طاعون دمشق

[المحامي محمد عصام زغلول]

طاعون دمشق



يعتبر القرن الخامس الهجري من أسوأ القرون التي عاشتها دمشق المحروسة ..



فقد تتالت فيها الثورات , واجتاحها العسكر , وعاثوا فيها الخراب ..



لأن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ..



فبعد أن خرب دمشق أعراب البادية وأهل العيث والفساد , حل بها سنة 467 هـ كارثة لم يشهد التاريخ أعظم منها ..



فقد انتشر الطاعون .. وعمت المجاعة البلاد .. فلم يبق من أهل دمشق سوى ثلاثة آلاف إنسان , بعد أن كانوا خمس مئة ألف , كما

يقول المؤرخون , وكما يصف ابن الجوزي ذلك في مرآة الزمان ..



أفناهم الغلاء والبلاء والجلاء والوباء ...



كان بدمشق مئتان وأربعون خبازاً فبقي بها خبازان ..



خلت الأسواق , وأقفرت القصور والدور , ونعق في البراري البوم ..



الدار كانت بثلاثة آلاف دينار , فغدت بعشرة دنانير ولا من مشتر ..



الدكان كانت بألف , فنودي عليها بدينار , ولا من مجيب ..



أكلت الكلاب الجيف والميتات ..



أكل الناس لحوم الآدميين ..



إنه الطاعون الأسود الذي حل بالعالم ..



أصاب دمشق في مقتل ..



ولكن أنى للمقتل من دمشق ..



دمشق باقية رغم الطاعون , ومحمية بسم الله العظيم ماحي الطاعون ..



دمشق باقية رغم المرجفين ..



وها هي .. عادت للحياة ..