منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > المنتدى الفقهي > أبحاث قانونية مختارة > أبحاث في القانون الجنائي

إضافة رد
المشاهدات 16940 التعليقات 7
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-05-2010, 08:16 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي أسباب التبرير في قانون العقوبات

أسباب التبرير
ممارسة الأعمال الطبية
بقلم
المحامي حازم حسام الدين علوش



مخطط البحث
• تمهيد
• المبحث الأول : ماهية العمل الطبي
• المبحث الثاني : تبرير ممارسة الأعمال الطبية
المطلب الأول : علة التبرير
المطلب الثاني : نطاق التبرير
أولا ً- من حيث الأفعال
ثانيا ً- من حيث الأشخاص
المطلب الثالث : شروط التبرير
الشرط الأول : صفة الطبيب
أولا ً- الحصول على ترخيص بمزاولة المهنة
ثانيا ً- الأشخاص الذين هم بحكم الأطباء
ثالثا ً- الأثر المترتب على انعدام صفة الطبيب
الشرط الثاني : رضاء المريض
أولا ً- شكل الرضا
ثانيا ً- شروط الرضا
ثالثا ً- إثبات الرضا
الشرط الثالث : مراعاة أصول المهنة
أولا ً- ماهية الأصول الطبية
ثانيا ً- جزاء الإخلال بالأصول الطبية
الشرط الرابع : قصد العلاج


ممارسة الأعمال الطبية
تمهيد :
يحتاج الطبيب عند ممارسته للمهنة القيام بأعمال مثل الكشف والتشخيص والعلاج , مما يتطلب منه المساس بأجسام المرضى , إما بطريق مباشر كإجراء العمليات الجراحية , أو التحاليـل الطبية , أو بطريق غير مباشر كإعطاء الأدوية والعقاقير التي قد تسبب آلاما ً أو تغيرات في وظائف الجسم .
ويلاحظ التشابه الشكلي بين جرائم القتل والإيذاء والأفعال المنافية للحشمة وبعض الأعمال التي يمارسها الأطباء , ولكن الفارق بينهما هو أن الأخيرة تعـد مشروعة طالما كانت مندرجـة في نطاق مباشرة الأعمال الطبية , وبذلك لا يسأل الطبيب جزائيا أو مدنيا عن الأفعال التي يأتيها أثناء ممارسته لمهنة التطبيب طالما توافرت في فعله الشروط التي تقررها التشريعات الجزائية .
المبحث الأول : ماهية العمل الطبي
هو نشاط يتفق في كيفيته وأصول مباشرته مع القواعد المقررة في علم الطب ويهدف إلى شفاء المريض , والأصل في العمل الطبي أن يكون علاجيا أي يهدف إلى تخليص الشخص من مرضه أو تخفيف حدته أو تخفيف آلامه , ولكن الفقه يميل إلى اعتبار الممارسات التي ترمي إلى الكشف عن أسباب المرض أو الوقاية منه وكل نشاط أو وسيلة تتصل بالعمل الطبي كاستخدام الكهرباء والأشعة من الأعمال الطبية .
وهكذا ذكر المشرع المصري في المادة /1/ من قانون مزاولة مهنة الطب صورا ً متنوعة من الأعمال الطبية كإبداء المشورة الطبية أو وصف أدوية أو أخذ عينة أو عيادة مريض وبوجه عام مزاولة مهنة الطب بأي صفة كانت .
ولقد نص المشرع على إجازة ممارسة الأعمال الطبية كما بين الشروط العامة والأصول التي يجب على الأطباء مراعاتها أثناء ممارسة المهنة الطبية في المادة / 185 / ف2 / ب ق.ع سوري وتقابلها م /186 / ف2 ق.ع لبناني والتي تنص : (( يجيز القانون :
ب- العمليات الجراحية والعلاجات الطبية المنطبقة على أصول الفن شرط أن تجرى برضى العليل أو رضى ممثليه الشرعيين أو في حالات الضرورة الماسة )) .




1

المبحث الثاني : تبرير ممارسة الأعمال الطبية
المطلب الأول : علة التبرير
تشكل الأعمال الطبية مساسا ًبجسم الإنسان وهي بذلك تشابه الأفعال التي تقوم عليها جرائم الاعتداء على سلامة الجسم ولكنهما يفترقان في أن جرائم الاعتداء تمس مصلحة الشخص في صيانة سلامة جسمه , ومن هنا قدر المشرع أن الأعمال الطبية وإن كانت تمس جسم الإنسان إلا أنها لم تهدر مصلحته في سلامة جسمه بل صانتها , ولم تعد تشكل اعتداءا ًعلى الحق الذي يحميه القانون , وبالتالي انتفت علة التجريم ، وأصبح الفعل مباحا ً .
واختلفت الآراء حول الأساس القانوني الذي يستند إليه تبرير الأعمال الطبية :
حيث ذهب البعض إلى تبريرها استنادا ً إلى انتفاء القصد الجرمي ، لأن قصد الطبيب يتجه إلى تحقيق شفاء المريض ولا يتجه إلى إلحاق الضرر به أو إيذائه ، ولكن هذا الرأي لم يسلم من النقد ، لأن القصد المتطلب في جرائم الإيذاء هو العلم بالفعل الذي يمس الجسم واتجاه الإرادة إليه وهما متوافران لدى الطبيب , فضلا ً عن أن انتفاء القصد الجرمي يؤدي إلى انتفاء الركن المعنوي للجريمة ، دون أن يهدم كيانها بكامله ، وهو بذلك يصلح كمانع مسؤولية وليس كسبب تبرير .
كما ذهب البعض إلى تبريرها استنادا ً إلى رضاء المجني عليه ، ورد البعض على هذا الرأي بأن الرضاء ليس سببا عاما ً للإباحة , كما أن الطبيب قد يقوم بأفعال لا يجيزها المريض لضرورة ماسة كبتر عضو مثلا ً .
والتعليل الذي يسود الفقه والقضاء يقوم على تبرير هذه الأعمال استنادا ً إلى سبب آخر هو الحفاظ على سلامة وصحة أفراد المجتمع ، ويدعم هذا السند النص القانوني الصريح في بعض التشريعات .

المطلب الثاني : نطاق التبرير
لقد أوضح المشرع أن الأعمال الطبية هي ( العمليات الجراحية والعلاجات الطبية ) ويلاحظ أن التعبير الثاني متسع بحيث يشمل الأول , لأن العمليات الجراحية ليست إلا نوعا ًمن العلاج الطبي . . .. والأصل أن سبب التبرير ينصرف إلى الطبيب الذي يمارس الأفعال التي تساعده في تحقيق الغاية المنشودة وهي علاج المريض أو تخفيف آلامه .
ولكن الفقه والقضاء يميلان إلى توسيع نطاق تبرير ممارسة الأعمال الطبية سواء ًمن حيث الأفعال والوسائل أو من حيث الأشخاص القائمين والمشاركين بهذه الأعمال .
أولا ً_ من حيث الأفعال :
لا يجوز أن يقتصر العمل الطبي على العلاج بل يجب أن يشمل كل نشاط مرتبط به كحيازة المواد المخدرة أو الكشف على جسم المريض أو إعطاء المريض ما يراه مناسبا ً من أدوية وعقاقير كيماوية دون أن تشكل هذه الأفعال جرائم يعاقب عليها القانون .
وتعليل ذلك أن الاعتراف بالحق يقتضي أيضا ً تبرير الأفعال الضرورية واللازمة لممارسته , ويصعب حصر هذه الأفعال لأنها مرتبطة بالنظريات الطبية التي تخضع لتطور مستمر .


2

وعلى ذلك لا يعتبر مبررا ً ما يصدر عن الطبيب من أعمال غير طبية كأن يضرب المريض أو يوجه إليه عبارات السب والقذف , بل يعتبر فعله جريمة يسأل عنها , وهكذا فقد أدانت محكمة النقض المصرية بتاريخ 23/4/1931 بجريمة الضرب المفضي إلى الموت طبيبا ً كان يجري عملية , فتحرك المريض أثناءها فضربه بقبضة يده على رأسه وصدره فتوفي على أثرها (1) .
ثانيا ً_ من حيث الأشخاص :
ينصرف التبرير من جهة أخرى إلى أشخاص يمارسون بعض الأعمال الطبية بترخيص محدود كالقابلة والصيدلي وغيرهم , كما ينصرف أيضا ً إلى الأشخاص الذين يشاركون الطبيب في ممارسته للمهنة كالممرض والمساعد والمخدر وغيرهم , وهذا مستفاد من الطبيعة الموضوعية لأسباب التبرير .

المطلب الثالث : شروط التبرير لا لا يستفيد كل من يمارس العمل الطبي من سبب تبرير ولا يعد فعله مشروعا ً إلا إذا توافرت فيه بعض الشروط المستمدة من نص القانون ومن الفقه والقضاء وهي :
1- أن يكون القائم بالعمل طبيبا ً . 2- رضاء المريض أو من يمثله شرعا ً .
3- أن يراعي الطبيب أصول الفن و المهنة . 4- أن يتدخل الطبيب بقصد العلاج .
الشرط الأول : صفة الطبيب
لم ينص المشرع على هذا الشرط صراحة ً , ولكن السائد فقها ً وقضاء ً أن الشخص الذي يمارس العمل الطبي يجب أن يكون طبيبا ًحاصلا ً على شهادة معترف بها في بلد التطبيب , ولذلك تحصر قوانين الصحة العامة في عدة دول ممارسة العمل الطبي بالأشخاص الحائزين على شهادة أو إجازة علمية معترف بها , والحاصلين على ترخيص قانوني بمزاولة المهنة الطبية .
أولا ً- الحصول على ترخيص بمزاولة المهنة
و لا يكفي لتوافر صفة الطبيب مجرد الحصول على الإجازة في الطب , بل يجب الحصول على ترخيص بمزاولة مهنة التطبيب من السلطات المختصة وفقا ً للقوانين واللوائح المنظمة لهذا الأمر .
وهذا ما سار عليه قانون تنظيم مزاولة المهنة الطبية في سوريا رقم /12/ لعام 1970 حيث أكدت المادة /2/ أنه لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الطب أو القبالة أو التمريض أو المساعدة الطبية ، إلا إذا كان حائزا ً على الشهادة العلمية وحاصلا ً على ترخيص بمزاولة المهنة من وزارة الصحة .
وبذلك لا تعدو الشهادة العلمية أن تكون الأساس الذي يستند إليه الشخص الذي يرغب في الحصول على الترخيص المذكور , وقد يكون هذا الترخيص عاما ً , بحيث يشمل جميع أنواع العلاج المعتمدة , __________________________________________________ _____________________________________
(1) مجلة المحاماة س12 ص197 و د. محمد نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ص 178 .

3

وقد يكون خاصا ً بمزاولة أعمال معينة من التطبيب , وهكذا تحظر المادة 47/ج من قانون مزاولة المهنة الطبية على طبيب الأسنان إجراء أي عمل جراحي لا علاقة له بأمراض الأسنان وجراحتها.
وتختلف التشريعات في أصول وإجراءات منح الترخيص بمزاولة مهنة الطب , ولكنها تكاد تجمع على ضرورة توافر ثلاثة شروط لمنح هذا الترخيص وهي :
1- الجنسية . 2- الحصول على المؤهل العلمي . 3- القيد في سجل نقابة الأطباء .
ثانيا ً- الأشخاص الذين هم بحكم الأطباء
الأصل أن الحق في ممارسة الأعمال الطبية يقتصر على الأطباء دون غيرهم , لكن القانون يعتبر بعض الأشخاص كالقابلات والممرضات في حكم الأطباء نظرا ً للأعمال الطبية التي يمارسونها ومن البديهي القول بأن سبب الإباحة ينصرف فقط للأعمال المصرح لهم قانونا ً القيام بها .
1- القابلة : وهي التي تمارس مهنة التوليد , ولا يجوز لها مباشرة غيرها من الأعمال الطبية كعمليات الختان وتسأل عن جريمة جرح عمدية وفقا ً لما قضت به محكمة النقض المصرية في 11/3/1974 لأنه يعد خروجا ًعن نطاق ترخيصها (1) .
2- الممرض : وهو الذي يقوم ببعض الأعمال الطبية البسيطة تحت إشراف الطبيب , وهكذا فقد أدانت محكمة النقض المصرية في 27/5/1935 بجريمة القتل الخطأ الممرض الذي أدخل قسطرة في قبل المريض بطريقة غير فنية فأحدث له جروحا ً في المثانة فتوفي على أثرها (2) .
3- الصيدلاني : وهو الذي يقوم بإعطاء الدواء إلى المرضى حسب إرشادات الطبيب , وبالتالي فلا يحق له القيام بعملية الحقن وفقا ً لما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية في 13/12/1960 ويسأل عن جريمة جرح عمدية (3) . ولقد عارض البعض هذا الحكم على اعتبار أن عملية الحقن تعتبر بسيطة و يمكن حتى للناس العاديين القيام بها , والذي أراه أن عملية الحقن وإن كانت بسيطة , فقد ينتج عنها أضرار جسيمة إذا أسيء استعمالها , ولذا يجب حصر القيام بها بالأطباء والممرضين المتمرنين عليها .
ثالثا ً- الأثر المترتب على انعدام صفة الطبيب
لا يستفيد من سبب تبرير الشخص الذي يباشر أعمالا ً طبية دون أن يكون حاصلا ًعلى الشهادة العلمية والترخيص , مهما كان لديه من الخبرة والدراية , ولو لم ينجم عن فعله أي ضرر , ولو نجح في علاج المريض وشفاءه وكان ذلك بطلب من المريض وتوافرت لديه نية العلاج , وبالرغم من ذلك يسأل عن جريمة مزاولة المهنة بدون ترخيص , كما يسأل عما يحدثه من إيذاء في جسم المجني عليه . __________________________________________________ _____________________________________
(1) مجموعة أحكام محكمة النقض س 25 رقم 59 ص 263 .
(2) مجموعة القواعد القانونية جـ 4 رقم 417 ص 585 .
(3) مجموعة أحكام محكمة النقض س 11 رقم 176 ص 904 .
4


وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية في 13/12/1960 بقولها كل من لا يملك حق مزاولة المهنة يسأل عما يحدثه بالغير من ضرر ويعتبر معتديا ً (1) .
كما قضت في حكم سابق في 4/1/1937 بأن الجرح الذي يحدثه الحلاق بجفن المجني عليه وهو يزيل الشعرة هو جريمة جرح عمدية لأنه غير مرخص له بإجراء مثل هذه العمليات (2) .
ويرد على الأصل السابق استثناء يتمثل في ممارسة العمل الطبي من شخص غير طبيب , وذلك في حالة الخطر الجسيم الذي يهدد صحة المريض ولم يكن من سبيل آخر إلى دفعه بغير هذا العمل , وبذلك تمتنع مسؤوليته الجزائية استنادا ً إلى قيام حالة الضرورة ، ولا يستفيد من يبب تبرير .
ولعل الحكمة من كل هذا التشدد هي قصر هذه المهنة الإنسانية على أصحابها وحمايتها من المشعوذين والدجالين والدخلاء المتظاهرين بقدرتهم على العلاج من الأمراض .
الشرط الثاني : رضاء المريض
استقر الرأي الغالب في الفقه وبعض التشريعات ومنها القانون السوري واللبناني والفرنسي على ضرورة حصول الطبيب على رضاء المريض قبل البدء في مباشرة العلاج , وتزداد أهمية هذا الشرط كلما ازدادت خطورة العمل الطبي الذي يراد إجرائه , وخاصة في حالة العمليات الجراحية الدقيقة أو المستحدثة كزراعة الأعضاء والأنسجة .
ومبرر هذا الشرط هو صيانة حق المريض في سلامة جسمه واحترام حريته الشخصية فالبعض قد يفضل الموت على العيش بعاهة أو إعاقة دائمة , فالقانون يرخص للطبيب علاج المرضى ولكنه لا يخوله إخضاعهم للعلاج رغما ً عن إرادتهم , فإذا رفض المريض أو من يمثله شرعا ً تدخل الطبيب فلا يجوز له أن يقوم بأي من الأعمال الطبية , وإلا تقررت مسؤوليته وفقا ً للقواعد العامة .
أولا ً- شكل الرضا
الأصل أن يحصل الطبيب على رضاء المريض قبل إجراء العلاج ولا فرق بعد ذلك في طريقة صدور هذا الرضا , الذي قد يكون صريحا ً أو ضمنيا ً :
1 ً_ الرضاء الصريح : وهو كل فعل إيجابي يقوم به المريض ويفهم منه قبوله بالعلاج , وقد يكون هذا الفعل بالقول أو الكتابة أو الإشارة المفهومة .
2 ً_ الرضاء الضمني : وقد يكون سلبيا ً بسكوت المريض واستسلامه طائعا ً لما يقوم به الطبيب , وقد يكون بفعل إيجابي , وهكذا قررت محكمة السين الابتدائية في 2/3/1937 رفض دعوى المريض الذي عرض نفسه على طبيب العيون لوجود نقطة بيضاء في عينه , فسلمه بطاقة تتضمن موعد وتاريخ __________________________________________________ _____________________________________
(1) مجموعة أحكام محكمة النقض س 11 رقم 176 ص 904 .
(2) مجموعة القواعد القانونية جـ 4 رقم 34 ص 31 .
5


إجراء العملية في المشفى وبعدما أجريت له العملية علم أنه تلقى عينا ً صناعية (1) ، كما قضت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 31/10/1933 بأن مجرد الذهاب إلى الطبيب المتخصص يعتبر رضاء بالعلاج الذي تخصص فيه (2) ، ويلاحظ التعارض بين مضمون هذا الحكم وضرورة أن يصدر الرضا من المريض وهو على علم تام بنوع ونتائج ومخاطر العمل الطبي المراد إجرائه ، ولا يستقيم هذا الحكم ولو أنه حصر الرضا بحالة الطبيب المتخصص .
ويرد على الأصل السابق بعض الاستثناءات منها :
أً_ حالة الضرورة الماسة : يجوز للطبيب أن يفترض الرضاء إذا كان المريض في وضع لا يمكنه من التعبير عن إرادته كأن يكون فاقدا ً للوعي , وفي غياب من يمثله , ولم يكن في ظروفه ما يحمل على الاعتقاد برفضه للعمل الطبي , فيعد فعله مبررا ً وإن خالف القاعدة العامة التي تتطلب رضاء المريض ، ويستند هذا الافتراض إلى أن الرغبة في التخلص من المرض أمر طبيعي عند كل شخص .
وبذلك نصت المادة /16/ من نظام واجبات الطبيب السوري رقم /7962/ لعام /1978/ : ( يجوز للطبيب إسعاف المريض القاصر أو الفاقد للوعي بدون موافقته وبغض النظر عن أي اعتبار آخر ) .
ب- صدور الرضاء من شخص غير المريض : حيث يجوز للطبيب عندما يعجز المريض عن إبداء رأيه أو عندما يكون قاصرا ً أن يأخذ الإذن ممن ينوب عن المريض قانونا ً بحسب الترتيب الشرعي للولاية على النفس كالولي أو من يتولى الرقابة عليه , ولا يعتد في هذا الصدد برضا الزوج عندما تكون الزوجة قادرة على التعبير لأن الرضاء حق شخصي للمريض دون غيره .
ج- تدخل الطبيب دون رضاء المريض : يجوز أن يتدخل الطبيب رغم معارضة المريض ولا يكون عمله مبررا ً استنادا ً إلى إجازة القانون أو استعمال حق , بل على أساس أداء الواجب أي تنفيذ أمر شرعي صادر عن السلطة كما يحدث في حالات التطعيم الإجباري وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية .
ثانيا ً- شروط الرضا
يذهب الفقه والقضاء إلى ضرورة توافر عدة شروط ليكون رضاء المريض ذا قيمة قانونية :
1 ً_ أن يكون الرضا متبصرا ً : أي أن يصدر الرضا عن المريض وهو عالم بحقيقة حالته الصحية وبنوع العمل الطبي المقترح وما يترتب عليه من نتائج ومخاطر , ولا يكفي استخلاص الرضاء عن كل الأعمال الطبية من مجرد ذهاب المريض إلى عيادة الطبيب , فقد يقبل المريض ببعض الأعمال دون غيرها ، بل يجب توضيح العلاج بشكل كاف للمريض حتى يصدر رضائه وهو على بينة من الأمر . __________________________________________________ _____________________________________
(1) عبد السلام التنجي , المسؤولية المدنية للطبيب ص 378 .
(2) عبد السلام التنجي , المسؤولية المدنية للطبيب ص 377 .

6

2 ً_ أن يكون الرضا حرا ً : أي أن يكون للمريض الحرية الكاملة في الاختيار بين أن يخضع للعلاج الطبي أو لوسيلة طبية دون أخرى , ويقتضي هذا الشرط عدم فرض العلاج على المريض واستبعاد الضغوط العائلية التي من شأنها التأثير على حرية المريض في اتخاذ قراره ، وأن تكون إرادته سليمة من الغش والإكراه والتدليس .
3 ً_ أن يكون موضوع الرضا مشروعا : أي أن يكون العمل الطبي بقصد العلاج وألا يخالف النظام العام والآداب العامة كعمليات تحويل الجنس أو الإجهاض دون ضرورة , وبذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الرضا لا ينفي الصفة غير المشروعة عن العمل الطبي .
ثالثا ً- إثبات الرضا
يقع عبء إثبات رضاء المريض على عاتق الطبيب باعتباره قد باشر عملا ً وعليه هو أن يبرر مشروعيته , ويستخلص هذا الرضا من القرائن وظروف الحال في مثل هذه الأعمال , ولقد توسع القضاء في مفهوم هذه القرائن تيسيرا ً لأداء مهنة الأطباء الإنسانية .
وفي الأعمال الطبية الخطرة أو المستحدثة يشترط غالبا ً أن يكون الرضا الصادر من المريض صريحا ً وكتابيا ً ومع ذلك فإن عبء إثبات رضاء المريض يقع على عاتق الطبيب .
الشرط الثالث : مراعاة أصول المهنة
إن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا ً للأصول العلمية المقررة في مهنة الطب , فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية , وهذا هو مضمون حكم لمحكمة النقض المصرية بتاريخ 11/1/1984 (1) , ويثير هذا الحكم نقطتين مهمتين هما :
أولا ً- ماهية الأصول الطبية
ويقصد بها تلك الحقائق الثابتة والقواعد المتعارف عليها علميا ً ونظريا ً بين أهل العلم من الأطباء بحيث لا يتسامحون مع من يجهلها أو يتخطاها , ولا يعني ذلك أن الطبيب ملزم بتطبيق رأي أغلب الأطباء , فإذا استخدم وسيلة طبية لم يثبت خطرها علميا ً وكانت محل خلاف بين مؤيد ومعارض لها , فلا يعد مخالفا ً للأصول الطبية طالما كان مقتنعا ًبجدواها وكان هدفه شفاء المريض لا مجرد تجربتها .
وبذلك قضت محكمة الإسكندرية بتاريخ 30/12/1943 بأن الطبيب يسأل عن خطأه في العلاج إذا كان ظاهرا ً لا يحتمل نقاشا ً فنيا ً تختلف فيه الآراء .
كما لا يعتبر فشل العلاج قرينة قطعية على خطأ الطبيب لأن عمله هو التزام بعناية وليس التزام بغاية فالطبيب يلتزم بالأصول الطبية ويعمل كل ما بوسعه لتحقيق شفاء المريض , ولو لم يتحقق الشفاء فعلا ً وبناءا ً عليه لا تقوم المسؤولية الجزائية للطبيب إلا إذا خالف أحد أصول الفن الطبي . __________________________________________________ _____________________________________
(1) مجموعة أحكام محكمة النقض س 35 رقم 5 ص 34 .
7


ثانيا ً- جزاء الإخلال بالأصول الطبية
لا يكون عمل الطبيب مبررا ً إذا خالف الأصول المرعية في الطب , كأن يجري عملية جراحية بأدوات غير معقمة أو أن يترك سهوا ً أحد أدوات الجراحة في جسم المريض .
وبناءا ً عليه لا تقوم المسؤولية القصدية للطبيب إلا إذا تعمد مخالفة أحد أصول الفن الطبي ، أي أن تتجه إرادته قصدا ً إلى المخالفة ، وبذلك ينتصب الركن المعنوي للجريمة إلى جانب الركن المادي الموجود أصلا ً ويتكامل كيان الجريمة التي تعد جريمة قصدية .
1 ً_ طبيعة الخطأ الموجب للمسؤولية الطبية :
يحاسب الطبيب بحسب تعمده للفعل أو تقصيره أو إهماله في أداء واجبه , ولا خلاف حول المسؤولية القصدية للطبيب , ولكن الخلافات تثور عند الحديث عن الخطأ الموجب لمسؤولية الطبيب والذي يتخذ عدة صور :
أً_ الخطأ العادي :
ويقصد به الإخلال بقواعد الحيطة والحذر العامة التي يلتزم بها كافة الناس , حيث استقر الفقه والقضاء على إمكانية مساءلة الطبيب عن هذه الأخطاء مهما كانت يسيرة أو جسيمة ومن أمثلتها أن يجري الجراح العملية وهو في حالة سكر أو أن ينسى في جوف المريض مشرطا ً أو ما شابه .
ب_ الخطأ المهني :
وهو انحراف الطبيب عن أصول مهنته , ولقد ثارت الخلافات حول درجة جسامة الخطأ الموجب لمسؤولية الطبيب ، وتبعا ً لذلك ظهر إتجاهين مختلفين بين الفقهاء :
الإتجاه الأول : ذهب البعض إلى مساءلة الطبيب عن الخطأ الجسيم دون اليسير ، وحجتهم في ذلك أن الخطأ المهني جائز على كل طبيب ، لأن الطب من أكثر العلوم دورانا ً على الإحتمال واعتمادا ً على الظروف ، ثم أكدوا أن التقدم العلمي لا يتاح إلا إذا أمن رجل الفن من المسؤولية عن أخطائه الفنية ، وأعطي قدرا ً من الحرية والاستقلال في العمل ، وأخيرا ً فإن مسؤولية الطبيب عن كل خطأ فني يؤدي إلى إقحام القضاء في مناقشات طبية دقيقة يصعب عليه الفصل فيها .
وبذلك قضت المحاكم المختلطة المصرية بتاريخ 2/2/1911 ومحكمة بوردو الفرنسية بتاريخ 25/5/1982 بأن الطبيب لا يسأل عن الخطأ اليسير بل عن الخطأ الجسيم أو الجهل بالأصول التي يتوجب على كل طبيب الإلمام بها .
الإتجاه الثاني : لقد تعرض الإتجاه الأول لنقد شديد ، مما دفع بغالبية الفقهاء إلى المناداة بمساءلة الطبيب عن كافة أخطاءه الجسيمة واليسيرة ، حيث بينوا أن فكرة ترج الخطأ هي تفرقة أخلاقية لا __________________________________________________ _____________________________________
8


قانونية ، كما أكدوا أن التسليم برأيهم لا يؤدي إلى إعاقة الإبتكار والإبداع ، لأن مؤاخذة الطبيب عن خطأه اليسير لا يعني الحكم عليه بمجرد الشك بل لا بد من ثبوت الخطأ بصفة قاطعة ، كما أنه لا مبرر للمخاوف من إقحام القضاء في المناقشات الطبية الدقيقة ، لأن الأطباء ليسوا أهل الفن الوحيدين الذين يخطئون ، بل هناك مهن أخرى قد تفوق الطب في تعقيد مسائلها ودقتها ، ويخطىء أربابها ويطرح أمرهم على القضاء ليفصل في مسؤوليتهم .
ولقد تأيد هذا الإتجاه بحكم لمحكمة النقض السورية برقم /156/ وتاريخ 3/3/1975 ، والمصرية بتاريخ 28/1/1959 ينصان على أن مسؤولية الطبيب تخضع للقواعد العامة متى تحقق وجود الخطأ مهما كان نوعه , فنيا ً أو غير فني , جسيما ً أو بسيطا ً (1) .
ج _ الامتناع عن العلاج :
لقد سار الفقه والقضاء على إقرار مسؤولية الطبيب الممتنع عن النجدة متى ما كان امتناعه لمجرد الإساءة إلى الغير لأنه يعد هنا سيء النية ومتعسفا ً في استعمال الحق .
ويلاحظ أن المشرع السوري قد أوجب على الطبيب في المادة /15/ من نظام واجبات الطبيب أن يقوم بالإسعاف الأولي للمريض المهددة حياته بالخطر ، في حال عدم وجود طبيب مختص ، ولكنه عاد وأكد في المادة 11/ج من النظام ذاته على حق الطبيب في رفض المعالجة لأسباب مهنية أو شخصية ، وذلك في الحالات غير الطارئة .
ويؤيد ذلك حكم لمحكمة النقض السورية رقم /856 / في 29/6/1976 جاء فيه أن امتناع الطبيب عن القيام بالعلاج في الوقت المناسب يشكل خطأ ً إذا اقترن بمخالفة الواجب أو الاتفاق الخاص (2) .




__________________________________________________ _____________________________________
(1) مجلة القانون لعام 1975 ص 619 .
(2) مجلة القانون لعام 1976 ص 696 .

9

الشرط الرابع : قصد العلاج
يجب أن تكون الأعمال الطبية التي يباشرها الطبيب هادفة إلى شفاء المريض أو تخفيف آلامه , ويكفي مجرد القصد ولو لم يتحقق بعدها شفاء المريض بالفعل , ولا يكون فعل الطبيب مبررا ً وتقوم مسؤوليته إذا كانت الأعمال التي يمارسها لهدف غير العلاج كإجراء تجربة علمية أو الانتقام أو لتخليص الشخص من الخدمة العسكرية مثلا ً , ويذهب بعض الفقه إلى أن هذا الشرط ذو طبيعة شخصية , لأنه يقوم على باعث معين لدى الطبيب .
و يثير تطبيق هذا الشرط بعض الصعوبات وخاصة فيما يتعلق بالأعمال الطبية المستحدثة :
أولا ً_ عمليات التجميل : ونميز فيها بين نوعين :
1 ً_ عمليات يتوافر فيها قصد العلاج :
أ- عمليات تستهدف علاج تشويه أو خلل مادي : كإصلاح عضو أو إعادته إلى وضعه الطبيعي مثل إزالة الإصبع السادس أو تقويم الأسنان , فهي في حقيقتها أعمال علاجية ذات صبغة تجميلية .
ب- عمليات تستهدف علاج مشكلة نفسية : يعاني صاحبها من تشويه أو شكل منفر يجعل من حياته عبئا ً ثقيلا ً عليه قد يدفعه للانتحار, وهكذا قضت محكمة استئناف ليون بتاريخ 22/5/1936 بعدم مسؤولية الجراح الذي قام بعملية تجميل لسيدة تعاني من حالة تدهور نفساني شديد (1) , ولا شك في مشروعية هذه العمليات ما لم تعرض صحة الشخص أو سلامة أعضاءه للخطر .
2 ً_ عمليات لا يتوافر فيها قصد العلاج :
كالقيام بعمليات التجميل لمجرد زيادة الحسن ، أو لعدم رضاء الشخص عن شكله الخارجي ، وتلاقي هذه العمليات رواجا ً متزايدا ً وخاصة لدى النساء ، ولا يقصد بهذه العمليات الشفاء من ألم ، بل مجرد إرواء غريزة حب المظهر الحسن ، بالرغم من المخاطر التي قد تنجم عنها .
وهكذا قضت محكمة النقض الفرنسية في بادئ الأمر في 29/11/1920 بمسؤولية طبيب عن الأضرار التي ألحقها بفتاة بعد معالجتها بالأشعة لإزالة شعرات في ذقنها، فتسبب لها بمرض جلدي قبيح ، بالرغم من انطباق العلاج مع قواعد العلم (2) .
ولا يخلو هذا الحكم من إجحاف بحق الأطباء ، الأمر الذي دفع بالقضاء الفرنسي إلى تبديل موقفه في حكم لمحكمة استئناف باريس في 12/3/1931 يقضي بإعادة مسؤولية الطبيب إلى القواعد العامة التي تتطلب الإخلال بأحد شروط ممارسة المهنة ، بشرط أن ينبه الشخص إلى المخاطر التي قد يتعرض لها ويحصل على قبوله الصريح بها ، وكان ذلك في قضية تتلخص وقائعها في محاولة جراح إصلاح شكل ساق سليمة عضويا ً لسيدة , فأنتهت الحال ببتر ساقها (3) . __________________________________________________ _____________________________________
(1) , (2) , (3) عبد السلام التنجي , المسؤولية المدنية للطبيب ص 404 , 397 ، 399 .
10


ثانيا ً_ عمليات التعقيم والإجهاض :
لا يباح للطبيب القيام بهذه العمليات إلا في حالة وجود ضرورة صحية معتبرة تستهدف إنقاذ حياة شخص أو وقايته من متاعب صحية لا يتحملها , وبذلك فهي أعمال علاجية لا حرج في القيام بها . وهكذا قضت م 47/ ب من قانون تنظيم مزاولة المهنة الطبية في سوريا بجواز إجراء الإجهاض من قبل الطبيب أو القابلة , إذا كان استمرار الحمل يشكل خطرا ًعلى حياة الحامل بشهادة طبيبين مختصين.
ثالثا ً_ عمليات نقل الدم والأعضاء :
ونفرق هنا بين طرفي هذه العملية وهما المتلقي , وتعد عملا ً علاجيا ً صرفا ً في حقه , والمتبرع الذي تشكل مساسا ً بجسمه بغير قصد العلاج , ويمكن تبرير نقل الدم كونها عملية يسيرة ولا تشكل أي خطر عليه بل قد تعود عليه بالمنفعة , ويكفي الرضا ليكون سببا ً لإباحتها , أما نقل الأعضاء فقد يؤدي إلى أضرار كبيرة بصحة المتبرع , ولا يمكن تبريرها إلا على أساس توافر حالة الضرورة ، وتحقيق المصلحة الإجتماعية التي تتمثل في صيانة سلامة أفراد المجتمع .
ولقد أجاز المشرع السوري عمليات نقل الأعضاء في القانون رقم /30/ لعام 2003 الذي نص في المادة /1/ منه على ما يلي : يجوز للاختصاصيين في المشافي القيام بنقل عضو ما كالقرنية أو الكلية أو غير ذلك من الأعضاء وحفظه أو غرسه لمريض يحتاج إليه .
رابعا ً _ القتل الرحيم :
ويقصد به قيام الطبيب بالتسبب بموت مريض يعاني من آلام مبرحة لا تطاق ، بأي وسيلة كانت وذلك تحت وطأة الإلحاح الشديد والطلب المستمر من هذا المريض أو من ذويه .
ويلاحظ أن جميع القوانين والتشريعات في أكثر بلدان العالم لاتقرّ به لأي سبب من الأسباب ، وتوجب العقاب على من يقوم به , ومن ضمنها سوريا ، حيث نصت المادة /50/ من نظام واجبات الطبيب : ( لا يجوز إنهاء حياة مريض مصاب بمرض مستعص غير قابل للشفاء مهما رافق ذلك من آلام ) ، ويندرج هذا الفعل تحت طائلة المادة /538/ ق.ع.س والتي تنص على عقاب من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق بناءً على إلحاحه بالطلب , ولم تخالف في ذلك إلا هولندا التي صدر فيها حديثا ً ما يسمى بقانون الموت الرحيم .
ويجدر بنا التفريق بين هذا الفعل المجرم شرعا ً وقانونا ً وبين ما يسمى بالموت الإكلينيكي أو السريري والذي يعرف بتوقّف جذع المخ عن العمل وعن التحكم بوظائف الجسم الحيوية .
ويجوز في هذه الحالة للطبيب أن يرفع أجهزة الإنعاش الصناعية عن هذا المريض الذي يعد ميتا ً بسبب تلف جذع المخ فيه , أما نبضات القلب وحركات التنفس الظاهرية فما هي إلا نتيجة مباشرة لأجهزة الإنعاش المركبة عليه .

11

مراجع البحث
1- شرح قانون العقوبات القسم العام , محمد نجيب حسني .
2- شرح قانون العقوبات المصري القسم العام ، حسن ربيع .
3- قانون العقوبات القسم العام , علي عبد القادر قهوجي .
4- قانون العقوبات القسم العام ، عبود السراج .
5- القانون الجنائي , علي الراشد .
6- المسؤولية المدنية للطبيب , عبد السلام التنجي .
7- المسؤولية الجزائية للطبيب , رسالة قانونية للمحامي فهد عتيق .
8- مجموعة القوانين والأنظمة المتعلقة بالمهنة الطبية في سوريا .








رد مع اقتباس
قديم 01-06-2010, 07:35 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي أسباب التبرير : الدفاع المشروع



أسباب التبرير
الدفاع المشروع

بقلم المحامي حازم حسام الدين علوش



مخطط البحث
المبحث الأول : ماهية الدفاع المشروع
المطلب الأول : تعريف الدفاع المشروع
المطلب الثاني : التمييز بين الدفاع المشروع وحالة الضرورة
المطلب الثالث : موضع نصوص الدفاع المشروع في التشريع المقارن
المبحث الثاني : علة اعتبار الدفاع المشروع كسبب تبرير
المبحث الثالث : شروط الدفاع المشروع
المطلب الأول : شروط فعل التعرض
الشرط الأول : وجود التعرض
الشرط الثاني : أن يكون التعرض غير محق
الشرط الثالث : أن يكون التعرض غير مثار
الشرط الرابع : أن يكون موضوع التعرض إحدى جرائم النفس أو المال
الشرط الخامس : أن يكون التعرض حالا ً
المطلب الثاني : شروط فعل الدفاع
الشرط الأول : أن يكون فعل الدفاع لازما
الشرط الثاني : أن يتناسب فعل الدفاع مع جسامة الخطر
المبحث الرابع : إثبات الدفاع المشروع
المبحث الخامس : حالات خاصة للدفاع المشروع تبيح القتل والايذاء
المبحث السادس : تجاوز حدود الدفاع المشروع المشروع
المبحث السابع : أثر الدفاع المشروع


المبحث الأول : ماهية الدفاع المشروع
المطلب الأول : تعريف الدفاع المشروع
لا يلزم من يتهدده الاعتداء بأن يتحمله ثم يبلغ السلطات العامة لتتولى توقيع العقوبة على المعتدي ، بل إن القانون والمنطق السليم يقران بحقه في صد هذا الخطر أو ايقافه بالقوة اللازمة ، وينشأ هذا الحق كرد فعل طبيعي على الأفعال الخطرة التي صدرت عن المعتدي ، وبذلك فإن حق الدفاع الشرعي ينزع الصفة الجرمية عن أفعال المدافع فتصبح مبررة ومباحة .
ومن هنا اعتبر الدفاع الشرعي سبب تبرير يهدف إلى وقاية الحق من التعرض إلى الخطر الذي يتهدده ، وليس مجرد تخويل المعتدى عليه سلطة توقيع العقاب على المعتدي أو الإنتقام منه .
والدفاع الشرعي هو حق عام يقرره المشرع في مواجهة الكافة ، ويقابله التزام الناس باحترامه وعدم اعاقته ، وكل فعل يعوق استعمال هذا الحق يعد فعلا ً غير مشروع ، بل إن المعتدي لو قاوم أفعال الدفاع فلا تعد مقاومته مشروعة لأنها تشكل اعتداء على الحق الذي يقرره القانون .
ويرى بعض الفقه أن الدفاع الشرعي واجب اجتماعي يفرضه الحرص على سلامة وصيانة الحقوق التي يقررها القانون للفرد والمجتمع ، ولا يعني ذلك أنه واجب قانوني يترتب على عدم اتيانه الجزاء .
ونشير أخيرا ً إلى أن أفعال الدفاع لا تمس الصفة غير المشروعة لأفعال الاعتداء ، فيظل المعتدي مسؤولا ً عن جريمته بالرغم من الايذاء الذي ناله من جراء استعمال حق الدفاع .
وبناء على ما سبق يمكن تعريف الدفاع الشرعي بأنه استعمال القوة اللازمة لمواجهة خطر اعتداء أو تعرض غير محق ولا مثار يهدد حقا ً يقره القانون ويحميه .
وهكذا نصت المادتين /183/ ق.ع. سوري و/184/ ق.ع. لبناني على أنه يعد ممارسة للحق كل فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرض غير محق ولا مثار عن النفس أو الملك ، أو نفس الغير أو ملكه .
المطلب الثاني : التمييز بين الدفاع المشروع وحالة الضرورة
يرى بعض الفقهاء وخاصة الألمان أن الدفاع الشرعي هو نوع من الضرورة ،أي أن كل من الدفاع الشرعي وحالة الضرورة متشابهان لأنهما يفترضان تعارض حقين ، فيضحى بأحدهما على حساب الآخر ، كما أنهما يفترضان وجود خطر محدق يهدد النفس أو المال ،ثم دفعه عن طريق فعل يمس بحقوق الغير .
ولكن الواقع يدل على أن الدفاع الشرعي يختلف عن حالة الضرورة اختلافا جوهريا من حيث الأثر والشروط ، وفق النقاط التالية :
1- الدفاع الشرعي هو سبب تبرير ، فهو فعل مشروع ، أما حالة الضرورة فهي مانع مسؤولية ، أي أن فعل الضرورة غير مشروع في الأصل ، وتمتنع مسؤولية الفاعل ويستفيد من مانع عقاب .
1
2- إن الخطر في الدفاع الشرعي هو فعل غير محق من انسان ، أما الخطر في حالة الضرورة فهو فعل يصدر من إنسان أو حيوان أو قوى الطبيعة ، بغض النظر عن شرعية الفعل أو جرميته .
3- حق المعتدى عليه في الدفاع الشرعي يفوق من حيث القيمة الاجتماعية حق المعتدي ، بينما يكون الحقين متساويان في حالة الضرورة .
4- إن الدفاع الشرعي هو حق للكافة ، أما حالة الضرورة فهي ليست حقا لأحد وإنما هي واقع كرسه القانون مراعاة منه لظروف تتعلق بشخص الفاعل .
5- إن الضحية في الدفاع الشرعي هو شخص مذنب ، بينما يكون في حالة الضرورة بريئا ً لا علاقة له بالجريمة .
6- في الدفاع الشرعي يستوي أن يكون الخطر المحدق جسيما أو غير جسيم ، بينما يشترط في حالة الضرورة أن يكون الخطر جسيما .
7- لا يلزم المدافع في الدفاع الشرعي بالهرب من المعتدي ، أما في حالة الضرورة فيتعين عليه الهرب إذا كان وسيلة صالحة للتخلص من الخطر الذي نشأت به حالة الضرورة .
المطلب الثالث : موضع نصوص الدفاع المشروع في التشريع المقارن
لقد وضع المشرعان السوري واللبناني النصوص المتعلقة بالدفاع الشرعي ضمن أسباب التبرير العامة ، أي أنه يعد سببا عاما ومطلقا للتبرير بحيث ينطبق على كافة الجرائم ، ويستفيد منه الفاعل وجميع المساهمين معه .
بينما لم ينص عليه المشرع المصري في باب أسباب الإباحة ، بل وضعه مع النصوص الخاصة بجرائم القتل والجرح والضرب ، مما قد يوحي بأن الدفاع الشرعي سبب تبرير خاص وقاصر على هذه الجرائم ، إلا أن الفقه والقضاء في مصر مستقران على أن الدفاع الشرعي لا يباح فقط في مواجهة جرائم القتل والجرح ، بل تنصرف اباحته إلى كل الجرائم متى توافرت شروطه ، وسواء وقع الدفاع عن نفس المدافع أو ماله أو نفس الغير أو ماله ، أي أنه سبب عام للتبرير .
المبحث الثاني : علة اعتبار الدفاع المشروع كسبب تبرير
لقد أقرت التشريعات القديمة منذ عهود اليونان والرومان مرورا بالشريعة الإسلامية ووصولا ً إلى الثورة الفرنسية والتشريعات الحديثة بحق الدفاع الشرعي .
ولكن الفقه لم يتفق على رأي محدد حول أساس هذا الحق أو علة تبريره :
فذهب البعض إلى الإستعانة بفكرة الحقوق الطبيعية ، والنقد الموجه لهذه الفكرة يتمثل في أنها قد تكون صالحة للدفاع عن الحقوق الشخصية ولكنه لا تصلح للدفاع عن حقوق الغير .
واستعان البعض بفكرة العقد الإجتماعي ، حيث يتنازل الأفراد عن حقوقهم ومنها حق الدفاع للدولة ،
2
فإن تعرض أحد لاعتداء غير مشروع ولم يكن بوسع الدولة دفعه ، عاد الحق إلى حالته السابقة قبل العقد الاجتماعي وتولى الفرد بنفسه دفع الخطر الذي يتهدده ، ولكن هذا الرأي تعرض لذات النقد السابقفي الدفاع عن الغير .
واستند آخرون إلى فكرة العدالة المطلقة أي مقابلة الشر بالشر ، ويعيب هذا الرأي أنه يجعل الدفاع نوعا من العقاب ، في حين أنه لا يستهدف عقابا بل مجرد وقاية الحق من الخطر الذي يتهدده ، كما أنه يتطلب تعادلا بين الاعتداء والدفاع وهذا ما يندر تحققه .
وقال آخرون بأن الدفاع هو اقرار لحكم القانون ، فالاعتداء هو نفي لحكم القانون والدفاع هو نفي لهذا النفي ، فهو حكم القانون بعينه ، ويعيب هذا الرأي أن الدفاع لا يجرد الاعتداء من صفته غير المشروعة .
واستند البعض إلى فكرة الإكراه ، فالمدافع يصدرفعله تحت تأثير الاكراه الناشىء عن الاعتداء ، وعيب هذا الرأي أن الاكراه لا يقوم به سبب تبرير وإنما مانع مسؤولية ، كما أن الاكراه لا يكون واضحا عندما يكون الاعتداء يسيرا ، وكذلك فإن الإكرا هلا يبرر فعل الدفاع عن الغير .
ولعل أقرب هذه الآراء إلى الصحة هي فكرة المصالح المشتركة للأفراد ، أي ترجيح مصلحة أولى بالرعاية على مصلحة أخرى تحقيقا للصالح العام ، أي أن حق المدافع أهم عند المجتمع وأولى بالرعاية لأن المعتدي قد هبط باعتدائه هذا بالقيمة الاجتماعية لحقه ، وفعل الدفاع وإن كان يتضمن اهدارا لحق المعتدي ، إلا أنه يصون حق المعتدى عليه الأولى والأجدر عند المجتمع .
المبحث الثالث : شروط الدفاع المشروع
يستخلص من النصوص القانونية المتعلقة بالدفاع الشرعي أنه يستلزم تحقق مجموعتين من الشروط ، الأولى تدور حول فعل التعرض الصادر من المعتدي ، والثانية تدور حول فعل الدفاع الذي يمارسه المدافع ، ويجب أن تحقق شروط هذين الفعلين حتى تقوم حالة الدفاع الشرعي وترتب آثارها .
المطلب الأول : شروط فعل التعرض
أولا ً : مدلول التعرض
لقد استعمل المشرع السوري واللبناني لفظ " التعرض " في التعبير عن الفعل الذي يصدر من المعتدي ، في حين أن الترجمة الحرفية للكلمة في النص الفرنسي هي " الإعتداء " ، وعلى الرغم من أن هذا اللفظ هو الذي يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن فعل المعتدي ، إلا أنه ليس لفظا ً دقيقا لأن الدفاع المشروع لا يفترض اعتداء بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة ، حيث أن الاعتداء يعني اهدارا فعليا للحق الذي يحميه القانون ، أي أنه تحقق فعلا المساس بالحق ، ولا يكون عندها أي مجال للدفاع .
وتوضيح ذلك أن الفكرة الأساسية في الدفاع الشرعي هي أن الاعتداء وشيك الحدوث أو أنه وقع ولكنه لم ينته بعد ، وعندها يكون محل لتصور الوظيفة الاجتماعية للدفاع كوسيلة للحيلولة دون وقوع
3
الاعتداء أو دون استمراره ، أما لو تحقق الاعتداء فعلا فلا محل للدفاع الذي يهدف إلى وقاية الحق المهدد بالخطر .
وبناء على ذلك يرى بعض الفقه أن المدلول الصحيح للفظ التعرض هو خطر الاعتداء وليس الاعتداء ذاته ، ففعل الدفاع يتجه إلى الخطر لكي يحول دون تحققه ، كما أن الشروط التي يتطلبها القانون تنصرف إلى الخطر وتصدق عليه أكثر مما تنصرف إلى الاعتداء الذي ينطوي عليه الخطر .
ثانيا ً : مدلول الخطر
وهو اعتداء محتمل ، أي أنه لم يتحقق بعد ، ولكن تحققه منتظر وفق السير العادي للأمور ، ويأتي الدفاع هنا ليعدل هذا السير حتى لا يتحول الخطر إلى اعتداء ، ويستوي ألا يتحقق الاعتداء على الاطلاق أو أن يتحقق في جزء منه ، فالخطر قائم في الحالتين والدفاع متصور فيهما ، أما إذا تحقق الاعتداء كله فلا محل للدفاع لأنه يتحول إلى انتقام .
فإذا لم يكن هناك خطر على الاطلاق لأنه لم يرتكب أي فعل ، أو ارتكب فعل لا يهدد بالخطر فلا محل للدفاع ، وهذا قضت به محكمة التمييز اللبنانية في أحكامها لنفي تحقق حالة الدفاع الشرعي .
ويلاحظ أن القانون قد توسع في تحديد الخطر الذي يقوم به الدفاع الشرعي ، فيستوي عنده الخطر الذي يهدد نفس المدافع أو ماله ، أو نفس الغير وماله ، ويستوي أن يكون الخطر جسيما أو غير جسيم.
والأصل أن ينشأ الخطر عن فعل ايجابي ، ولكن يتصور في بعض الحالات نشوءه عن الامتناع ، ومثال ذلك الأم التي تمتنع عن ارضاع طفلها ليهلك ، فيكون من الجائز ارغامها على الارضاع أو على الأقل اللجوء إلى وسيلة ملائمة لانقاذ الطفل من الهلاك ، وغني عن البيان أنه لا يعتد بالخطر الناشىء عن الامتناع إلا إذا توافرت الشروط التي يتطلبها القانون فيه .
وبناء ً عليه نستنتج الشروط التي يجب توافرها في التعرض وهي أن يكون موجودا في الواقع ، وأن يكون غير محق ولامثار وأن يكون حالا ً وأن يهدد النفس أو المال .
الشرط الأول : وجود التعرض
لقد بينا سابقا ً أن التعرض هو الخطر الذي ينذر بوقوع ضرر يصيب النفس أو المال ، ولا يشترط في التعرض أن يكون جسيما أو يسيرا ، كما يستوي أن يصدر الخطر بفعل ايجابي أو سلبي ، وحتى نقول بوجود الخطر لابد أن يصدر عن المعتدي فعل مادي يعبر عن خطورته ، ولذلك قضت محكمة المصرية في 1985 بأنه لا يمكن اعتبار الشخص الذي يحمل بندقية أنه في خطر ، إذا أراد آخر يحمل عصا أن يتعقبه ولا سيما إذا كان بين أهله وذويه .
الاعتداء الوهمي
ويثور هذا الأمر عندما يعتقد شخص أنه مهدد بالخطر فيأتي أفعال الدفاع ، ثم يتبين أن هذا الخطر لا وجود له وأن اعتقاده كان وهميا ً ، ومثال ذلك أن يرى شخص خيالا ً في الظلام يتقدم نحوه فيظن أنه عدوه الذي يهدده فيقوم بقتله ، ثم يتبين أنه صديق له آت لزيارته .
4
ولتوضيح هذا الأمر نقرر أولا ً أن الأصل في التعرض أن يشكل خطرا حقيقيا ً ، أي موجود في الواقع ، ويعود هذا الشرط إلى طبيعة الفاع الشرعي ومضمونه الفلسفي التي تكمن في نقطتين :
1- أن المشرع أسبغ على الدفاع صفته المشروعة لأنه يحقق وظيفة اجتماعية معينة ، وهذه الوظيفة لا تؤدى إلا إذا وجد العتداء في الواقع وليس في خيال المدافع فقط .
2- أنه من الأسس المنطقية لإباحة الدفاع أن يهدر المعتدي بفعله حقوقه ، فإذا لم يقم بالاعتداء وكان بريئا ً فلا يمكن القول بهدر حقوقه لمجرد وقوع المدافع في وهم كاذب .
موقف التشريع والقضاء المقارن من الاعتداء الوهمي
يبدو أن القانون المصري يجيز تبرير أفعال الدفاع ضد الاعتداء الوهمي متى كانت الظروف والملابسات تلقي في روع المدافع أن هناك اعتداء جديا وحقيقيا موجها إليه ،وهذا يستفاد من المادة /250/ ق.ع التي تنص فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بليغة ، إذا كلن لهذا التخوف أسباب معقولة ، وسار على هذا القول القضاء المصري ، كما أيده إليه بعض الفقه هناك .
كما اتجه القضاء في سوريا إلى القبول بوجود حالة الدفاع الشرعي عندما يكون الخطر وهميا ، شريطة أن يكون الفاعل قد بنى اعتقاده بوجود الخطر على أسباب معقولة ، وأقرت بذلك محكمة النقض السورية ، كما أيده بعض الفقه ، واعترض عليه آخرون وعللوا ذلك بأن الخروج على قاعدة واقعية الدفاع يتطلب على الأقل أن يقوم المعتدي المفترض بفعل ايجابي ليساهم في الأسباب المعقولة التي تبرر اعتقاد المدافع وتصوراته المخالفة للواقع ، ويرون أن موقف القضاء السوري في مسايرته للقضاء المصري غير سديد ، لأن القانون السوري لا يحتوي على نص مشابه للمادة /249/ ق.ع. مصري .
أما محكمة التمييز اللبنانية فقد قررت أنه لا يمكن أن يتصور فاعل الجريمة أنه في وضع خطر محدق به ، غلآ أن يكون الخطر واقعيا وايجابيا بالنسبة إليه .
وحقيقة الأمر أن الاعتداء الوهمي ماهو إلا صورة من صور الغلط في التبرير لأنه ينصب على واقعة الاعتداء بداية ، والتحقق فيما إذا كان هذا الاعتداء ينطوي على خطر حال أم لا ، وبما أن أسباب التبرير ذات طبيعة موضوعية ، فهي لاتنتج آثارها إلا إذا تحققت في الواقع بكل شروطها ، ولا يغني عن ذلك مجرد توهمها .
وبما أن القانون يستلزم وجود التعرض لقيام الدفاع الشرعي ، فيجب أن يكون الخطر موجودا فعلا ً، أما إذا كان مجرد وهم فلا تقوم حالة الدفاع ضده ، وذلك لأن المدافع قد غلط في أحد شروط الدفاع مما ينفي القصد الجرمي لديه ، ويسأل عندها عن جريمة غير مقصودة ، وتنتفي المسؤولية الجزائية فيما لو كان القانون لا يعاقب على الصورة غير المقصودة لتلك الجريمة ، كما أنه إذا بنى اعتقاده على أسباب معقولة فإنه ينفي الخطأ ، ولا تقوم مسؤوليته وإن كان الفعل في ذاته غير مبرر .
وفي النتيجة نقول أن فعل المدافع ضد الاعتداء الوهمي غير مبرر ، ويظل غير مشروع حتى لو انتفت المسؤولية الجزائية عنه ، ومن ثم يجوز الدفاع ضد هذا الدفاع المزعوم .
5
الشرط الثاني : أن يكون التعرض غير محق
أولا ً : الضابط في اعتبار التعرض غير محق
يعتبر التعرض غير محق إذا كان يهدد باعتداء على حق يحميه الشارع ، أي يهدد بوقوع نتيجة جرمية معينة ، ومثال ذلك ، فالشخص الذي يعمل السلاح بجسم آخر ، يهدد بفعله حق المجني عليه في الحياة ، كما يهدد بوقوع نتيجة جرمية وهي وفاة المجني عليه ، ولذلك يعد فعله تعرضا غير محق ، تجوز ممارسة الدفاع ضده .
ولا يشترط أن يصل التعرض إلى درجة اعمال السلاح في جسم المجني عليه ، بل يكتفى بتوجيه السلاح إلى جسمه أو التهديد به ، كما يكفي مجرد حمل السلاح في ظروف تجعل استعماله في الاعتداء على الحياة محتملا ً ، وبناء عليه فإن توجيه المعتدي قبضة يده نحو وجه المجني عليه وإن لم يصبه ، يكون مهددا للحق في سلامة الجسم ، ويعد تعرضا غير محق .
ثانيا ً : النتائج المترتبة على تحديد ضابط التعرض غير المحق
النتيجة الأولى : لا محل للدفاع إذا كان الخطر محقا
أي إذا كان الفعل المنشىء للخطر خاضعا لسبب تبرير ، لأن التعرض المشروع لا يبيح الدفاع الشرعي ، فإذا كان فعل المعتدي مشمولا ً بسبب تبرير كان الخطر الناشىء عنه مشروعا ، ولا يجوز بالتالي لمن يهدده هذا الفعل أن يستعمل العنف لدرئه محتجا بالدفاع الشرعي .
ومثال ذلك أن يقاوم الإبن أفعال الضرب التي يمارسها ضده والده في حدود حقه في التأديب ، متذرعا بحالة الدفاع المشروع ، لأن التعرض هنا يكون مشروعا ومشمولا بسبب تبرير ، وبالتالي نقول لا دفاع ضد سبب التبرير .
ويتطلب التسليم بهذا المبدأ أن يلتزم صاحب التعرض المحق شروط وحدود سبب التبرير ، وإلا انقلب تعرضه إلى فعل غير مشروع والخطر الناجم عنه غير محق ، ومن ثم يكون الدفاع الشرعي ضده جائزا ، فإذا جاوز الأب في مثالنا حدود حقه في التأديب واستخدم الضرب الشديد ضد ابنه ، فإن فعله يكون غير مشروع وتعرضه غير محق ، مما يبيح للإبن اللجوء إلى الدفاع لمقاومة هذه الأفعال .
وتجد هذه النتيجة تطبيقات عديدة ، نذكر منها على سبيل المثال :
أ- الخطر الناشىء عن فعل الموظف العام
* تنفيذ الأمر الشرعي : إذا كان عمل الموظف مطابقا للقانون فلا شك في أن ما يهدد به من خطر يكون بدوره محقا ، ولا يجوز لمن يتعرض لهذا الخطر أن يتذرع بالدفاع الشرعي لتبرير أفعال العنف التي يرتكبها لدرء هذا الخطر ، لأن فعل الموظف هو تنفيذ للقانون .
ويدعم هذا القول المادة /184-1/ ق.ع.س التي تبرر الفعل المرتكب انفاذا لنص قانوني أو اعمالا لأمر شرعي صادر عن السلطة ، مما يعني نفي الصفة غير المشروعة عن فعل هذا الموظف .
6
وتطبيقا لذلك ، لا يجوز لمن يقبض عليه بناء غلى مذكرة توقيف قانونية ، أن يقاوم رجل الشرطة الذي ينفذ هذا الأمر ، كما لايجوز لمن ينفذ به حكم الإعدام أن يقاوم الموظف الذي يقوم بهذا التنفيذ .
* تنفيذ الأمر المعيب : ولكن الأمور تختلف إذا ما شاب فعل الموظف عيب ما ، كأن تنتفي منه بعض شروطه التي يتطلبها القانون ، حيث يبدو للوهلة الأولى أن الدفاع ضد هذا الفعل جائز ، لأن الفعل يخالف القانون فهو غير مشروع والخطر الناجم عنه غير محق ، ولكن هذا الرأي غير سليم ، ويوجه له عدة عيوب :
1- إن السماح لكل شخص بتقدير شرعية عمل الموظفين واستعمال العنف لمنعها يؤدي إلى الفوضى ويعطل أعمال السلطة العامة التي قد يكون لها طابع الاستعجال .
2- إن الشروط التي يتطلبها القانون في عمل الموظف متعددة ، وبعضها شكلي صرف ومن غير المبرر أن يعطل عمل الموظف لعيب يسير ، وقد يكون الموظف جاهلا لوجوده .
3- إن الفرد العادي غالبا ما تنقصه الكفاءة لتقدير شرعية عمل الموظف .
ولذلك فقد ذهب بعض الفقه إلى عدم الإعتراف بحق الفرد المطلق في مقاومة فعل الموظف المشوب بعيب ما ، ويؤيد ذلك النص القانوني في بعض التشريعات ومنها السوري واللبناني في المواد /184-2/ ق.ع.س و /185-2/ ق.ع. لبناني التي تبرر للفاعل حين ينفذ أمرا غير شرعي صادر عن السلطة إذا لم يجز القانون له أن يتحقق من شرعيته ، مما يعني نفي الصفة غير المحقة عن الفعل رغم عيبه وبالتالي نفي الدفاع الشرعي ضده .
ولكن لا يجوز أن يترك هذا الرأي على اطلاقه ، أيا كانت خطورة العيب المشوب به هذا الفعل ، فهذا الاطلاق يهدد حقوق الأفراد ويجعلها عرضة لاستبداد الموظفين ، ولذلك يشترط عدة شروط لمنع الدفاع الشرعي ضد عمل الموظف العام وفقا لما جاءت به نصوص المواد المذكورة آنفا ، ومنها :
1- أن يكون عمل الموظف داخلا في نطاق اختصاصه الوظيفي .
2- أن يكون الموظف حسن النية .
3- ألا يكون عمل الموظف المعيب شديد الخطورة مما يترتب عليه موت أو جراح بليغة .
ويبقى أخيرا أن نشير إلى أن المدافع يحمل عبء إثبات أنه في وضع يجيز له مقاومة الموظف ، لأن الأصل في الموظف أن يلتزم اختصاصه وأنه حسن النية وأنه يتجنب احداث الأضرار الجسيمة ، فإذا نجح المدافع في اثبات ذلك ، يتعين عليه أن يثبت بعدها توافر بقية شروط الدفاع الشرعي .
ب_ الخطر الناشىء عن فعل الدفاع الشرعي
القاعدة أن من يقوم بالاعتداء على آخر ينشىء له الحق في الدفاع الشرعي ، ومن ثم فلا يجوز له أن يحتج بالدفاع إذا قاوم الأفعال الصادرة عن المعتدى عليه في حدود حقه ، ويعبر عن هذه القاعدة بالقول " لا دفاع ضد الدفاع " ، وتعليل ذلك أن فعل الدفاع طالما حقق شروطه فهو عمل مشروع ،
7
إذن فهو خاضع لسبب تبرير ، ومن ثم فلا يجوز وصف الخطر الناجم عن فعله بأنه غير محق .
ولكن إذا جاوز المعتدى عليه حدود حقه في الدفاع ، فإن المنطق المجرد يقتضي الاعتراف للمعتدي بالحق في الدفاع عن نفسه ، ولكن يضعف هذا الرأي أن المشرع قد تطلب في شروط الدفاع أن يكون التعرض غير مثار ، ولا شك هنا أن المعتدي هو الذي أثار الأفعال التي يقوم بها المدافع ، ومن ثم لا يجوز له الاحتجاج بالدفاع الشرعي لدرء الخطر الذي يهدده به المدافع .
النتيجة الثانية : يجوز الاحتجاج بالدفاع الشرعي ضد كل خطر غير محق
أ- الدفاع الشرعي ضد المعتدي الغير مسؤول جزائيا ً
إن الضابط في تحديد التعرض الغير محق ذو طبيعة موضوعية ، إذ لا يقتضي سوى أن يهدد حقا يحميه القانون وينذر بتحقق نتيجة جرمية .
فإذا اعتبر التعرض غير محق وفقا لهذا الضابط ، فلا عبرة حينها لكون من ارتكبه مسؤولا جزائيا أو غير مسؤول ، وعليه فمن يتعرض لاعتداء صادر عن مجنون أو قاصر يستطيع أن يحتج بالدفاع الشرعي ازاء هذا التعرض ، لأن فعل المجنون أو القاصر يظل غير مشروع بالرغم من عدم مسؤولية أي منهما جزائيا .
كما يكون الاعتداء غير محق ولو كان المعتدي يستفيد من مانع عقاب أو مانع مسؤولية كحالة الضرورة أو الإكراه المعنوي ، أو يستفيد من قيد اجرائي يتعلق بالدعوى الجزائية ضده ، كمن يتمتعون بالحصانة النيابية أوالقضائية أو الدبلوماسية أو من تتوافر بالنسبة لجرائمهم تعليق إقامة الدعوى على طلب أو شكوى أو أذن ، فهؤلاء جميعا تتطابق أفعالهم مع النموذج القانوني للجريمة ، ولهذا فإن أفعالهم الغير مشروعة تبرر الدفاع ضدها .
ب_ الدفاع الشرعي ضد المعتدي الذي يستفيد من عذر قانوني
إذا كان المعتدي يستفيد من عذر قانوني ، فإن فعله يكون غير مشروع أصلا ً ، وبذلك يكون الدفاع ضد اعتداءه جائزا ، ومثال ذلك التعرض الصادر من الحدث ، فإنه يبيح للمعتدى عليه أن يقاومه رغم أن الحدث يستفيد ون عذر قانوني ، لأن فعله يظل غير مشروع وغير محق .
ج_ الدفاع الشرعي ضد الحيوان
من المتصور أن يهجم حيوان على شخص ما ، ولتوضيح هذه النقطة نميز بين حالتين :
الحالة الأولى : إذا كان الحيوان قد استعمل من قبل صاحبه للاعتداء على المجني عليه ، فيكون الاعتداء متوافرا هنا ومصدره صاحب الحيوان ، ولا يكون الحيوان سوى أداة في يده ، ويجوز للمعتدى عليه أن يدافع عن نفسه ويحتج بالدفاع المشروع ضد تعرض غير محق .
الحاة الثانية : إذا كان هجوم الحيوان دون تحريض من أحد ، فلا يعتبر الهجوم هنا اعتداء غير محق لأن قواعد عدم المشروعية في القانون لا تطبق إلا على أفعال الانسان ومن ثم لا يمكن وصف هذا
8
الخطر بأنه غير مشروع ، ولا تقوم به حالة الدفاع الشرعي ، فلو قام المعتدى عليه بقتل الحيوان فلا يمكنه التذرع بالدفاع الشرعي لعدم توافر شروطه ، بل يجوز له أن يدفع مسؤوليته الجزائية بإثبات قيام حالة الضرورة إذا توافرت شروطها .
ولكن غالبا ما لا يحتاج المدافع في هذه الحالة الدفع بحالة الضرورة ، لأنه يستطيع دفع المسؤولية على أساس أنه لم تتوافر في حقه جريمة قتل حيوان دون مقتضى حق أو غير مضطر ، وهنا فإن القتل جاء لتفادي خطر الحيوان فهو اضطرار ، مما ينفي أحد أركان هذه الجريمة .
الشرط الثالث : أن يكون التعرض غير مثار
لايكفي أن يكون التعرض غير محق لتوافر شروط الدفاع المشروع إنما يلزم أن يكون غير مثار أيضاً ، ومبرر هذا الشرط ألا يكون المدافع هو الذي خلق الظروف التي دفعت المعتدي إلى ارتكاب الفعل الذي هدده بالخطر ، وبذلك يكون التعرض غير مثار عندما يصدر عن المعتدي دون أن يكون للمعتدى عليه يد فيه ، ولا فرق بعد ذلك أن يكون التعرض تلقائيا من المعتدي نفسه أو بتحريض من شخص ثالث .
ولعل المشرع يريد من هذا الشرط أن يكون موقف المدافع نقيا من كل شائبة عدوان ، لكي يستحق منحه الحق في الدفاع الشرعي .
ومن أهم تطبيقات هذا الشرط قاعدة " لا دفاع ضد الدفاع " ولو جاوز المعتدى عليه حدود حقه ، ذلك أنه إذا كان المعتدى عليه في حدود حقه فالدفاع جائز ، ولكن إذا جاوز حدوده فالأصل جواز الدفاع ولكن اشتراط كون التعرض غير مثار يؤدي إلى انكار الدفاع في هذه الحالة .
ولكن لا يجوز المبالغة في تطبيق هذا الشرط فالمنطق القانوني ومصلحة المجتمع لا يقبلان أن من يهدد غيره بالضرب البسيط لا يباح له الدفاع ضد افعال المدافع التي تهدده بالموت .
ويرى بعض الفقه أن انكار حق المعتدي ابتداء في الدفاع الشرعي مشروط ببقاء المعتدى عليه في النطاق الذي يسمح له بالاستفادة من عذر الاستفزاز المنصوص عليه في المادة /242/ ق.ع.س ، حيث تفترض هذه المواد وجود التناسب بين مقدار ثورة الغضب والفعل الذي يرتكبه ، فإذا تجاوز ذلك فلا يكون فعله صادرا عن الثورة وإنما هو وليد الرغبة في الانتقام ، فلا يستفيد من العذر المخفف ، ولا يحرم الغير من حقه في الدفاع الشرعي .
وهناك جانب من الفقه يرى أنه لا محل لمثل هذا الشرط ، لأن الاثارةمهما بلغ شأنها لا يجوز أن تجرد الفرد من حقه في الدفاع الشرعي ، وبما أن قانون العقوبات خص الاثارة " الاستفزاز " بحكم خاص ، وجعلها عذرا قانونيا مخففا ، فإذا كانت الاثارة تخفف العقوبة للشخص المثار ، فهي لا يمكنها أن تحرم من يحدث الاثارة من حقه في الدفاع الشرعي .
وفي جميع الأحوال فإن القاضي هو الذي يقدر درجة الاثارة وأهميتها في الظروف الشخصية والموضوعية التي تحدث فيها ، ويرى فيما إذا كانت كافية لحرمان المعتدي المثير من الدفاع الشرعي .
9
ومن الأمثلة العملية على هذا الشرط ما قضت به محكمة التمييز اللبنانية من أنه لا مجال لتذرع المتهمين بالدفاع الشرعي عن النفس ، لأن اسراع أحدهما الى التنفيذ باستباق الآخر في اطلاق الرصاص لا يجعل أحد منهما في حالة الدفاع الشرعي إذ أنه في حالة العزم على تبادل الاعتداء يعتبر الاثنان معا معتديين ولا عبرة لمن كان منهما البادىء باطلاق النار .
وأيضا من يفاجىء زوجته أو أحد محارمه في جرم الزنا المشهود فحاول أو قتل أحدهما ، فإن المشرع منحه عذرا محلا ، وعلى الرغم من ذلك فإن فعله يظل غير مشروع أي غير محق لأن الأعذار المحلة ل تنفي الصفة الجرمية عن الفعل ، وللوهلة الأولى نقول بالاعتراف للزوجة وشريكها بالدفاع الشرعي في مواجهة الزوج ، ولكن يمتنع ذلك لأن هما هما الذين أوجدا نفسيهما في مثل هذا الوضع الذي يهددهم بالخطر ، فهما الذين أثارا تعرض الزوج لهما ، على أن القول باطلاق هذا الرأي يبدو مجافيا للمنطق القانوني .
ونشير أخيرا إلى أن المشرع المصري لم يشترط أن يكون التعرض غير مثار، لذا يكون الاعتداء غير مشروع ولو كان بسبب استفزاز المدافع ، أي حتى ولو كان المدافع من تسبب بالظروف التي دفعت المعتدي إلى الاعتداء عليه ، فإنه لا يفقد حقه في الدفاع الشرعي ، وتطبيقا لذلك يجوز لشريك الزوجة الزانية أن يستعمل حق الدفاع الشرعي ضد الزوج المثار .
ولا سبيل لتجاوز هذه النتيجة الشاذة إلا بتدخل المشرع المصري لإضافة هذا الشرط كما فعل كل من المشرعين السوري واللبناني .
الشرط الرابع : أن يكون موضوع التعرض إحدى جرائم النفس أو المال
لقد سبق أن بينا أن المشرعين السوري واللبناني جعلا الدفاع الشرعي سبب تبرير عام لكل أنواع الجرائم ، وهذا أفضل مما سار عليه المشرع المصري الذي قصر الفاع الشرعي ضد جرائم النفس عامة وبعض جرائم المال المنصوص عليها في المادة /246/ من قانون العقوبات .
وتقوم التفرقة بين جرائم النفس وجرائم المال على أساس أن الأولى تنال حقا مرتبطا بشخص المجني عليه وخارجا عن دائرة التعامل ، أما الثانية فتنال حقوقا ذات قيمة اقتصادية وداخلة في دائرة التعامل .
أولا ً : جرائم النفس
إن كل جرائم النفس دون استثناء تبرر الدفاع الشرعي أيا كانت طبيعتها أو جسامتها وسواء أسفر الاعتداء عن اصابات بالمعتدى عليه أم لا .
ولكن يجب التفرقة بين وجود حق الدفاع الشرعي في ذاته وبين مقدار اتساع نطاقه ، فإذا أقر الشارع للشخص الذي يهدده ايذاء بسيط بالدفاع الشرعي لرد هذا الاعتداء فليس معنى ذلك أن يبيح له قتل المعتدي أو ايذائه بشكل جسيم ، بل يقيده بتناسب دفاعه مع جسامة الخطر الذي يهدده .
والجرائم التي تقع على النفس كثيرة ومنها :
1- جرائم الاعتداء على حياة الانسان وسلامة جسمه : كالقتل والايذاء .
10
2- جرائم الاعتداء على العرض : كالاغتصاب والفحشاء والاغواء ، ولاشك أن هذه الجرائم تبيح الدفاع الشرعي ، ولكن محكمة النقض السورية أنكرت ذلك الحق على من قتل شخصا كان يلا حق زوجة القاتل بقصد ارتكاب الزنا معها ، معللة ذلك بأن الزنا ليس اعتداء على النفس .
ويرى بعض الفقهاء أن تعبير النفس يشمل كافة الحقوق العائلية ، وكذلك الحق في سلامة العرض ، وكان الأصوب أن تنكر حق الدفاع لعدم التناسب بين الزنا والقتل ، كما يرى آخرون أن موقف المحكمة يجانبه الصواب لأن فعل الزنا يعد اعتداء خطيرا على النفس .
3- جرائم الاعتداء على الحرية : كحجز الحرية والخطف والتهديد وخرق حرمة المنازل .
4- الجرائم الماسة بالشرف والاعتبار : كالقدح والذم والاحتقار ، ولكن الاتجاه الراجح يضع الدفاع الشرعي ضد هذه الجرائم في نطاق ضيق جدا ، كتمزيق المكتوب الذي يحوي ألفاظ الذم أو القدح ، أو وضع اليد على فم المعتدي لمنعه من الاسترسال في عبارات كهذه .
ثانيا ً : جرائم المال
إن جميع جرائم المال تبرر الدفاع الشرعي ، وبالتالي يباح الدفاع الشرعي ضد جرائم السرقة والاحتيال واساءة الائتمان واتلاف الممتلكات وغيرها .
ونشير إلى أن المشرع المصري أباح الدفاع ضد بعض جرائم المال على وجه الحصر ، فلا يجوز القياس عليها ولا مدها لباقي جرائم المال .
وأخيرا ، فإن الدفاع ضد جرائم المال يثير دوما التناسب بين الاعتداء والدفاع ، فلا يبرر القتل مثلا في مال تافه ، كما أن المحاكم تتشدد عادة في تحقق شروط الدفاع عندما يلجأ المدافع عن المال إلى القتل أو الايذاء ، فالدفاع عن المال يجب أن يكون بأقل الوسائل ضررا .
الشرط الخامس : أن يكون التعرض حالا
قضت التشريعات بهذا الشرط بقولها " كل فعل قضت به ضرورة حالية . . . " ، وعلة هذا الشرط أن الوظيفة الاجتماعية للدفاع هي وقاية الحق من خطر لايسع السلطات العامة أن تدرأه ، والوقاية تفترض أن الخطر لم يتحول إلى اعتداء كامل ، لأنه لو تحقق الاعتداء فليس للوقاية محل ، وكون السلطات العامة لا تستطيع درء الخطر يفترض أن يكون الاعتداء وشيكا ، ويعود تقدير ذلك إلى الظروف التي كان المدافع فيها ، وتبعا لذلك فقد يتخذ الخطر الحال أحد صورتين :
الصورة الأولى : الخطر أو الاعتداء الوشيك
ويفترض في هذه الصورة أن الاعتداء لم يبدأ بعد ، ولكن الأفعال التي صدرت من المعتدي تجعل من المنتظر وفق السير العادي للأمور أن يبدأ الاعتداء حالا، ومثال ذلك من يهدد آخر بالقتل ثم يخرج مسدسه ويبدأ بتعبئته بالطلقات ، فإن فعله هذا يجيز للمهدد الدفاع ولو لم يبدأ الاعتداء بعد ، فالمشرع لم يلزم المدافع بانتظار بدء الاعتداء .
11
وهكذا قضت محكمة النقض السورية بأنه لا يشترط في الدفاع المشروع أن يقع بعد استعمال السارق للعنف ، بل يكفي أن يعتقد صاحب المال أن السرقة بالعنف هي غرض السارق مادام اعتقاده مؤيدا بوجود سلاح لدى السارق .
وعلى ذلك ينتفي الخطر الحال إذا كان الفعل الذي يهدد به مستقبلا ، كأن يهدد شخص آخر بأنه سيقتله في الأسبوع القادم ، لأن الخطر المستقبل غير محقق ، ثم إن في وسع المدافع أن يلجأ إلى حماية السلطات العامة .
الصورة الثانية : الاعتداء الذي لم ينته بعد
وتفترض هذه الصورة أن اعتداء ما قد بدأ ، ولكنه لم ينته بعد فما زال الخطر قائما ، ومثال ذلك فمن يطعن شخصا بسكين ثم يحاول اعادة الطعنات يتوافر في فعله صفة الخطر الحالبالنسبة للطعنات اللاحقة ، وكذلك من يخفي أشياء مسروقة ، فيجوز لصاحب المال أن ينتزعها بالقوة طالما كانت حالة الاستمرار قائمة .
أما إذا انتهى الاعتداء وتحقق كل الخطر الذي يهدد الحق ، فإن صفة الحلول تنتفي ولا يكون للدفاع الشرعي محل ، وكل عنف يصدر من المجني عليه أو من غيره يكون انتقاما محظورا .
وتطبيقا لذلك فإذا اعتدى شخص على أخر بالضرب ثم فر وتبعه المجني عليه حتى لحق به وضربه فلا يسعه أن يحتج بالدفاع الشرعي ،وهذا ما قضت به محكمة التمييز اللبنانية .
وبذلك قضت محكمة النقض السورية بأنه لو وقع قتل السارق من قبل صاحب المال بعد اتمام السرقة يكون صاحب المال عندها مرتكبا لجريمة القتل القصد .
الضابط في انتهاء الاعتداء
ينتهي الاعتداء في إحدى الصورتين التاليتين :
أولا ً : اتمام المجرم الأفعال التي يريدها وتحقق النتيجة الجرمية ،بحيث لا يكون في وسع المعتدى عليه أن يحول دون تحققها أو زيادة جسامتها ، ففي هذه الصورة يكون انتهاء الاعتداء رهنا بتحقق الركن المادي للجريمة كاملا .
ثانيا ً : عندما يقف نشاط المجرم بإرادته أو جبرا ، فلا يكون محتملا اقدامه على أفعال تالية تهدد بخطر جديد ، وفي هذه الصورة يكون انتهاء الاعتداء رهنا بوقوف النشاط الجرمي ولو لمتتحقق نتيجته ولا فرق في أنيكون هذا التوقف اختياريا أو اجباريا ، وإذا كانت الجريمة مستمرة فلا ينقضي الاعتداء إلا إذا انقضت حالة الاستمرار ، أما إذا كانت الجريمة متعاقبة فلا ينتهي الاعتداء إلا إذا انتهت آخر الأفعال المتتابعة .
ويثور التساؤل أخيرا حول حكم وضع وسائل الدفاع الميكانيكية ، كمن يضع فخا لحماية بيته أو أسلاكا كهربائية ، فتصيب لصا لدى محاولة الدخول إلى المنزل ، فيبدو أن الخطر هنا مستقبل ، ولكن العبرة بوصف الخطر تكون للوقت الذي تم فيه الاعتداء ، وفي مثالنا لدى حدوث الاصابة كان الخطر
12
حالا ، ويبقى تحقق الشروط الأخرى حتى تقوم حالة الدفاع الشرعي لتبرير هذه الاصابات .
ويذهب بعض الفقه إلى أن هذه السألة أقرب إلى استعمال الحق منها إلى الدفاع المشروع ، لأن الدفاع بطبيعته يقتضي سبق العدوان ، وهنا كان فعل صاحب الحق أسبق وهو ما لايجوز .
والواقع أن هذا الاعتداء المحتمل أو المستقبل لا يبيح الدفاع الشرعي إلا أنه لا يحظر اتخاذ الحتياطات اللازمة لمواجهته ، فالشخص الذي يهدد بالقتل في المستقبل له الحق في اتخاذ الوسائل المناسبة لصد خطر هذا التهديد ، فيحمل معه سلاحا ليستخدمه عند حلول الخطر، ولا يمكن أن تنسب إليه جريمة القتل مع سبق الاصرار ، إنما هو فقط أصر على استعمال حقه في الدفاع المشروع .







رد مع اقتباس
قديم 01-06-2010, 07:39 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أسباب التبرير : الدفاع المشروع

المطلب الثاني : شروط فعل الدفاع
ماهية الدفاع
إذا توافرت في فعل المعتدي الشروط المطلوبة في القانون وهي وجود تعرض حال غير محق ولا مثار ويهدد النفس أو المال ، فينشأ للمهدد بالخطر أو لغيره الحق بالدفاع .
والدفاع هو اتيان فعل أو امتناع عن فعل من المعتدى عليه بالذات أو من الغير ليدرأ عن الحق الاعتداء أو الخطر الذي يواجهه ، كلما توافرت شروط الاعتداء السابقة .
والأصل في الدفاع أن يكون بفعل ايجابي ، ولكن قد يكون بالامتناع كأن يعتدي شخص على آخر فيهاجمه كلب المعتدى عليه دون أن يمنعه ، أو كالميكانيكي الذي تظاهر باصلاح سيارة بعدما علم أن سائقها متوجه لقتل شخص آخر .
والدفاع حق منحه الشارع للمعتدى عليه وللغير دون أن يشترط وجود صلة بينهما ، لأن الدفاع حق اجتماعي للكافة ، وعليه فلا يشترط أن يدافع الغير بناء على طلب من المعتدى عليه أو بعلمه بل يصح الدفاع ولو رفضه المعتدى عليه أو جهله .
ولا يشترط توافر نية الدفاع ، لأن اسباب التبرير ذات طبيعة موضوعية تنتج آثارها بمجرد توافر شروطها ، دون الاعتداد بالحالة النفسية لمن يستفيد منها ، اي ان الجهل بتوافر الاعتداء لا يؤثر على تبرير الدفاع .
والاصل ان يكون فعل الدفاع مقصودا اي ان يرتكبه المدافع بقص التخلص من الخطر ولكن يمكن تصوره بطريقة غير مقصودة ، كالجروح التي يسببها كلب المعتدى عليه اذا اهمل في منع اذاه .
ويتوسع القانون في تحديد افعال الدفاع بحيث لا يتطلب فيها صورة معينة ، فقد يكون بقتل المعتدي او ايذائه او تحطيم سلاحه او كسر باب منزله .
الشرط الأول : أن يكون فعل الدفاع لازما
من الواضح انه اذا كان المدافع يستطيع التخلص من الخطر عن طريق فعل لا يعد جريمة فلا يباح له الاقدام على فعل تقوم به جريمة ، لأن اتيانه للدفاع ليس لازما لدرء الخطر ، ويمكنه حماية حقه دون
13
المساس بحق سواه ، لأن الدفاع فعل تقتضيه الضرورة ، ويشترط للقول بلزوم فعل الدفاع ان يتحقق امرين هما :
أولا ً : أن يكون فعل الدفاع الوسيلة الوحيدة لصد الاعتداء
ويثير الحديث عن هذا الشرط نقطتين :
1- استطاعة اللجوء الى السلطات العامة : فإن هذه الاستطاعة تحول دون الاحتجاج بحالة الدفاع ، لأن حق الدفاع ذو صفة احتياطية ولا محل له الا عند عجز السلطات عن حماية الحق .
2- استطاعة الهرب : تقول القاعدة ان الدفاع حق والهرب مشين لأنه يدل على جبن ، ولا يلزم صاحب الحق بالنزول عنه والالتجاء الى مسلك مشين لأنه غالبا ما يعرضه للسخرية والاستهزاء وهذا ما لا يرتضيه القانون ، وهكذا قالت محكمة الاستئناف اللبنانية " من المتفق عليه كون الدفاع عن النفس حق وكون المرء لا يلزم بالهرب المخجل للتخلص من الخطر على فرض تمكنه من ذلك " .
وهذا هو الرأي السائد في الفقه والقضاء المصريين ، حيث قررت محكمة النقض المصرية " ان القانون لا يمكن ان يطالب الانسان بالهرب عند تخوف الاعتداء عليه لما في ذلك من الجبن الذي لا تقره الكرامة الانسانية " .
ويرد على القاعدة السابقة بعدم لزوم الهرب استثناء يتمثل في الحالة التي لا يكون فيها الهرب مشينا بحيث تنتفي معها دلالات الجبن ، كما لو كان الاعتداء صادرا عن مجنون او اب او ولد صغير ، ويتوجب هنا على المدافع ان يلجا الى الهرب ويحظر عليهاستعمال العنف بدلا عنه .
وياخذ حكم الهرب احتماء المدافع داخل منزله او استغاثته بمن حوله او تغيير طريقه اذا راى عدوه .
ثانيا ً : أن يتجه فعل الدفاع الى مصدر الخطر
لا يجوز للمعتدى عليه ان يترك مصدر الخطر الذي يهدده ويوجه فعل الدفاع الى شخص او شيء اخر لم يصدر عنه الخطر ، ولا محل هنا للدفاع لأنه غير ذي جدوى في التخلص من الخطر ، وبالتالي يعد هذا الفعل غير لازم ، فمن يهاجمه شخص لا يجوز له ان يوجه دفاعه الى غيره ، ومن يهاجمه كلب لا يجوز له ان يطلق النار على مالكه .
الشرط الثاني : أن يتناسب فعل الدفاع مع جسامة الخطر
اذا كان القانون قد برر فعل الدفاع فهو يبرره بالقدر الضروري لدرء الخطر وما زاد على ذلك فلا وجه لتبريره ، ويعني ذلك انه اذا كان في وسع المدافع ان يدرأ الخطر بفعل معين فلا يباح له ان يدرأه بفعل اشد جسامة ، فكون الدفاع حق لا يعني ممارسته بالمطلق وينظر الى هذا التناسب من وجهين :
1- ان التناسب ليس عملية حسابية بين الاعتداء والدفاع ، ولا يلغي ذلك انزال ضرر اشد بالمعتدي وأكثر مما كان ينوي احداثه ، فمن تتعرض لمحاولة الاغتصاب يجوز لها قتل مهاجمها ، كما انه ليس على المدافع ان يستخدم ذات الوسيلة المستعملة من المعتدي ، ويتوفر التناسب اذا كانت الوسيلة التي
14
استعملها المدافع هي الوحيدة المتاحة لديه في الظروف التي وجد فيها ، بغض النظر عن الضرر الذي لحق بالمعتدي ، أما اذا اتيح للمدافع عدة وسائل كان عليه ان يستعمل اقلها ضررا فمن كان قادرا على رد الاعتداء بقبضة يده لا يباح له استعمال السلاح .
2- ان مقياس التناسب شخصي ومتروك لتقدير القاضي ، فهو متعلق بذات المدافع من حيث قوته وبنيته بالمقارنة مع المعتدي ، ومن حيث طبيعته وهدوء أعصابه ، كما انه متعلق بالظروف المحيطة به كما لو كان المكان مقفرا أو كان الوقت ليلا او نهارا .
ويذهب الرأي الغالب الى ان معيار التناسب لا يمكن تحديده بدقة ، الا ان البعض يرون ان المعيار موضوعي في اصله وقوامه الشخص المعتاد حيث يتوجب على القاضي ان يضع نفسه موضع المدافع مع احاطة نفسه بالظروف التي وجد فيها ، اي ان المعيار ليس موضوعيا خالصا ، علما ان الاتجاهين يصبان في ذات النتيجة .
واخيرا نقول انه اذا كان المدافع يقدر حقيقة جسامة الخطر ولكنه التجأ الى فعل اشد خطورة فان التناسب يعد منتفيا .
المبحث الرابع : إثبات الدفاع المشروع
اختلف الفقه في فرنسا حول عبء اثبات الدفاع الشرعي ، حيث ذهب رأي الى القاء هذا العبء على على سلطة الاتهام لأن المدافع يستفيد من قرينة البراءة ، ويجب على سلطة الاتهام اثبات عدم توافر سبب التبرير ، في ذهب آخرون الى الى القاء هذا العبء على القاضي الذي عليه من تلقاء نفسه تحري توافر الدفاع الشرعي ، الا ان الراي الراجح في فرنسا يحمل المتهم عبء الاثبات .
اما قضاء التمييز اللبناني والمصري فقد استقرا على ان تقدير قيام حالة الدفاع بشروطه هي من الامور التي تتعلق بموضوع الدعوى وتستقل محكمة الاساس بالفصل فيها بغير معقب .
ولما كان اثبات قيام الدفاع من الامور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فالدفع به هو دفع موضوعي لا يجوز اثارته للمرة الاولى امام محكمة النقض ، وبالتالي على المدافع اثارته امام سلطة التحقيق او محكمة الاساس ، ولا يشترط ان يكون التمسك بالدفاع الشرعي بصريح اللفظ بل ان اي عبارة دالة عليه كافية ، وهو من الدفوع الجوهرية التي على محكمة الاساس ان تناقشها في حكمها دون اشتراط ان يعترف المتهم بالفعل ليستفيد من سبب التبرير ، لأنه يستفيد أيضا ولو انكر الفعل اصلا ولا يبقى لمحكمة النقض من دور الا من خلال دورها في تكييف الوقائع كما هي ثابتة في الحكم .
المبحث الخامس : حالات خاصة للدفاع المشروع تبيح القتل والايذاء
نص المشرع السوري واللبناني على خلاف نظيرهما المصري على بعض الحالات التي تعد من قبيل الدفاع الشرعي عن النفس ويباح عند توافرها القتل والايذاء ويكون مبررا .
1- من يدافع عن نفسه او ماله او نفس الغير او ماله تجاه من يقوم باستعمال العنف للسرقة او النهب .
15
2- الفعل المقترف على شخص دخل او حاول الدخول ليلا الى منزل آهل او الى ملحقاته الملاصقة بتسلق السياجات او ثقبها او كسرها او باستعمال مفاتيح مقلدة او ادوات خاصة .
ولقد ثار الخلاف في الفقه الفرنسي وهو المصدر الأساسي لهاتين الحالتين ، فيما اذا كان غرض الشارع منهما ذكر امثلة لحالات الدفاع الشرعي ، وقد انتقد هذا الراي لأن المشرع لا يورد الأمثلة لأن هذه مهمة الفقهاء .
وقال البعض ان هدف المشرع هو مد الدفاع الى الاعتداء على المال كي لا يقتصر على النفس ، وهجر هذا الراي لأن الدفاع الشرعي مقرر اصلا لحماية النفس والمال ولا مبرر لأن يؤكد الشارع على ذلك في نص خاص بعدما سبق ان قرره في نص عام سابق .
وقد استقر الفقه الحديث في فرنسا على ان الشارع اراد بهذا النص وضع قرينة لمصلحة المدافع ، أي يكفي ان يثبت انه كان في احد هاتين الحالتين حتى يفترض انه قد توافرت لديه كل شروط الدفاع الشرعي .
وقد رجح هذا الراي المشرعان السوري واللبناني ، فجاء النص فيهما ليفترض تناسب الدفاع مع الخطر ، وترجع العلة في الحالة الاولى الى الخطورة التي تنطوي على افعال المعتدي ، الذي يشترط ان يهدف الى السرقة وان يستخدم العنف في سبيل ذلك .
اما في الحالة الثانية فترجع العلة الى اثارة المعتدي للرعب في النفوس وتهديدها بوقوع ضرر جسيم غير محدد ، ويكون المدافع على حق عندما يفترض ان من يدخل منزله بهذه الظروف انما يريد شرا ، ولا بد لتوافر هذه الحالة من ثلاث شروط :
1- دخول المسكن : حيث يكتفى بالدخول او مجرد محاولته دون رضاء صاحب المنزل ، ويكفي ان يكون المنزل مأهولا ، وان لم يكن فيه اهله وقت الاعتداء ، بينما لا يكفي ان يكون معدا للسكن ان لم يسكنه احد فعلا ، كما يلحق بالمسكن الأماكن الملصقة به والمخصصه لمنافعه كالحديقة والكراج .
2- وقت الدخول : حيث يشترط ان يكون دخول المعتدي ليلا حتى يستفيد المدافع من سبب التبرير ، اما اذا وقع الفعل نهارا فلا يستفيد الفاعل الا من العذر المخفف .
3- كيفية الدخول : حيث يشترط ان يكون الدخول بطريقة غير مالوفة ، ومثل لها المشرع بالحالات التي ذكرناها سابقا ، أي انه يمكن القياس عليها طالما ان ذلك لا يؤدي الى التوسع في نطاق التجريم بل على العكس فهو يؤدي الى التوسع في نطاق التبرير .
ويثور التساؤل أخيرا عن إمكان اثبات عكس هذه القرينة ، حيث استقرت الآراء بعد اختلاف الفقه وتردد القضاء على القول بجواز اثبات عكسها ، فهي ليست قرينة قاطعة ، وهذا مستفاد من النص القانوني " ولا يعتبر المجرم في حالة الدفاع المشروع اذا لم يكن على اعتقاد بان غرض المعتدي هو الاعتداء على الاشخاص او الاموال . . . " ، اي اذا علم المدافع غرض المعتدي حقيقة ً وكان غير مشروع فعلا ، فيعود الأمر الى القواعد العامة ، ولا يستفيد من قرينة توافر الدفاع دون اثبات شروطه أما اذ كان هدفه مشروعا ، فان حالة الدفاع المشروع لا تتوافر اصلا .
16
المبحث السادس : تجاوز حدود الدفاع المشروع
المطلب الأول : مفهوم التجاوز
التجاوز في اللغة هو الافراط ، ويقصد بتجاوز حدود الدفاع المشروع انتفاء التناسب بين فعل الدفاع والخطر الذي هدد المعتدى عليه ، ولا نكون امام هذه الحالة الا بانتفاء شرط التناسب بالتحديد ، لأننا لو كنا امام انتفاء اي من الشروط الأخرى فليس للدفاع من وجود اصلا .
المطلب الثاني : عناصر التجاوز
1- العنصر المادي : وهو الاضرار بالمعتدي بقدر يجاوز الخطر الذي يتهدد المعتدى عليه بفعل الاعتداء ، فهذا التجاوز غير مشروع من الناحية الموضوعية .
2- العنصر النفسي : وهو حسن النية ، اي الا يكون المدافع قد تعمد احداث ضرر اشد مما يستلزمه الدفاع ، وهذا يقتضي ان يعتقد المدافع انه لا يزال في حدود الدفاع المشروع ، وان فعله لا يزال متناسبا مع القدر اللازم من القوة لرد الاعتداء ، والا سئل عن جريمة مقصودة دون الاستفادة من عذر التجاوز في حالتيه المحل او المخفف .
المطلب الثالث : معيار التجاوز
ذهب الفقه في تحديد معيار ضابط للتجاوز في الدفاع المشروع الى ثلاثة أراء :
1- المعيار الموضوعي : قوامه الشخص المعتاد أي الذي يقدر الأمور ويتصرف في مواجهتها على النحو المألوف المتفق مع الخبرة الانسانية العامة .
2- المعيار الشخصي : قوامه المدافع شخصيا وظروفه التي احاطت به ، اي ان جسامة الاعتداء لا تقدر بناء على ما ينجم عنه من ضرر ، ولا على الخطر الحقيقي الذي يواجه المعتدى عليه ، وانما على التقدير الذاتي للمدافع ، وتقدير ذلك يعود الى قضاة الموضوع الذين يقدرونه بحسب ظروف كل جريمة وبحسب كل معتدى عليه ، واثر الاعتداء على نفس المدافع .
وهذا ما ذهبت اليه محكمة النقض المصرية بقولها " يكفي في الدفاع الشرعي ان يكون تقدير المتهم لفعل الاعتداء الذي استوجب دفاعه مبنيا على اسباب جائزة ومقبولة من شانها ان تبرر ما وقع منه من الافعال التي راى هو وقت العدوان انها هي اللازمة لرده " .
3- المعيار المزدوج : يرى ان معيار التجاوز في اصله موضوعي يقوم على تصرف الشخص المعتاد ، ولكن على ضوء الظروف الشخصية للمدافع من حيث سنه وجنسه وقوته البدنية والنفسية ، وكذلك الظروف الموضوعية للعدوان من حيث زمانه ومكانه .

17

المطلب الرابع : أثر التجاوز
الاصل وفقا للقواعد العامة انه اذا انتفى شرط التناسب فقد انتفى شرط من شروط الدفاع المشروع ،
وبالتالي يعتبر فعل المتهم غير مشروع ويفقد الحق بالتمسك بالدفاع المشروع ، ولكن يبدو ان المشرع في سوريا ولبنان نظر الى مسالة التجاوز نظرة خاصة مع مسايرة القواعد العامة على الشكل التالي :
أولا ً : حالة التجاوز المقصود
اي عندما يقدر المدافع جسامة الخطر المحدق به والوسيلة المناسبة لدرئه ، ولكنه يتجاوز قاصدا الانتقام فالقواعد العامة تقرر مسؤولية المتجاوز عن جريمة قصدية ، لانتفاء احد شروط التبرير وعودة الفعل الى اصله من عدم المشروعية ، ثم ان المتجاوز يدرك ماهية فعله وخطورته ويعلم انه يتجاوز ما يقتضيه الدفاع ويقصد ذلك ، ويبقى للمحكمة ان تخفف العقوبة بحسب سلطتها التقديرية اذا وجدت في ظروف المتهم ما يستوجب مثل هذا التخفيف .
ثانيا ً : حالة التجاوز بالخطأ
اي ان يفرط المدافع في استعمال حقه ، وكالن بوسعه او من واجبه ان يقدر التناسب بين جسامة الخطر وجسامة دفاعه على نحو صحيح ، ولم ينص المشرع على هذه الحالة مما يعني العودة في حكمها الى القواعد العامة التي تقضي بمساءلة المتجاوز عن فعله مسؤولية غير قصدية شريطة توافر عناصر الخطأ عنده .
ثالثا ً : حالة التجاوز المتجرد عن القصد والخطأ
لا شك في انتفاء المسؤولية عن المدافع ، اذ لا يتصور قيام الجريمة دون ركن معنوي ، وبالرغم من وضوح هذه الحالة وامكانية استخلاصها من القواعد العامة لتعلق الوعي والارادة بشرط المسؤولية الجزائية ، الا ان المشرع نص عليها صراحة في المادة /183/ ق.ع.س بقوله " اذا وقع تجاوز في الدفاع اعفي الفاعل في ضوء الشروط المذكورة في المادة / 227/ " .
وبذلك نجد ان المشرع قيد الاعفاء بانعدام قوة الوعي والارادة الناتج عن ثورة الانفعال الشديد ، كما انه حرم المدافع من حق الدفاع المشروع ، لأنه قال " لا يعاقب " اي انه اعفاه من العقوبة وكأنه في حالة انعدام مسؤولية ، وبالتالي فإن فعله يظل محتفظا بصفته الجرمية .
رابعا ً : حالة الاستفزاز
وهي حالة تجاوز المدافع حدود الدفاع نتيجة ثورة غضب شديد انقصت قوة وعيه وارادته ، وبذلك يستفيد المدافع من عذر قانوني مخفف ، وهذا ما نصت عليه المادة /242/ ق.ع.س ، وغني عن ابيان ان الاستفادة من العذر تفترض ان التجاوز كان في نطاق معقول وانه كان متناسبا مع ثورة الغضب التي ينبغي بدورها ان تكون متناسبة مع جسامة الخطر .

18
المبحث السابع : أثر الدفاع المشروع
اذا توافرت شروط الدفاع المشروع اصبح فعل الدفاع مبررا ومشروعا ، ولا تترتب على المدافع اي مسؤولية جزائية او مدنية ، وعلى المحكمة ان تقضي ببراءة المتهم ، واذا اغفلت محكمة الاساس الرد على دفع المدعى عليه بانه كان في حالة الدفاع المشروع ، كان هذا الاغفال مخالفة جوهرية لأصول المحاكمات يعرض حكمها للابطال .
ولقد بينا سابقا ان الفصل في توافر الدفاع المشروع هو من شأن محكمة الاساس دون رقابة عليها من محكمة النقض ، الا ان تطبيق شروط الدفاع مسالة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
واذا كانت الدعوى في مرحلة التحقيق يجب على سلطة التحقيق ان تصدر قرارا بالامتناع عن المحاكمة وان لم يبدأ التحقيق بعد ، وبذلك تصدر النيابة العامة قرارها بحفظ الأوراق .
ونظرا لكون الدفاع المشروع من اسباب التبرير المطلقة فيستفيد منه كل من ساهم في فعل الدفاع سواء كان شريكا أم متخلا أم محرضا ، وسواء علم به او لم يعلم ، وطالما ان فعل المدافع مبرر فلا يكون في الأمر جريمة ولا عقاب ايا كان نوعه ، كما لا يحق للمعتدي المتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر , ولا يجوز مصادرة وسائل الدفاع الا اذا كانت تشكل بحد ذاتها جريمة مستقلة .
وتجري هذه القواعد طالما كان المتضرر من فعل الدفاع هو المعتدي لوحده ، أما اذا وقع الضرر على حق شخص آخر غير المعتدي فاننا نميز بين حالتين وفقا لقصد المدافع وهما :
1- الاضرار بحق الغير بدون قصد :
وتتعلق هذه الحالة بالغلط في موضوع الفعل أو الخطأ في توجيهه ، حيث يفترض الغلط في موضوع الفعل اصابة شخص آخر غير المعتدي معتقدا أنه المعتدي ، بينما يفترض الخطأ في التوجيه محاولة المعتدى عليه اصابة المعتدي نفسه ولكنه يصيب غيره لعدم دقته . وحكم القانون في كلا الحالتين واحد ، ولكنه يتعلق بخطأ المدافع أو عدمه :
أ- فاذا لم يثبت خطأ من المعتدى عليه ، كأن يبذل كل العناية والاحتياط المفروض لاصابة المعتدي وحده ولكنه أصاب غيره لأسباب خارجة عن ارادته ، فالفعل هنا مبرر .
ب_ أما إذا ثبت الخطأ في حق المدافع ، فهو مسؤول عن جريمة غير قصدية .
2- الاضرار بحق الغير قصدا ً :
اذا وجد المدافع نفسه مضطرا للمساس بحق الغير كي يستطيع اتيان فعل الدفاع ، كأن يستولي على طلقات نارية مملوكة للغير ليعبأ بها سلاحه ، فإن حكم القانون لا يبرر هذه الأفعال بالاستناد الى حالة الدفاع المشروع ، لأنها لم توجه الى مصدر الخطر ، ولكن المدافع يستطيع أن يحتج بحالة الضرورة ، التي الجأته لاتيان هذه الأفعال ، ولا بد هنا من توافر شروط الضرورة وخاصة جسامة الخطر .
وفي غير هذه الحالة فإن القواعد العامة هي التي تتكفل بمعالجة الاضرار القصدي بغير المعتدي .
19







رد مع اقتباس
قديم 06-06-2010, 08:03 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي أسباب التبرير: التأديب

أسباب التبرير
تأديب الزوجة
بقلم المحامي حازم علوش





مخطط البحث
المطلب الأول : علة تبرير تأديب الزوجة
المطلب الثاني : تأديب الزوجة قانونا ً
المطلب الثالث : تأديب الزوجة شرعا ً
المطلب الرابع : شروط تبرير تأديب الزوجة
الشرط الأول : نشوء الحق في التأديب
الشرط الثاني : التزام حدود التأديب
الشرط الثالث : صاحب حق التأديب








المطلب الأول : علة تبرير تأديب الزوجة
تكمن العلة في تبرير تأديب الزوجة في تقدير المشرع لمصلحة الأسرة ومن ورائها مصلحة المجتمع التي تقتضي بأن يكون لبعض أفرادها سلطة على بعض ، وأن تدعم هذه السلطة بالحق في توقيع الجزاء على من يخرج عليها ، وهذه المصلحة ترقى إلى حد اعتبارها حقا للمجتمع يسمو على حق الشخص الخاضع للتأديب في سلامة جسمه .
ونقول إن الغاية من التأديب هي تهذيب من يخضع له ، وحمله على السلوك الذي يتفق مع مصلحة الأسرة ومصلحة المجتمع .
المطلب الثاني : تأديب الزوجة قانونا ً
بالعودة إلى قانون العقوبات السوري نجد انه أجاز تأديب الأولاد فقط ، ولا نجد إي نص يشير إلى إباحة تأديب الزوجة ، ولقد بينا في باب ممارسة الحق أن مصادر الحق لا تقتصر على النصوص التشريعية ، بل يكفي أن تعترف بالحق إي قاعدة قانونية أيا كان الفرع الذي تنتمي إليه من القانون وسواء كانت مكتوبة أم لا ، وذلك حرصا على الاتساق بين قواعد القانون ، إذ لا يجوز الإقرار بحق ثم المعاقبة على الأفعال التي يبيحها ، كما بينا انه يجب عدم تضييق نطاق مصادر التبرير ، باعتبار أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات لا يفرض قيودا على المفسر في هذا المجال .
وبناء على ما سبق يمكننا القول بان الحق في تأديب الزوجة والمستمد من الشريعة الإسلامية والتي تشكل مصدرا أساسيا للتشريع بنص الدستور السوري ، يجب أن يشمل بسبب تبرير باعتباره واحدا من تطبيقات ممارسة الحق .
وبالرغم من ذلك كله فإننا نجد أن الفقه الجزائي السوري ينكر على الزوج حقه في تأديب زوجته ، معللا ذلك بعدم وجود النص القانوني الذي يبيح مثل هذا التأديب .
وعلى العكس من ذلك فقد اقر الفقه الجزائي اللبناني بحق الزوج المسلم في تاديب زوجته ، استنادا إلى المادة /9/ من الدستور اللبناني التي تنص أن الدولة " تضمن للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام
الأحوال الشخصية والمصالح الدينية " ، أي ان المشرع سمح بتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية للمواطنين المسلمين ، والتي تمنح الزوج الحق في تأديب زوجته ، ولذلك يتعين احترام هذا الحق من قبل فروع القانون الأخرى بما فيها قانون العقوبات .
كما قضت محكمة النقض المصرية استنادا لنص المادة /209/ من قانون الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على انه " يباح للزوج تأديب زوجته تأديبا خفيفا عن كل معصية لم يرد فيها حد مقرر ، ولا يجوز له أن يضربها ضربا فاحشا ولو بحق " .
المطلب الثالث : تأديب الزوجة شرعا ً
يستند هذا الحق إلى قوله تعالى : ﴿ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب واللائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ﴾ .
المطلب الرابع : شروط تبرير تأديب الزوجة
يشترط في ممارسة الزوج لحقه في التأديب عدة شروط لكي تكون أفعاله مبررة :
الشرط الأول : نشوء الحق في التأديب
لا ينشأ للزوج الحق في تأديب زوجته إلا إذا أتت معصية لم يرد في شانها حد مقرر ، ولكن هذا القول محل نظر ، فحق الزوج في التأديب جاء شاملا لكل معصية تأتيها الزوجة ، طالما أن النص القرآني لم يقيد هذا الحق بدرجة معينة من المعاصي ، إضافة إلى إن تقرير الحد على المعصية والحق في اقتضائه ، لا ينفي حق الزوج في تأديب زوجته ، لأن الحد حق الله والتأديب حق الزوج ولا تعارض بين الحقين .
كما يشترط إلا يكون أمر هذه المعصية قد رفع للإمام إي السلطات العامة .
الشرط الثاني : إلتزام حدود التأديب
يجب على الزوج أن يلتزم في تأديب زوجته الحدود المقررة من حيث طريقة التأديب وغايته :
أ- طريقة التأديب : يجب على الزوج أن يتدرج في إتباع وسائل التأديب وعلى الترتيب الذي نصت عليه الآية القرآنية الكريمة ، فيلجأ أولا إلى الوعظ والنصح ، فان لم يُجدِ ذلك نفعا جاز له أن يلجأ إلى الأسلوب الثاني وهو الهجر في المضجع ، وبعد أن يستنفد الزوج هاتين الوسيلتين ، فانه يمكن أن يلجأ إلى الضرب كوسيلة أخيرة .
ولكن هذه الوسيلة ليست مطلقة بل إنها مقيدة بقيود دقيقة ، حيث اشترط الفقهاء المسلمون في ضرب الزوجة إلا يكون مبرحا إي لا يكون شديدا ولا شائنا ، كما يجب إلا يؤثر الضرب في الجسم فلا يجوز أن يغير لون الجلد أو يؤدي إلى جرح أو كسر .
ويعد الزوج متجاوزا لحدود حقه إذا احدث بجسم زوجته إصابات حتى ولو كانت طفيفة ، ويعد فعله
غير مشروع ومستوجبا للمسؤولية الجزائية ، ولا يستفيد من سبب تبرير ، ويسال عن جريمة قصدية أو غير قصدية بحسب الحال .
ب_ غاية التأديب : لا يكفي أن يلتزم الزوج بالضرب الخفيف ، وإنما يجب أن تكون غايته من الضرب تأديب الزوجة ومواجهة معصيتها ، فان كانت غايته غير ذلك كان يهدف إلى الانتقام أو الاعتداء على الزوجة أو حملها على عمل غير مشروع ، فانه يكون قد تجاوز حقه ولا يمكنه الاحتجاج بهذا الحق .
الشرط الثالث : صاحب حق التأديب
إن هذا الحق مقتصر على الزوج المسلم بذاته ، فلا يمتد إلى أقاربه أو أقارب زوجته أيا كانت درجة قرابتهم .
كما الضرب يجب ان يوجه إلى الزوجة التي ارتبط بها الزوج بعقد زواج صحيح طبقا لأحكام الشريعة وان تقع أفعال الضرب أثناء قيام العلاقة الزوجية .
وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن حق الزوج في تأديب زوجته هو من الحقوق الشخصية التي لا تقبل الإنابة أو التفويض على الإطلاق .







رد مع اقتباس
قديم 06-06-2010, 08:09 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي أسباب التبرير : تأديب الأولاد


أسباب التبرير
تأديب الأولاد

بقلم المحامي حازم علوش






مخطط البحث
مقدمة تمهيدية
المطلب الأول : معنى التأديب
المطلب الثاني : علة تبرير التأديب
المطلب الثالث : شروط تبرير التأديب
الشرط الأول : من يخضع للتأديب
الشرط الثاني : من له حق التأديب
الشرط الثالث : وسيلة التأديب وحدوده
الشرط الرابع : حسن النية وغاية التأديب





مقدمة تمهيدية
إن القانون أجاز بعض الأفعال التي تعتبر في الأحوال الطبيعية أفعالا معاقبا عليها وشملها بسبب تبرير وصنفها في باب يسمى إجازة القانون ، وهذا ما سار عليه المشرع السوري حيث نص في المادة /185/ من قانون العقوبات على ما يلي : 1- لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة . 2- يجيز القانون : وعد منها ، ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم وأساتذتهم على نحو ما يبيحه العرف العام .
وعلى خلاف ذلك فقد عد المشرع المصري إجازة القانون من تطبيقات ممارسة الحق ولم يفرد لها بابا مستقلا في أسباب التبرير ، واكتفى بنص المادة /60/ التي تنص : لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة .
المطلب الأول : معنى التأديب
وهو حق مقرر بمقتضى الشريعة الإسلامية والعرف ونص القانون ، ويأخذ عدة صور تبدأ بالتأنيب واللوم وتنتهي بالضرب ، وهذا الحق ممنوح للآباء والمدرسين ومعلمي الحرفة لما لهم من الحق والسلطة في تربيتهم وتعليمهم وتهذيبهم ، فهذا الحق يبيح لهم التأديب دون أن يكونوا عرضة للمسؤولية الجزائية .
وبالعودة إلى الشريعة الإسلامية نجد أنها أعطت هذا الحق للولي على النفس سواء كان أبا أو جدا أو غيره ، ولكن هذا الحق مشروط بالسلامة والمصلحة التي قد تكون دنيوية أو دينية ، ومن هذا القبيل قول النبي (ص) : مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع .
كما أباحت الشريعة للمعلم تأديب تلميذه ، بشرط أن يأذن له وليه بذلك ، وفي كل الأحوال يجب أن يكون التأديب بضرب غير ذي اثر أي أن يهدف إلى التنبيه والزجر أكثر مما يهدف إلى العقاب والإيلام .
المطلب الثاني : علة تبرير
إن العلة من تبرير أفعال الضرب التي ينزلها الآباء بأولادهم في معرض التأديب هي تقدير المشرع أن مصلحة الأسرة ومن ورائها مصلحة المجتمع تقتضي أن يكون لبعض أفرادها سلطة على البعض ، وان تدعم هذه السلطة بالحق في توقيع الجزاء على من يخرج عن هذه المصلحة .
وينشأ الحق في التأديب للأشخاص الذين حددهم القانون ، فمن واجب الأب تربية الأبناء بما يتفق مع القواعد الأخلاقية والاجتماعية والشرعية ، وعلى الأبناء الطاعة في ذلك ، ففي حالة الانحراف ينشأ حق الأب في إعادة ابنه إلى الطريق السليم .
المطلب الثالث : شروط تبرير التأديب
الأصل أن أفعال الضرب التي تمارس ضد الأولاد أيا كان مصدرها هي أفعال جرمية يعاقب عليها القانون ، ولكن المشرع استثنى من هذا الأصل أشكال الضرب التي يمارسها الآباء والمعلمون في معرض

تأديبهم وتعليمهم لهؤلاء الأولاد ، كما انه قيد هذا الاستثناء بعدة شروط يستخلص معظمها من النص القانوني ذاته ، فقد قيد القانون هذا التأديب فحدد المستفيدين منه والخاضعين له وأحال على العرف لكي يبين وسيلة التأديب وحدوده ، ويجدر بنا أن نضيف إلى هذه الشروط شرطا رابعا من القواعد العامة إلا وهو أن يتوافر حسن النية لدى من يمارس التأديب أي أن يهدف إلى التأديب والتعليم دون أهداف أخرى .
الشرط الأول : من يخضع للتأديب
عبر المشرع عن الخاضعين للتأديب بلفظ الأولاد ، وإذا ما عدنا إلى قانون الأحداث الجانحين السوري لوجدنا انه يقصد بالصغير " الحدث " الذي أتم العاشرة ولم يبلغ الثامنة عشر ، ولكن هذا المعنى تبرز أهميته في إمكانية المساءلة الجزائية لهؤلاء إذا ارتكبوا جرائم ولا فائدة منه في هذا الموضع .
ولكننا إذا رجعنا إلى العرف نجد أن الأولاد الصغار هم الذين لم يصلوا سن البلوغ الشرعي ولم يتحرروا من الولاية على النفس ، ولقد في مثل هذا المعنى نص المادة /174/ ق.م.س والتي تقول : يعتبر القاصر في حاجة إلى الرقابة إذا لم يبلغ خمس عشرة سنة ، أو بلغها وكان في كنف القائم على تربيته .
كما أكد ذلك الفقيه السنهوري في شرحه للقانون المدني المصري حيث بين أن الأولاد في مجال التأديب هم كل شخص لم يبلغ الخامسة عشر من عمره أو بلغها ولكنه ظل تحت إشراف القائم على تربيته ورعايته حتى سن الثامنة عشر أو ينفصل الولد في حياة مستقلة عن أسرته .
الشرط الثاني : من له حق التأديب
حدد القانون صاحب الحق في التأديب بالآباء والأساتذة ، ولكن الفقه والقضاء يميلان إلى توسيع هذا النطاق والقياس عليه ، وسنستعرض مجموعة الأفراد المحيطين بالأولاد لنبين من منهم يملك حق التأديب :
1- الأب : وهو الصاحب الأساسي لحق التأديب ، ويقع على عاتقه أن يعتني بتأديب أولاده الصغار وان يحسن تعليمهم وتهذيبهم بما يتفق مع قواعد الدين والأخلاق والقيم الاجتماعية ، وهذا ما نصت عليه المادة /365/ من قانون الأحوال الشخصية المصري ، حيث قالت : يطلب من الأب أن يعتني بتأديب ولده وتربيته ، كما ذهبت لجنة المراقبة القضائية المصرية في رأي لها أن حق التأديب هو من خصائص السلطة الأبوية ، ولا يجوز استعماله من غيره ما دام موجودا .
2- ولي النفس : عند عدم وجود الأب يحل محله في التأديب ولي النفس ، كالجد أو العم وهكذا ، وهذا ما بينته المادة /170/ من قانون الأحوال الشخصية السوري حيث نصت " يدخل في الولاية النفسية سلطة التأديب والتطبيب والتعليم والتوجيه و . . . " .
3- الأم : لم ينص القانون على حق الأم في التأديب صراحة ، ولكن العرف هو الذي منحها هذا الحق طالما لها حق الرقابة والإشراف على ابنها فيكون لها الحق في تأديبه ، ولقد جاء في هذا المعنى اجتهاد لمحكمة النقض الأردنية يقول " إن ضرب الأم لأولادها لغرض تهدئة صراخهم وليس لإيذائهم يعتبر من ضروب التأديب التي ينزلها الآباء بأولادهم ويبيحه العرف العام .

4- الأخ الكبير : يرى بعض الفقه انه يمكن الاعتراف بحق التأديب للأخ الكبير شرط أن تكون له الولاية على النفس والمال ، إذ لا يقبل منطقا أن يكون الأخ الكبير هو المعيل الوحيد للأسرة ثم لا يكون له الحق في التأديب والتوجيه على أفراد أسرته الذين يعيشون معه ويتولى الإنفاق عليهم وتعليمهم وتهذيبهم .
5- الوصي : بما أن الوصي يملك الحق في الإشراف على الصغير وتعليمه وتوجيهه ، فانه يعطى أيضا الحق في التأديب تبعا لذلك .
6- الأستاذ في المدرسة : وهذا ما نص عليه القانون صراحة بقوله " وأساتذتهم . . . " ، ومن البديهي القول بأن حق الأساتذة في التأديب يكون وقت وجود الولد في المدرسة فقط ، وهكذا ما أكدت عيه اجتهاد لمحكمة النقض السورية يقول " أن القانون أباح للأساتذة استعمال ضروب التأديب على ألا يتعدى الضرب البسيط الذي يبيحه العرف الجاري " .
ولقد عمدت بعض الدول إلى منع الضرب الذي يمارسه الأساتذة نهائيا ، وهذا ما حدث فعلا في سوريا عندما صدر البلاغ الوزاري ذو الرقم 3.45/543 الصادر بتاريخ 9/12/2001 الذي يحظر استخدام الضرب كأسلوب في معالجة أمور التلاميذ ومشكلاتهم في سائر المدارس وبمراحلها المختلفة.
7- معلم الحرفة : لا يكون الحق في التأديب للمعلم في المدرسة فقط ، بل يكون أيضا لمعلم الحرفة أو الصنعة طالما أن واجب الرقابة والإشراف يكون على حياة الولد قد انتقل فالالتزام بالرقابة تقابله إجازة التأديب ، وهذا ما أكد عليه اجتهاد لمحكمة النقض المصرية يقول " للسيد تأديب صبيه طبقا لنص القانون ، وبما يتناسب مع خطورة الذنب .
وتشترط الشريعة لممارسة التأديب من معلم الحرفة أن يكون مصرح له بذلك من قبل ولي الصغير ، وقد أقرت بذلك محكمة النقض المصرية في حكم سابق لها .
8- تأديب الخادم : يباح للمخدوم تأديب خادمه في الحدود التي والضوابط التي يجيزها العرف العام ، وهذا ما قالت به محكمة النقض المصرية في احد أحكامها .
ويرى بعض الفقه أن النص السوري قصر التأديب على الآباء والأساتذة فقط ، وبذلك فلا يجوز للمخدوم أن يضرب خادمه مطلقا ، لأن الرابطة القانونية بينهما تجعل من الثاني أجيرا خاصا .
9- الاشتراك في التأديب : يترتب على التبرير أن الاشتراك بالفعل المبرر بأي وسيلة كانت يشكل أمرا غير معاقب عليه ، ومثال ذلك أن يشاهد احدهم صديقا له يعنف ولده على ما بدر منه من إساءة ، فيحرضه على ضربه تأديبا له ويعيره لهذا الغرض عصا يحملها ، فانه يسهم بذلك في فعل لا جريمة فيه طالما لم يتجاوز الوالد في حدود حقه في التأديب .
الشرط الثالث : وسيلة التأديب وحدوده
أن التأديب المباح يجب أن لا يتعدى ما استقر عليه العرف العام ، وهو الضرب البسيط الذي لا يترك أثرا ولا يحدث كسرا أو جرحا ولا ينشأ عنه مرض فإذا تجاوز المؤدب الضارب هذه الحدود فان فعله

يعود غير مشروع ، كما تقوم مسؤوليته وفقا القواعد العامة ، وأكدت على ذلك محكمة النقض المصرية في حكم لها ينص على أن " من يضرب ابنه ضربا مبرحا يفضي به إلى الموت ، يكون متجاوزا لحدود التأديب المقررة ومتجردا من نية التأديب " .
كما أن القانون لم يحدد وسيلة معينة للتأديب ، إلا انه أحال ذلك إلى العرف العام ، وبالتالي فقد يأخذ التأديب صورة اللوم أو التعنيف أو التنبيه ، وقد يأخذ صورة الضرب البسيط ، أما التأديب الذي يصل إلى صورة الضرب الشديد فهو معاقب عليه .
كما أن للضرب البسيط شروطه المحددة شرعا وعرفا ، كان لا يكون بغير اليد ولا يجوز استخدام السوط أو العصا ، كذلك يجب إلا يتواصل الضرب وألا يكون في مواضع الجسم التي تنذر بالخطر أو تنطوي على المهانة .
ولدينا في هذا الصدد العديد من الاجتهادات والأحكام القضائية ، ومنها اجتهاد لمحكمة النقض المصرية يقول بأنه " استقر القضاء في مصر على جواز أن يكون التأديب بتقييد الحرية ، بشرط إلا يكون فيه تعذيب أو منع حركة " ، بينما ذهبت في حكم آخر لها إلى " أن الأب الذي ربط ابنته ربطا محكما في عضديها فاحدث لها غرغرينا سببت وفاتها يعتبر عمله تعذيبا شنيعا يقع تحت طائلة العقاب " .
ونشير أخيرا إلى أن مسالة تناسب ضروب التأديب مع العرف العام وعدم تجاوز المؤدب حدود حقه هي مسالة متصلة بوقائع كل دعوى ويفصل فيها نهائيا قاضي الموضوع .
الشرط الرابع : حسن النية وغاية التأديب
التأديب مقرر للتهذيب أو التربية أو التعليم ، فإذا ابتغيت به غاية أخرى كالانتقام أو الحمل على مسلك سيء فلا مجال للتبرير .
وعليه يجب أن يقع التأديب بحسن نية وبما يحقق الغاية منه ، أما التأديب الذي يقع بقصد الإيذاء أو التعذيب أو التشفي فقط ، فلا يقوم به سبب تبرير ويكون فاعله مسئولا عن جريمة إيذاء مقصود .
أما إذا كان تجاوز حدود التبرير ناتجا عن خطأ أو إهمال غير مقصود فيكون الفاعل مسئولا عن جريمة غير مقصودة .








رد مع اقتباس
قديم 16-06-2010, 08:00 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي أسباب التبرير : ممارسة الحق





أسباب التبرير
ممارسة الحق
بقلم المحامي حازم علوش
مخطط البحث
المطلب الأول : علة اعتبار ممارسة الحق سبب تبرير
المطلب الثاني : الفرق بين إجازة القانون وممارسة الحق . في الفقه والتشريع المقارن
المطلب الثالث : الشروط العامة لممارسة الحق
الشرط الأول : وجود حق بمقتضى القانون
أولا ً : مدلول الحق وتمييزه عن المصلحة
ثانيا ً : مصادر الحق
الشرط الثاني : مشروعية وسيلة ممارسة الحق
أولا ً : التزام حدود الحق
ثانيا ً : أن تكون الوسيلة لازمة وملائمة لممارسة الحق
ثالثا ً : أن يتوافر حسن النية عند من يمارس الحق










المطلب الأول : علة اعتبار ممارسة الحق سبب تبرير
إن القانون في كثير من الحالات يقرر للأفراد حقوقا ً ، ومن الطبيعي لكي يمكنهم من ممارسة حقوقهم أن يبيح لهم الأفعال التي تستلزمها هذه الممارسة .
فمن الأفعال المرتكبة ممارسة للحق ما قد يشكل بعض الجرائم ، إلا أن المشرع يبرر هذه الأفعال لأنها تستهدف الاستعمال المشروع للحق سواء ً للحصول على ما يتضمنه من مزايا أو لمباشرة ما يخوله من سلطات .
وأساس اعتبار ممارسة الحق سببا ً للتبرير هو وجوب تحقيق الاتساق بين قواعد القانون ، إذ لا يتفق مع المنطق القانوني السليم أن يقرر الشارع حقا ً ثم يعاقب على الأفعال التي يستعمل بها لأن ذلك يشكل تناقضا ً بين قواعد القانون ، ويجرد الحق من كل قيمة .
المطلب الثاني : الفرق بين إجازة القانون وممارسة الحق في الفقه والتشريع المقارن
ظهر رأيان في الفقه لتوضيح هذا الفرق :
الرأي الأول :
يعتبر أن تطبيقات إجازة القانون ما هي إلا بعض تطبيقات ممارسة الحق ولا داعي للتمييز بينهما ، كما أن لهما ذات الدلالة حيث أن كل حق يفترض لصاحبه أن يمارس بعض الأفعال التي يجيزها القانون لاستعمال هذا الحق ، ويستند هذا الرأي إلى أن إجازة القانون هي تعبير واسع يشمل كل أسباب التبرير التي ينصص عليها القانون .
فلو أخذنا الدفاع الشرعي كسبب تبرير لوجدنا أن القانون يجيز للمعتدى عليه القيام بفعل الدفاع لرد الاعتداء ، وهكذا تنص المادة /183/ ق.ع.س : يعد ممارسة للحق كل فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرض غير محق ولا مثار عن النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه ، وكذلك استعمال السلطة فالقانون يجيز للموظف العام استعمال سلطته .
وهنالك بعض التشريعات الجزائية تبنت هذا الرأي ، فهي لا تعتبر إجازة القانون سبب تبرير مستقل عن ممارسة الحق ، مستندين في ذلك إلى أن هذه الإجازة لا تعدو أن تكون تقريرا للحق .
ومن هذه التشريعات قانون العقوبات المصري حيث جاء في المادة /6/ منه : لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا ً بحق مقرر بمقتضى الشريعة ، وبالتالي فإن أسباب التبرير في مصر أربعة : ممارسة الحق ، الدفاع الشرعي ، أداء الواجب ، رضاء المجني عليه .


1

الرأي الثاني :
ويذهب إلى أن إجازة القانون لا تعتبر من تطبيقات ممارسة الحق ويستند في ذلك إلى نقطتين :
1- إن استعمال الحق يفترض وجود مصلحة مستقرة مشروعة قائمة لصاحبها يعترف بها القانون ويحميها ، بينما تكون إجازة القانون مجرد رخصة لإتيان فعل ما .
ويلاحظ أن الفقهاء المسلمين ميزوا بين الرخصة والحق ، فالرخصة عندهم ما كان أمرا ً مباحا ً مشتركا ً لا يختص به إنسان ، أما الحق فهو ما اختص به صاحبه فكان له وحده .
2- إن نطاق الأفعال التي يستلزم ممارسة الحق واسعة ، بحيث تبرر كل فعل يراد منه استعمال حق مشروع مقرر وفق القواعد القانونية النافذة سواء ً ورد هذا الحق في نص القانون أو في مصادره ، بينما لا تبرر إجازة القانون إلا الأفعال المقررة في نص القانون فقط .
ومثال ذلك حق الزوج في تأديب زوجته هو استعمال لحق مقرر في الشريعة الإسلامية وليس في القانون الوضعي ، بينما يعد تأديب الأولاد من قبيل إجازة القانون ، وهكذا نصت المادة /185/ ق.ع.س : يجيز القانون ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم وأساتذتهم على نحو ما يبيحه العرف العام .
وأخذت بهذا الرأي بعض التشريعات التي تعتبر إجازة القانون سبب تبرير مستقل عن ممارسة الحق ، ومن هذه التشريعات قانون العقوبات السوري والأردني واللبناني ، حيث جاء في المواد /182/ و/59/ و/183/ من هذه القوانين : الفعل المرتكب في ممارسة الحق دون إساءة استعماله لا يعد جريمة .
وبذلك يضيف المشرع في سوريا ولبنان إجازة القانون كسبب خامس من أسباب التبرير ، بينما يذهب المشرع الأردني إلى إضافة سبب سادس وهو حالة الضرورة .
المطلب الثالث : الشروط العامة لممارسة الحق
لا بد من توافر شرطين لكي يقال أن الفعل قد ارتكب استعمالا ً لحق وهما :
الشرط الأول : وجود حق بمقتضى القانون
أ- مدلول الحق وتمييزه عن المصلحة : فالحق هو المصلحة التي يقررها القانون ويحميها ، أو هو سلطة يمنحها القانون لحماية مصلحة مشروعة ، فالقانون إذن يحمي المصلحة المشروعة أما المصلحة التي تخالف النظام العام أو الآداب العامة فهي غير مشروعة ولا يحميها القانون .
فالمصلحة هي مجموعة المزايا التي يتمتع بها أحد الأفراد ، ولا تتحول هذه المزايا إلى درجة الحق إلا بإقرار القانون لهذه المصلحة وحمايته لها ، ودون هذين الأمرين أو أحدهما فلا يعتبر الحق موجودا ً قانونيا ً بل تبقى مجرد مصلحة عاجزة أن تكون سبب تبرير .

2

والحق هو وسيلة ضمان واحترام هذه المصلحة ، وعلى هذا لا يجوز الخلط بين الحق ومجرد المصلحة ، فقد يكون للفاعل مصلحة فيما يفعله ومع ذلك فلا يجوز له الدفع باستعمال الحق كسبب تبرير لأن القانون لا يقرر حقا ً إلا إذا كانت المصلحة المضحى بها أدنى من المصلحة المحمية بالحق ، أي أن القانون يؤثر مصلحة على أخرى .
ومثال ذلك : إذا أوقع شخص حجزا ً على مال مملوك لشخص آخر ، وكان المحجوز عليه غير مدين للحاجز ، فإن المحجوز عليه له مصلحة في رفع الحجز وتحرير ماله منه ، ومع ذلك فإن هذه المصلحة لا يعترف بها القانون كسبب لتبرير الاعتداء على الحجز وتعطيل إجراءات التنفيذ .
أنواع المصالح :
قد تكون المصلحة خاصة فيكون الحق خاصا ً ، كحق المقاصة بين الأمانة وبين ما هو مستحق للأمين عند صاحب الأمانة ، فمن حق الأمين ألا يرد الأمانة وبالتالي لا يعد مرتكبا ً لجرم خيانة الأمانة ، فهي لا تقوم قانونا ً إلا إذا كان من تسلم الأمانة ملزما ً بردها .
وقد تكون المصلحة عامة فيكون الحق عاما ً ، مثل حق القبض على المجرم ، وقد تكون المصلحة مالية فترتب حقا ً ماليا ً ، مثل حق الملكية ، كما قد تكون المصلحة غير مالية ، مثل حق الأديب .
صاحب المصلحة :
لا يشترط القانون أن يكون من يملك سبب التبرير في ممارسة الحق هو بذاته صاحب المصلحة المحمية ، فقد تكون المصلحة لشخص والمستفيد من سبب التبرير هو شخص آخر ، فالطبيب الذي يمارس أعمال التطبيب يستفيد من سبب تبرير على الرغم من أنه يقوم بالأعمال الطبية لمصلحة المريض ، والولي عندما يؤدب القاصر فإن صاحب المصلحة هو الأسرة والمجتمع .
ب_ مصادر الحق
إن وجود الحق قانونا ً يفترض وجود قاعدة قانونية تحتويه سواء ً كانت هذه القاعدة منصوص عليها في قانون العقوبات أم في غيره من فروع القانون ، فالمهم أن يكون الحق موجودا ً ومعترفا ً به من قبل القانون ، وكلمة القانون هنا يجب أن تفسر تفسيرا ً واسعا ً ، فلا تقتصر على القانون الذي تصدره السلطة التشريعية ، بل يجب أن يشمل كل قاعدة تنظيمية تقرر حقا ًُ ، ويجب أن تتوافر في هذه القاعدة شروط صحتها وهي : 1- أن تصدر ممن يملك إصدارها قانونا ً 2- أن يراعي فيها الصالح العام 3- أن تكون مطردة تطبق على كل إنسان ولا تتغير بالنسبة للأفراد أو الحوادث .
أولا ً : القوانين العادية
يجوز أن تكون القوانين العادية مصدرا ً لهذا الحق كقانون العقوبات والقانون المدني وقانون أصول المحاكمات ، وكذلك جميع الأنظمة الصادرة عن السلطة التي يخولها المشرع حق إصدارها كالمراسيم التنظيمية وقرارات الوزراء ، ولذلك يمكن أن تستمد هذه الحقوق من :
3

1- الدستور : كحق أعضاء مجلس النواب في التعبير عن آرائهم في المجلس أو لجانه بحرية تامة دون ملاحقتهم عن جرائم القدح والذم التي يرتكبونها ( م66 دستور سوري ) .
2- قانون العقوبات : كحق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء وحق نقد الموظفين في أعمالهم فيما عدا رئيس الدولة .
3- قانون أصول المحاكمات : كحق الشاهد في الامتناع عن الشهادة ضد أقرباءه إلى درجة معينة .
ثانيا ً : مصادر القانون
يجوز أن تكون مصادر القوانين صالحة أيضا ً لإنشاء الحقوق :
1- الشريعة الإسلامية : كحق الزوج في تأديب زوجته وحق الولي في تأديب المشمول بولايته .
2- العرف : كارتداء ملابس السباحة على الشواطئ وإحداث الوشم على الوجه أو اليدين .
ولكن هذه المصادر لا تصلح أن تكون مصدرا ً للحقوق إلا في الحدود التي يعترف بها القانون فقط ، أي حينما يضفي عليها القانون صفة القواعد القانونية وبغير ذلك لا يكون لها سلطان في تقرير الحقوق القانونية وحمايتها ، ولا يكون لها دور في تبرير الأفعال التي تستند إليها .
كما قد يحظر المشرع بنص صريح بعض الحقوق المستمدة منها ، كما لو جرى العرف بإباحة عمليات الختان للحلاقين ثم جاء القانون وحظر على هؤلاء إجراء العمليات المذكورة ، فلا يجوز لهم الدفع بحق اكتسبوه من العرف ، لأن هذا الحق لا يكون له وجود أصلا ًً ، ومن أمثلة هذه الحقوق :
ثالثا ً : روح التشريع ومبادئه العامة
يمكن أن يستخلص الحق من روح التشريع ومبادئه العامة غير المكتوبة ، ومثال ذلك حق الصحافة في نشر الأخبار ونقد التصرفات التي تتعلق بأمور تهم الجمهور باستعمال عبارات قد تعتبر ذما ً .






رد مع اقتباس
قديم 16-06-2010, 08:01 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي رد: أسباب التبرير : ممارسة الحق

الشرط الثاني : مشروعية وسيلة ممارسة الحق
يتطلب هذا الشرط أن يكون هنالك رابطة بين الفعل والحق ، ويتحقق هذا الترابط بتوافر عدة أمور :
أولا ً : التزام حدود الحق
لكل حق حدود يرسمها القانون الذي يقرره ، ويجب على من أعطي حقا ً أن يلتزم بحدوده ، ومن يخرج عنها يكون قد تعسف في استعمال حقه ولا يستفيد من سبب تبرير .
ويمكن التعرف على هذا حدود الحق بالعودة إلى القاعدة القانونية التي تقرره ، فهي التي تبين شروط ونطاق ممارسته ، ولما كانت هذه الشروط تختلف باختلاف الحقوق فإن دراستها بشكل موسع تتطلب دراسة كل حق على حدة ، ولكننا نشير إلى التزام حدود الحق يتطلب الأمور العامة التالية :

4

أ- يجب ممارسة الحق بواسطة من يملكه قانونا ً :
ويستوي في ذلك أن يكون من يمارس الحق هو صاحبه الأصيل أو نائبا ً عنه في الحدود التي يقررها القانون ، والأصل أن يكون من يستعمل الحق هو صاحبه ، فمن يملك الحق قانونا ً هو من يملك الاحتجاج به ، ولا يشترط أن يكون صاحب المصلحة .
ولتعيين صاحب الحق يرجع إلى مصدر هذا الحق ، فإذا كان مصدره القانون فإن صاحب الحق هو الشخص الذي يعينه هذا القانون ، كولي النفس بالنسبة لحق التأديب والخصم بالنسبة لحق الدفاع ، ولكن المشرع أحيانا ً قد لا يحدد صاحب الحق ، وإنما يمكن أن يمارس هذا الحق من قبل أي شخص كالدفاع المشروع وحق القبض .
ويثور هنا التساؤل حول جواز الإنابة في ممارسة الحق . . . ؟
لا يلزم لإباحة الفعل إلا أن يكون استعمالا ً لحق ، ولا يشترط ارتكاب الفعل من صاحب الحق ، أي أن الإنابة في استعمال الحق جائزة في الأصل ، بمقتضى القانون أو التعاقد ، ولا تقتصر هذه الإنابة على الحقوق المالية بل تشمل كل حق يمكن قانونا ً الإنابة في استعماله كحق التأديب وحق الدفاع .
ويؤيد ذلك نص المادة /173/ من القانون المدني المصري التي تسوي بين الملزم برقابة القاصر قانونا ً وبين الملزم برقابته اتفاقا ً ، كما أن الرقابة على القاصر تنتقل إلى معلمه في المدرسة أو المشرف عليه في الحرفة ، وبذلك ينتقل معها الحق في تأديبه ، إذ لا يتأتى بغير هذا الحق تنفيذ الالتزام بالرقابة ، ومن البديهي القول بأن من ينوب عن غيره في ممارسة الحق لا يكون له سوى ما يخوله الاتفاق أو ما يجيزه القانون لصاحب الحق .
إذن الأصل أن الإنابة تجوز في ممارسة الحق ، وعلة ذلك أن القانون اعترف بالنيابة وأعطى لتصرفات النائب حكم تصرفات الأصيل ، فهذا يقتضي أن يستفيد النائب مما يستفيد منه الأصيل ، وبذلك يتحقق الاتساق بين قواعد القانون ، ولكن النائب لا يستفيد من سبب تبرير إلا بتوافر شرطين :
1- أن يكون فعل النائب مشروعا ً فيما لو قام به الأصيل ، أي أن تتوافر شروط التبرير في النائب .
2- أن يكون فعل النائب داخلا ً في نطاق النيابة .
ومن الأمثلة على ذلك من يقلد إمضاء غيره على سند بعلم صاحب الإمضاء ورضاه لا يسأل عن جرم تزوير لأن رضاء صاحب الإمضاء يعد إقرارا ً منه بصحة البيانات التي دونت في السند .
ولكن القانون قد يشترط أحيانا ً أن يمارس الحق من صاحبه الأصيل بذاته ولا يجيز الإنابة ، لأنه يضع شروطا ً محددة لممارسة هذا الحق من قبل الأصيل .
ومن الأمثلة على ذلك أن القانون لا يبيح لغير الطبيب معالجة المرضى , فلا يجوز للممرض أن يقوم بذلك وإلا وقع فعله تحت طائلة العقاب ، كما أن الشريعة لا تقرر الحق في تأديب الزوجة إلا للزوج ، فلا يجوز لغيره ولو كان ذا رحم أن يحتج به .
5

ويلحق بحالة الإنابة نظام الفاضلة ، وهي أن يتولى شخص القيام بشأن عاجل لحساب آخر دون علمه ، ودون أن يكون ملزما ً بذلك بموجب عقد أو اتفاق ، وإذا توافرت شروط الفاضلة أصبح الفضولي في مركز الوكيل له حقوقه وعليه التزاماته ، لأنه من التناقض أن يعاقب الفضولي على العمل الذي يعد مباحا ً للأصيل .
ومن الأمثلة على ذلك أن يقوم أحدهم بذبح حيوان محتضر ليمكن صاحبه من الانتفاع بلحمه ، أو أن يقوم البائع ببيع البضاعة المعرضة للتلف والتي لم يستلمها المشتري ، فيعد عمله مبررا ً ولا يعتبر مسيئا ً للأمانة .
ب_ يجب على الفاعل إتباع الإجراءات التي يستلزم القانون لممارسة الحق :
إن من يأت الفعل الذي يجرمه القانون أصلا ً دون أن يتبع الإجراءات التي يرسمها القانون لتبريره لا يجوز له أن يحتج بممارسته للحق الذي يرمي إليه هذا الفعل ، فمن يحتج بحقه في تأديب زوجته يجب عليه أن يراعي الإجراءات التي ترسمها الشريعة لممارسة هذا الحق ومنها التدرج في التأديب ، فيبدأ بالوعظ ثم الهجر ثم يلجأ أخيرا ً إلى الضرب .
ولا يجوز لشخص ما أن يقيم العدالة لنفسه ، فمن كان ذا حق يتعين عليه أن يلجأ إلى القضاء لإلزام خصمه بأن يؤديه إليه ، فإذا اعتمد على وسائله الخاصة لم يكن له أن يحتج بحقه لتبرير فعله .
ثانيا ً : أن تكون الوسيلة لازمة وملائمة لممارسة الحق
أ- لزوم الفعل لاستعمال الحق :
يجب أي أن يكون الفعل في الظروف التي صدر فيها ضروريا ً لاستعمال الحق ، وأن لا يكون في وسع صاحب الحق في مثل تلك الظروف أن يستعمل حقه بواسطة فعل آخر ، أي أنه لا يستفيد من سبب تبرير إذا استخدم وسيلة غير مشروعة وكان في وسعه اللجوء إلى فعل آخر مشروع من شأنه أن يوصله إلى حقه المزعوم .
ومبرر هذا الشرط أن استعمال الحق يضر بالغير ، وهذا الإضرار لا يكون مبررا ً إلا إذا كان لازما ً لاستعمال حق معتبر قانونا ً ، فإذا لم يكن لارتكاب الفعل من ضرورة فلا يستفيد مرتكبه من سبب تبرير .
ومن الأمثلة على ذلك أن يفاجئ المعتدي خصمه بإشهار سلاح ناري فيضطر المدافع بدوره إلى استعمال مسدسه مثلا ً لرد هذا الاعتداء ، ولا يحتج على المدافع بعدم استخدامه لوسيلة أخرى كرده باليدين أو العصا مثلا ً ، لأن الوسيلة التي استخدمها كانت ضرورية في الظروف التي افترضناها سابقا ً .
ب_ ملائمة الفعل لاستعمال الحق :
يجب أن يكون الفعل من حيث الجسامة والضرر أقل الوسائل التي يستعمل الحق عن طريقها ، أي وجود التناسب والملائمة بين الإيجابيات والمزايا التي يحققها الفعل وبين الأضرار التي تترتب عليه ،
6

فإذا كان هناك عدة وسائل أمام الفاعل ولكنه لجأ إلى وسيلة يترتب عليها ضرر أكبر من غيرها فإنه يعود إلى نطاق التجريم ، بوصفه متعسفا ً في استعمال حقه ، وهذا ما تشير إليه المادة /6/ ق.م.س التي عددت صور إساءة استعمال الحق ومن ضمنها أن تكون المصالح التي يرمي إليها الفاعل غير متناسبة البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها .
ومن الأمثلة على هذا التناسب ، أن يكون بوسع الأب أن يهذب ابنه بالضرب الخفيف ولكنه يلجأ إلى الضرب الشديد ، فلا يستفيد من سبب تبرير لعدم وجود التناسب والملائمة ، وقد جاء حكم لمحكمة النقض المصرية بمسؤولية الأب الذي ربط ابنته في عضديها مما تسبب لها بالغر غرينا التي أدت إلى وفاتها .
كما أن الراعي الذي يحتاج إلى إمرار دوابه في أرض الغير ، لا يجوز أن يؤدي فعله إلى إتلاف محصولات هذه الأرض ، ولا يستفيد بالتالي من سبب تبرير لعدم وجود التناسب .
ثالثا ً : أن يتوافر حسن النية عند من يمارس الحق :
لا يكفي لتبرير الفعل أن يرتكب ممارسة لحق مقرر بمقتضى القانون ، وأن يلتزم بحدوده المعتبرة ، وإنما يلزم بالإضافة إلى ذلك أن يكون الفاعل حسن النية .
والمقصود بحسن النية هنا التقيد بالغرض الاجتماعي الذي من أجله تقرر الحق ، ذلك أن الحقوق جميعها يقررها القانون لاستهداف أغراض معينة ولا يعرف القانون حقوقا ً مجردة عن الغاية ، فلكل حق وظيفة اجتماعية لا يؤديها إلا إذا استهدف صاحبه غرضا ً محددا ً ، أما إذا سعى إلى تحقيق هدف آخر انتفى لديه حسن النية ، ولم يكن له أن يحتج باستعمال الحق لتبرير فعله .
واختلفت التشريعات في الإشارة إلى شرط حسن النية ، فالبعض نص عليه كالقانون المصري ، وبعضها الآخر أغفله كالقانون السوري واللبناني والليبي والسوداني .
معيار حسن النية في استعمال الحق في القانون السوري :
يمكن تحديد هذا المعيار بالعودة إلى القانون المدني وفي المادة /6/ منه التي تحدد حالات إساءة استعمال الحق ، لنستنتج أنها تضع ضابط لحسن النية يقوم على شرطين أولهما انتفاء قصد الإضرار بالغير ، وثانيهما شرعية المصالح المستهدفة ، وبانتفاء هذين الشرطين أو أحدهما ينتفي حسن النية لدى من يمارس الحق .
ومن الأمثلة على توافر قصد الإضرار ، الزوج الذي يضرب زوجته أو ابنه بدافع الحقد والإهانة بالرغم من أن الغاية التي يستهدفها الحق هي التأديب والتهذيب ، وكذلك الشخص الذي يطعن بالموظف العام بقصد التشهير به وتجريحه لضغائن أحقاد شخصية ، وينتفي حسن النية في هاتين الحالتين لتوافر قصد الإضرار ، ولا يشملهما سبب التبرير .
ومن الأمثلة على عدم شرعية المصلحة ، الطبيب الذي يصف المخدر لمريضه بقصد تسهيل تعاطي المخدرات ، وليس بقصد علاجه ، وهذا ما جاء في حكم لمحكمة النقض المصرية .
7

ويبدو أن هذا الضابط الذي وضعه القانون السوري لتوافر حسن النية غير كاف ، لأنه قد يهدف صاحب الحق إلى مصلحة مشروعة ولكنه لا يكون حسن النية ، ومثال ذلك أن يجري الطبيب عملية لشخص ما لإجراء تجربة علمية ، فهذا الطبيب ينتفي لديه حسن النية على الرغم من أن إجراء التجربة العلمية مصلحة مشروعة .
ويمكن أن نخلص إلى القول بأن الضابط في حسن النية هو أن يستهدف صاحب الحق الغرض الاجتماعي الذي تقرر من أجله الحق ، وبالتالي إذا كان يستهدف مصلحة مشروعة ولا يستهدف الغرض الاجتماعي فلا يكون حسن النية ولا يستفيد من سبب تبرير .
كما يمكن أن ندعم هذا الضابط بالقول أن القانون الجزائي وضع لحماية مصالح المجتمع من خلال تجريم الأفعال المعادية لهذه المصالح ، والمشرع عندما يبيح بعض الأفعال المجرمة أصلا ً كونها تهدف إلى استعمال حق ، فإن ذلك يكون مراعاة لمصالح أولى وأجدر بالحماية من المصالح المضحى بها ، وقلنا أن المشرع يضع حدودا ً لممارسة هذه الأفعال ومن ضمنها حسن النية ، فإذا خرج صاحب الحق عن هذه الحدود يكون قد خرج من نطاق حسن النية ، ولا يستفيد من سبب تبرير .
ويلاحظ أن شرط حسن النية ذو طبيعة شخصية لأنه يتعلق بالحدود الشخصية للحق الذي يفترض تحديد الباعث إلى الفعل والتحقق من مطابقته لغاية الحق ، ولا يتعلق بالحدود الموضوعية لاستعمال الحق وهي أن يمارس من قبل صاحبه وأن يكون الفعل مناسبا ً وملائما ً لممارسة الحق .
وتجدر الإشارة أخيرا ً إلى أن حسن النية في القانون الجزائي هو انتفاء القصد الجرمي ، إلا أن توافر القصد الجرمي لا يحول دون توافر حسن النية ، ومثال ذلك في حالة الدفاع المشروع ، حيث يقصد المدافع إلى ارتكاب الفعل الذي يجرمه القانون ولكن بنية الدفاع عن نفسه وليس بنية الاعتداء ، فهو يعد حسن النية بالرغم من توافر القصد الجرمي لديه .






رد مع اقتباس
قديم 17-06-2010, 08:13 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
المحامي حازم علوش
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم علوش غير متواجد حالياً


افتراضي ذم الموظف العام كسبب للتبرير في قانون العقوبات

ذم الموظف العام كسبب للتبرير في قانون العقوبات
بقلم المحامي حازم حسام الدين علوش
مخطط البحث
المطلب الأول : ماهية الذم

المطلب الثاني : علة اعتبار ذم الموظف سبب تبرير
المطلب الثالث : شروط تبرير ذم الموظف
الشرط الأول : أن يكون الذم موجها ً إلى موظف عام
الشرط الثاني : أن يكون ذم الموظف بسبب وظيفته أو صفته
الشرط الثالث : أن يكون الذم بحسن نية
الشرط الرابع : إثبات صحة وقائع الذم
المطلب الرابع : الدفع بالتبرير

المطلب الأول : ماهية الذم
الذم هو نسبة أمر إلى شخص ولو في معرض الشك او الاستفهام ينال من شرفه او كرامته ، ويتحقق الذم سواء كان بصفة تاكيدية او تشكيكية ، وسواء كان الامر المنسوب صادقا ام كاذبا ، وذلك لأن الذم يخلق الاعتقاد لدى الجمهور باحتمال صحته ، وهذا بذاته كاف للمساس بشرف المجني عليه واعتباره .
ويكون الذم بنسب واقعة محددة بحيث يمكن المجادلة فيها وجودا وعدما ، وهذا ما يميزه عن القدح الذي لا ينطوي على نسبة امر ما بل يهدف الى الطعن والازدراء بالسباب والشتائم ، كما يتميز الذم عن التحقير الذي يتضمن نسبة عيوب واوصاف تنال من كرامة الانسان واعتباره دون ان تكون محددة .
ويلاحظ اختلاف التشريع المقارن في استخدام هذه المصطلحات ، فما يعد " ذما ً أو قدحا ً " في القانون السوري واللبناني ، يعتبر " قذفا ً أو سبا ً " على التوالي في قوانين مصر والعراق والسودان ، بينما انفرد المشرع الليبي باستعمال لفظ " السب " للدلالة على الأمرين معا ً .
ويعتبر الذم الموجه للناس العاديين من الجرائم الواقعة على الشرف ، لآنه ينال من اعتبار الانسان وكرامته ، كما يعتبر الذم الموجه للموظفين اوجهات الدولة من الجرائم الواقعة على السلطة العامة .
المطلب الثاني : علة اعتبار ذم الموظف سبب تبرير
يبدو ان العلة من تبرير الذم الواقع على الموظف العام هي تقدير المشرع ان مصلحة المجتمع تتطلب الكشف عن الوقائع ذات الأهمية الاجتماعية ، اي ان المصلحة العامة في الكشف عن حقيقة اعمال الموظفين ومبلغ امانتهم في اداء واجباتهم على اكمل وجه مرجحة على المصلحة الخاصة في حماية وصيانة شرف الناس واعتبارهم ، ومن اجل ذلك يقرر المشرع لكل فرد الحق في الكشف عن هذه الوقائع ويقيم على اساس هذا الحق سبب تبرير ينفي عن الذم صفته غير المشروعة .
المطلب الثالث : شروط تبرير ذم الموظف
بينا ان المشرع يجرم الذم لانه يشكل اعتداء على شرف الانسان وكرامته ، ولكنه خرج على هذا الأصل وبرر الذم في حالات معينة ومن بينها الطعن في اعمال الموظف العام او من في حكمه ، وهذا مانصت عليه المادة /377/ ق.ع.س بقولها " فيما خلا الذم الواقع على رئيس الدولة ، يبرأ الظنين اذا كان موضوع الذم عملا ذا علاقة بالوظيفة وثبت صحته " ، وقيد ذلك بشروط معينة اذا تحققت فان من شانها ان تحيل هذا الذم من جريمة الى عمل مشروع ، ويستفيد الطاعن فيها من سبب تبرير .
الشرط الأول : أن يكون الذم موجها ً إلى موظف عام
يشترط لتبرير هذه الحالة من الذم ان يكون الشخص الذي يوجه له الذم متمتعا بصفة الموظف العام او ما في حكمه ، ولقد عرفت المادة /340/ ق.ع.س الموظف العام بأنه " كل موظف في السلك القضائي والإداري وضباط وافراد السلطة المدنية اوالعسكرية ، وكل عامل او مستخدم في الدولة " .
ويرى بعض الفقه ان هذه المادة تحمل دلالات واسعة ، حيث لا يشترط ان يكون الموظف دائما او اصيلا ، كما انها تشمل الموظف المؤقت او الوكيل وكل من يتقاضى من الدولة مرتبا او اجرا .
كما ذهبت محكمة النقض السورية الى اعتبار كل مكلف بخدمة عامة او مهمة رسمية كالمحكم والخبيروالمترجم والحارس القضائي من الموظفين عند تعرضهم للذم المتعلق بوظائفهم .
أما اذا لم يكن المسند اليه الذم من الموظفين ، فلا يستفيد الطاعن من حالة التبرير ، ويعود حكمه الى القواعد العامة التي تجرم الذم وتعاقب عليه .
وتطبيقا لذلك حكمت محكمة النقض المصرية بان المحامي لا يعتبر في اداء واجبه موظفا عموميا ، ولا يسوغ اثبات حقيقة ما اسند اليه من وقائع القذف .
كما حكمت بان المجني عليه وهو وكيل لبنك التسليف الزراعي لا يؤدي الا خدمات خاصة ، ومهما كان مبلغ اتصاله بالحكومة ، فان ذلك لا يخلع عليه نصيبا من السلطة العامة ، ولا يمكن اعتباره موظفا عموميا ، ولا يقبل من قاذفه اي دليل لاثبات صحة ما قذف به .
ويلاحظ ان المشرع في مصر والعراق لم يكتفي بوقوع الذم على موظف عام ، بل ذهب الى ابعد من ذلك بقوله " الطعن في اعمال موظف عام او شخص ذي صفة نيابية . . . " ، بينما اقتصر المشرع في سوريا والسودان على صفة الموظف العام دون غيرها .
الشرط الثاني : أن يكون ذم الموظف بسبب وظيفته أو صفته
يجب ان يكون الذم الواقع على الموظف العام متعلقا بعمل يدخل في اختصاصه الوظيفي او باساءته في استخدام السلطة ، اي ان ينصب الذم على الامور العامة التي تهم المجتمع ، ولا يجوز ان يمس الذم امورا تعد من الحياة الخاصة للموظف ، ويختص بتقدير هذا التوصيف للوقائع المسندة قاضي الموضوع ويخضع في ذلك لرقابة محكمة القانون .
وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بانه اذا كانت وقائع الذم المسندة الى الموظف غير متعلقة بعمله او بصفته ، بل كانت متعلقة بحياته الخاصة اي بصفته فردا ، فلا يجوز قانونا اثباتها .
غير انه يباح التعرض لشؤون الموظف الخاصة اذا كانت لها علاقة بالامور العامة ، وذلك بالقدر الذي يستوجبه ذلك الارتباط .
ويتحقق بهذا الشرط الحكمة من تبرير هذا النوع من الذم وهي الكشف عن أخطاء الموظفين وتجاوزاتهم في اداء مهامهم .
الشرط الثالث : أن يكون الذم بحسن نية
المراد بحسن النية هنا ، هو اعتقاد الطاعن بصحة الوقائع التي أسندها للموظف المطعون ، وان يكون اعتقاده مبنيا على اسباب معقولة ، وان يستهدف بطعنه المصلحة العامة .
ولا يقصد بحسن النية المؤثر في هذه الحالة

ولقد اختلفت التشريعات في النص على هذا الشرط ، حيث ذهب المشرع المصري والعراقي الى النص عليه صراحة بقوله " الطعن في اعمال موظف عام . . لا يدخل تحت حكم هذه المادة اذا حصل بسلامة نية " ، بينما اغفل كل من المشرع السوري واللبناني النص على هذا الشرط ، ويبدو ان سبب ذلك هو ان حسن النية يعتبر من كليات القانون ، ولا يشترط النص عليه في كل مرة ، فمن البديهي تطلبه .
الشرط الرابع : إثبات صحة وقائع الذم
بعد ان تتحقق المحكمة من حسن نية الطاعن وتعلق وقائع الذم بالحياة العامة للموظف ، فانها تجيب طلبه باثبات صحة الوقائع التي ادلى بها ، وعلى الطاعن ان يكون مستعدا لتقديم الادلة التي تؤيد كلامه ، أما اذا اقدم على الذم ويده خالية من الدليل فانه يعد عاجزا عن اثبات حقيقة ما اسنده للمجني عليه ، وتقوم مسؤوليته ، ويعود فعله الى اصله وهو عدم المشروعية .
ويلاحظ ان القانون لم يقيد حق الطاعن في اثبات ما تفوه به بطريق او وسيلة معينة ، بل اتاح له ذلك بكل الطرق القانونية ، بما في ذلك شهادة الشهود وقرائن الاحوال ، ويبقى للمحكمة سلطتها التقديرية للاقتناع بادلة الاثبات .
كما تجدر الاشارة الى ان اباحة اثبات وقائع الذم جاء على خلاف القاعدة العامة في جرائم الذم والقدح ، وهي عدم تمكين الطاعن من اثبات صحة ما ذم به ، وعدم الالتفات الى صحة الوقائع او كذبها في تقرير المسؤولية عن هذا النوع من الجرائم .
ويثور التساؤل هنا عن مسؤولية الطاعن حسن النية الذي يعجز عن اثبات الوقائع التي اسندها ، ولقد اختلفت التشريعات في اجابتها على هذه المسألة على الشكل التالي :
أ- التشريع السوداني : ينص على ان الطاعن يستفيد من التبرير طالما توافر لديه حسن النية ، لأنه لم ينص على اشتراط اثبات صحة الوقائع المسندة .
ب_ التشريع السوري واللبناني : الذي لم يتطلب حسن النية صراحة ، قال ان الطاعن لا يستفيد من التبرير ، وذلك بسبب تخلف احد شروط التبرير وهو اثبات صحة الوقائع .
ج_ التشريع المصري والعراقي : قال ان الطاعن لا يستفيد من سبب التبرير ، لأنه تطلب حسن النية واثبات الوقائع المسندة معا .
كما يثور لدينا التساؤل عن استفادة الطاعن من الغلط في التبرير ، وظهر في ذلك رأيان :
أ- الرأي الأول : يرى ان الطاعن يستفيد من مانع مسؤولية وليس من يبب تبرير ، وحجته في ذلك ان الطاعن حسن النية تنتفي مسؤوليته لأنه وقع في غلط منصب على شرط موضوعي للتبرير .
ب_ الرأي الثاني : يرى ان الطاعن لا يستفيد من الغلط في التبرير ، وحجته في ذلك ان الغلط حالة نفسية قوامها وهم او تصور خاطىء ، وموضوع هذا الوهم هو شرط التبرير قد انتفى بالفعل ولكن الطاعن اعتقد توافره ، وهذه الحالة مستقلة عن شروط التبرير الأخرى ، لأن الغلط في التبرير لا يعدل التبرير ، وانما يحل محل الشرط الذي تخلف .
كما ان حسن النية شرط من شروط التبرير ، وقد استعمل بهذه الصفة في هذا التبرير ، فلا يجوز ان يكون لحسن النية دورين ، دور كشرط تبرير ودور كغلط ينفي المسؤولية ، وطالما ان الغلط حالة مستقلة عن شروط التبرير ومتميزة عنها ، فيجب ان توجد بالاضافة الى شروط التبرير ، وطالما ان حسن النية استنفذ دوره كشرط للتبرير ، فلا يجوز اعتباره ايضا كغلط يؤدي الى الاتغناء عن شرط آخر هو اثبات صحة الوقائع .
المطلب الرابع : الدفع بالتبرير
على الطاعن ان يدفع بان الذم الذي صدر منه كان بحسن نية ومتعلقا بعمل الموظف ، وعندها يطلب اليه اثبات الوقائع المسندة ، أما اذا انكر صدوره منه فلا يجوز له ان ينعى الى المحكمة انها لم تتح له فرصة اثبات وقائعه .
ومتى قدم هذا الدفع إلى محكمة الموضوع وجب عليها ان تحققه والا كان حكمها معيبا لاخلاله بحق الدفاع .
ولا بد من الاشارة اخيرا الى ان القانون يوجب على المحكمة ان تبحث في ظروف الدعوى والادلة القائمة فيها من تلقاء نفسها ، فاذا تبينت ان شروط التبرير متوافرة فيجب عليها ان تعامل الطاعن على هذا الاساس ولو كان يجهل سبب التبرير او انه راى ان مصلحته في الدفاع تتحقق بانكار الواقعة بتاتا .






رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اسباب , تبرير , جزائي , جنائي , حازم علوش , طبيب , طبية , عقوبات , مسؤولية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اجتهادات هامة أحوال ردين حسن جنود أهم الاجتهادات القضائية السورية 3 12-11-2018 09:31 AM
قبل أن تسأل عن مرسوم العفوم رقم 34 لعام 2011 ادخل هنا - ذكر لأهم الجرائم المشمولة بالعفو اسماعيل عبد الله المحامي استشارات قانونية مجانية 3 09-03-2011 01:37 AM
اجتهادات جزائية المحامي محمد صخر بعث أهم الاجتهادات القضائية السورية 13 04-12-2006 11:29 PM
*************** زنا *************** المحامي حيدر سلامة أهم الاجتهادات القضائية السورية 0 30-11-2006 10:30 AM


الساعة الآن 03:55 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع