلبا مثاليا, أو من أحلام المدينة الفاضلة أو طلبا طوباويا . إن الجهاز القضائي في سورية بحاجة ماسة إلى الدعم المادي والمعنوي والعلمي والاستقرار المعيشي والاطمئنان المهني, وإلى المزيد من توفير بيئة قضائية خاصة تؤمن لأي قاض سواء أكان مستشارا أو رئيسا للمحكمة الإدارية العليا - رئيس مجلس الدولة وتساهم وتساعد الجهاز القضائي في إحقاق الحق وإقامة العدل, وهذا لن يكون إلا بالعنصر الإنساني العادل, وهو (القاضي) القاضي الذي يمثل قضاء الله على الأرض لأن القاضي يجب عليه أن يحكم بين الناس بالعدل دون خوف من أي سلطة, وإلا فإنه ليس بقاض عدل. لذلك: فالأسئلة التي تطرح نفسها هي التالية: السؤال الأول: كيف يمكن للمشرع في سورية أن يعمل على تحديث دور القضاء الإداري في سورية؟ والسؤال الثاني: كيف يتحقق هذا المعيار وهذا الشرط في القاضي؟ والسؤال الثالث: كيف يمكن للسياسة القضائية في سورية أن تحقق هذا الشرط؟ يمكن للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية العمل معا على تحقيق ما طرحته من المعوقات والإشكالات سالفة الذكر بطرق ووسائل عديدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: أولا - اختيار القضاة على أساس (اصطفائي) صارم من حيث توافر العلم واللباقة والمهارة والأدب والتربية والثقافة العامة. ثانيا - توفير أعلى وأوفر وأغنى الشروط المادية وذلك بإخراج القضاء من معايير الوظيفة العامة حتى يكون القاضي بعيدا عن سلطة ومفهوم الوظيفة في أجهزة الدولة. ثالثا - توفير الضمانات المعروفة بحيث تضمن (للقضاة) و(للقضاء) استقلالهما ومنها: الضمان المهني (الترقية, النقل, التسمية). الحصانة باعتبار أن الحصانة في دستور الجمهورية العربية السورية موقوفة على (أعضاء مجلس الشعب - المادة (66و67) من الدستور). أن تكون الشرطة العدلية, وإدارة السجون تحت رقابة القضاء. التعيين أو التعاقد مع كبار الموظفين القدماء أو ذوي الخبرة القانونية من الذين بلغوا سن التقاعد والذين هم بمقتضى سنهم وخبرتهم وسيرتهم الذاتية غير معرضين للمغريات على رأس المؤسسات القضائية, (رؤساء) أو (مستشارين). تعديل قوانين المرافعات المدنية / والإدارية والجزائية مراجعة جذرية, وإعادة بناء تلك القوانين والقواعد. الضمان التأديبي. مراقبة تنفيذ الأحكام, وردع مماطلة الوزراء وكل مسؤول في السلطة التنفيذية في كل ما يتعلق بتنفيذ الأحكام الصادرة ضد أي وزارة أو أي إدارة من إدارات الدولة ومؤسسات وشركات القطاع العام. إصدار قانون خاص بالتحكيم, وإحداث الغرفة السورية للتحكيم. وضع نصوص (قاسية) و(ذات مفهوم وردع جذري) ضد إخلال القضاة بواجباتهم المهنية. إصدار تشريع أو نصوص قانونية ملحقة بقانون مجلس الدولة تتضمن ما يلي: إحداث غرفة (قاضي المظالم). مراقبة أعمال وتصرفات ومعيشة وأحكام القاضي وربط نتائجه بترفيعه. العنصر الرابع - أن يكون قول القاضي - حكما - عاملا بالمبادئ الدستورية: والأخذ بالمبدأ القائل: (الحق يعلو ولا يعلى عليه).. أن يكون لحكم القاضي قوة خاصة, ومشروعية خاصة تجعله إلزاميا غير قابل للشك. هو (قول القانون) لأنه قول (الدولة) في نظام (دولة القانون الوضعي) فقول القاضي (الحكم) يعتبر قول الدولة عند اكتسابه الدرجة القطعية لأنه (يتكلم باسم الشعب العربي في سورية) والدولة مسؤولة أمام الشعب. في الخلاصة: يجب أن تعتبر السلطة التنفيذية أن قرار القاضي (الحكم) هو قول فصل, وكما قال عمر بن الخطاب: (فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له) الحكم القضائي: هو قوة الحق التي تميزه عن القرار الإداري الصادر عن السلطة التنفيذية. فالقرار الإداري (الصادر عن أشخاص الدولة الاعتبارية). مهما كان, ومهما كانت الجهة التي أصدرته (سواء رئيس مجلس الوزراء / أو أي وزير / فهو معرض: 1- للسحب. 2- للإلغاء. بينما القرار الصادر عن القضاء الإداري: قائم وأصبح مؤمنا من عوارض (السحب) أو (الإلغاء) بل إنه قرار واجب التنفيذ وهو (عين الصواب) و(عين الحقيقة). العنصر الخامس - إعطاء مجلس الدولة - رقابة على الإدارات وفصل المنازعات غير الإدارية: 1- حل النزاع بين الإدارة وغيرها بطرق غير قضائية. 2- مراقبة الإداريين في الدولة عن طريق (غرفة حسابات الدولة - العقود... الخ). 3- رقابة وتفتيش وتحسين سير المصالح الإدارية عن طريق (البحث) و(التقصي) و(التقرير) تتبع إليها (الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية), وهذه المحكمة: ترفع تقاريرها, وقراراتها إلى رئيس الجمهورية, عند الحاجة, وقرارها غير قضائي / أي غير ملزم إلا إذا صدقها رئيس الجمهورية إذا امتنعت الإدارة المحكوم عليها الأخذ برأي هذه المحكمة. تشكيل المجلس الأعلى للقضاء الإداري: برئاسة وزير العدل + وينوب عنه رئيس مجلس الدولة في حال غيابه + (6) من مستشاري مجلس الدولة رؤساء المحاكم + مستشارين لا تقل خدمتهم عن (20) سنة يكون مختصا في كل ما يتعلق بأمور الاقتراح بالتعيين والترفيع والنقل والتدريب والإعارة وفي تحديد واجبات أعضاء مجلس الدولة وفي أمور التفتيش. الاقتراح بتعديل الجهاز القضائي وفقا لما يلي: الوضع الراهن لمجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري حتى تاريخ 12/2 /2005 المحكمة الإدارية العليا (انظر الجدولين المرفقين) المحكمة الإدارية: تتألف من: السيد المستشار (رئيسا ) - وهو رئيس للغرفة الثانية وهذه المحكمة- وذات المستشارين المساعدين ويؤازر المحكمة مستشار مساعد بطلب من رئيسها. هيئة مفوض الدولة: المفوض برئاسة الهيئة: هو ذات المستشار في الغرفة الأولى وتسعة أساتذة مندوبين مساعدين مكلفين. مما تقدم من الجدول سالف الذكر نرى ما يلي: يبلغ عدد مجموع السادة القضاة (المستشارين) والمساعدين (قضاة حكم وفتوى) في مجلس الدولة (24) قاضيا . السؤال المطروح: هل الجهاز القضائي الذي زاد عدد السادة المستشارين والمساعدين والأعضاء فيه خلال عامي (2003) و(2004) وصل إلى (40) أربعين قاضيا - مستشارا - مستشارا مساعدا - أو قاضيا منتدبا من وزارة العدل - كاف لتغطية كافة أعمال مجلس الدولة؟ لماذا لا تزال أكثر من /60/ وظيفة قضائية وإدارية في مجلس الدولة (شاغرة) باعتبار أن ملاك مجلس الدولة يستوعب /100/ من المستشارين والمساعدين والأعضاء؟ والأهم من ذلك هو: ما عدد الدعاوى التي نظرت فيها كل من الغرف الثلاث لمحكمة القضاء الإداري؟ ما عدد الدعاوى التي نظرت فيها المحكمة الإدارية العليا؟ ما عدد الدعاوى التي فصلت بها المحكمة الإدارية العليا لمصلحة الدولة ولمصلحة بقية المتخاصمين؟ (الاقتصادية): إن بحث الأستاذ نذير سنان يشكل فتحا جديدا للنقد البناء في النظام القانوني النافذ في مجلس الدولة بالإضافة إلى كافة الآثار السلبية والايجابية الناتجة عن مسيرة هذه السلطة القضائية فيه منذ (1958) حتى (2005). سوف تتابع (الاقتصادية) في العدد القادم نشر بقية البحث الوضع الراهن لأسلوب مرافعات وأحكام مجلس الدولة وما يحكم فيه لمصلحة الدولة أو ضدها, وآثار العبء الكبير الذي يتحمله جهاز مجلس الدولة بما يتجاوز استطاعته وقدرته, وكأنه يسابق الزمن في فصل الدعاوى, والمرافعة أمامه مما ألحق بالمجلس - إرهاقا مستمرا في طاقته. و(الاقتصادية) دائما تسأل: أين المشكلة؟ ما الحل؟ سوف تتابع (الاقتصادية) نشر رأي ومقترحات المحامي الأستاذ ندير سنان في العدد القادم نقله للمنتدى المحامي عبد الله تلاج آخر تعديل المحامي ناهل المصري يوم 23-07-2010 في 07:29 AM.
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() قريت بس ما فهمت |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||||
|
![]() السلام عليكم
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||||
|
![]() ما هو وضع القضاء الادري اليوم وهل تكرس استقلاله كسلطة قضائية ؟
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | ||||||||||||||||||||||||
|
![]()
![]()
|
||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() أعتقد أنه منذ عقد أو عقدين من الزمن كان عندما كان هناك اجتهادات مهمة وقيمة تصدر عن مجلس الدولة كان هناك استقلال قضائي في مجلس الدولة أما اليوم وفي ظل هكذا قضاة لا يصدر عن مجلس الدولة إلا القرارات التي في صالح دوائر الدولة ووزاراتها سواء كانت صاحبة حق أم لا ولم يعد مجلس الدولة إلا منبرا لإعلان حقوق لوزارات الدولة ما كانت لها لو سارت على نهج الدستور ولم تعد قراراتها ذات قيمة تذكر من الناحية الفقهية |
|||
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
التحكيم في عقود B.0.T -Build-Operate-Transfer | سامر تركاوي | أبحاث في القانون الإداري | 1 | 12-04-2011 06:40 PM |
مسؤولية الإدارة عن القرارات الإدارية غير المشروعة | سامر تركاوي | مقالات قانونية منوعة | 0 | 27-02-2011 08:17 PM |
المرسوم التشريعي رقم29 لعام 2011 قانون الشركات | المحامي لؤي عرابي | موسوعة التشريع السوري | 1 | 18-02-2011 09:53 PM |
قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني | أحمد الزرابيلي | قوانين الجمهورية اللبنانية | 0 | 08-11-2009 08:33 PM |
![]() |