التحكيم التجاري.. بانتظار القانون للبت بآلاف القضايا المتراكمة منذ سنوات
د. الشلاح: أفضل التحكيم على اللجوء إلى القضاء لفض النزاعات التجارية.
د. جواد: إجراءات التقاضي طويلة وتتصف بالمزاجية..!
مدير عام استهلاكية: /2382/ عدد دعوى المؤسسة على الغير وبالعكس فقط لعام 2006
شركة الأحذية: لا نثق بالتحكيم لكونه لا يتمتع بقوة تنفيذية
لم يعد خافياً على رجال القانون وكذلك المتعاملين في حقل التجارة الدولية والمحلية إدراك أهمية التحكيم كوسيلة مهمة لفض النزاعات التجارية الخاصة والدولية على حدٍ سواء.. إذ يعتبر بمثابة قضاء غير رسمي يقوم إلى جانب القضاء الرسمي للدولة.
وقد زاد اللجوء إلى التحكيم التجاري في الآونة الأخيرة نتيجة ازدياد علاقات الأشخاص الخاصة من أفراد وشركات وتخطيها حدود الدول بشكل ملحوظ، حيث إنه لا يكاد يخلو عقد من عقود التجارة الدولية من بند أو شرط يقرر التزام أطرافه باللجوء إلى التحكيم للفصل في النزاعات الناشئة عن تنفيذه وتفسيره..
كما لم يعد التحكيم في النزاعات الخاصة قاصراً على تلك الناشئة من التعاقدية كالمسؤولية التقصيرية والإثراء بلا سبب، حيث أصبح التحكيم الوسيلة المثلى.. أو إن شئت الدقة هو الوسيلة الأكثر ملاءمة لمواجهة متطلبات هذه التجارة فضلاً عن أنه حافز لتطوير العلاقات بين الدول بما يعود بالنفع عليها منتجة كانت أو مستهلكة.
ونظراً لأهمية التحكيم ودوره في العلاقات الخاصة والدولية فقد أنشأت الدول جهات ومراكز للتحكيم المؤسسي متخصصة في الفصل لنزاعات التجارة الدولية ويتم اللجوء إليها عند الإخفاق بين أطراف العقد أو أطراف النزاع وعرض النزاعات التي تنشأ بينهم على هذا المركز أو ذاك..
نعتبره مصطلحاً أجوف
أما في سورية فمازال التحكيم التجاري مصطلحاً أجوف خارج المظلة القانونية والإجراءات المؤسساتية، وغالباً ما يلجأ إليه المتعاملون المتفقون أصلاً على فضِّ علاقاتهم التعاقدية كتحصيل حاصل لتطبيق ما هو مكتوب في عقد الاتفاق علماً أن المتخاصمين في معظم الأحيان يلجآن إلى القضاء بعد التحكيم كإجراء قانوني لابد منه، لكون الأول غير موثوق به ولا معترف عليه من قبل السلطات التشريعية.. وهذه الحالة السورية المتراجعة في مجال التحكيم التجاري دعت السفير الإيطالي بدمشق السيد فرانشيسكو سيرولي إلى التصريح بأن السفارة الإيطالية مهتمة بحل المشكلات والنزاعات ومسائل التحكيم التجاري في سورية معتبر أن التحكيم الصحيح يساعد على تنشيط الاستثمار في أي مكان وخاصة في حالة الشراكة مع جهات محلية.
كما حرضت السيدة ايفا شوماخر مستشارة التطوير المؤسساتي في مركز الأعمال السوري – الأوروبي على القول : نلاحظ اهتماماً واضحاً من قبل الحكومة السورية فيما يخص التحكيم التجاري، وهذا برأينا يندرج في إطار بناء الجو المؤسساتي في سورية الذي يعتمد على الإطار القانوني.
وأضافت: أعقد أن غرف التجارة الخاصة والعامة والدولية العالقة في المحاكم المختصة منذ سنوات ولا يوجد إحصائيات رسمية سورية تدل على حجم الخسائر المالية التي تتكبد تلك الجهات جرّاء ذلك الخلل القضائي.. نشير إلى جهات مختصة سعودية تؤكد أن تأخر البت في القضايا التجارية العالقة يكبد القطاع الخاص السعودي خسارة سنوياً تتجاوز مليار ريال سعودي.. فكم يخسر القطر بسبب تلك التحكيمات المتراكمة؟..
ولحنة التحكيم في غرفة التجارة الدولية أشارت إلى أن عدد التحكيمات في العام 2002 بلغ /590/ دعوى أمام محكمة الغرفة، قدرت التحكيمات لهذا العام بحدود /500/ دعوى، ومهما كان عدد الدعاوى فإن تدريب المحكمين لدرجة تمكنهم من إدارة معظم إجراءات التحكيم مباشرة أو عبر الإنترنت أصبح مسألة ملحة اليوم...
يفضله على القضاء!
وفي هذا السياق يتحدث الدكتور راتب الشلاح رئيس اتحاد غرفة التجارة السورية وأمين سرّ غرفة التجارة الدولية ويقترح الخطوات الضرورية لتفعيل التحكيم التجاري في سورية، حيث يقول: إن مبدأ التحكيم التجاري مبني على أساس أنه في كل اتفاق مبرم بين طرفين هناك سوء فهم وغموض في بعض النصوص أو قناعة غير مدعومة بأسس سليمة ولذلك يلجأ هذان الطرفان اللذان لديهما نية صادقة لفضّ هذا النزاع عن طريق التحكيم.. لكن التحكيم اليوم أكثر من ذلك، حيث إنه يعطي فرصة لوجهة النظر الأخرى حتى تبرر، خاصة إذا كان المحكمون من الناس المشهود لهم بخبرتهم وتجاربهم ومؤهلاتهم العلمية وحكمتهم.. ولكن الأهم من هذا أو ذاك هو أن يحقق التحكيم العدالة للطرفين المتنازعين.. معتبراً التحكيم التجاري بأنه طريق قصير لفضّ النزاعات وغير مكلف وسريع وفعال للوصول إلى حلٍّ لها...
فرجل الأعمال في هذه الأيام لا يمكن أن يطور أعماله ويكبر في تجارته إذا تلهى بالخلافات والبحث في طرق حلها، لذلك يريد أن يجد حلاً منصفاً وعادلاً، ولذلك فإن التحكيم هو طريقة عملية وجيدة جداً في هذا الشأن.. ولكن التحكيم يفرض شروطاً معينة هي أن يكون التحكيم قائماً على أسس سليمة وقوانين واضحة ومحكمين شفافين ويمتلكون المعرفة إضافة إلى رغبة الطرفين المتنازعين بحل خلافاتهما بالطرق السليمة.. لذلك من هنا تكمن أهمية التحكيم التجاري..
وأوضح الدكتور الشلاح أنه يفضل التحكيم التجاري على اللجوء إلى القضاء نظراً لأن الأول أسرع وأقل كلفة وأكثر عدلاً نظراً لأن الخلافات التجارية غير خاضعة للنصوص بقدر ما تخضع لظروف وشروط معينة ولأحداث لا يحيط القانون بجميعها، لذلك لابد من مختصين يفسرون هذه القوانين ويترجمونها وفق منطوق عملي لأفكارهم وموادها.
وحول موقع ودور سورية في التحكيم التجاري الدولي تحدث د. الشلاح قائلاً: في الحقيقة سورية حتى اليوم ليس لديها دور في تطبيق التحكيم التجاري الدولي، والسبب في ذلك لأننا دائماً في معادلة تضمّ مؤسسات التحكيم العالمية لديها خبرة واسعة وتقاليد عمل جيدة ولديها أجهزة وإمكانيات هائلة لفضّ هذا النزاع وأكثر من ذلك هي لا تخضع لعوامل داخلية وقوانين غير واضحة ولديها السرعة في التنفيذ...
ولذلك لديهم سبق كبير في هذا المجال إضافة إلى أننا عندما تعاقدنا لأجل تطبيق التحكيم التجاري تم التعاقد مع شركات كبيرة وهذه الشركات لا يمكن أن تقبل بالقوانين السورية.. هي تريد أن تنفذ قوانينها في بلدانها وبلدان محايدة ولذلك سورية لم تخطُ خطوات عملية واسعة في هذا المجال.. مشيراً إلى أن عدداً من الدول العربية أسست مراكز تحكيم وأنظمة تحكيم، ولكن حتى الآن عدد القضايا المطروحة عليه مازالت متواضعة وليست كبيرة.. وبذلك تبقى الدول المتقدمة هي الأوسع انتشاراً وقدرة على إعطاء حلول تقنع الناس بأنها صادقة وشفافة ومحايدة...
قضايا عالقة
وحول الأسباب التي تدعو المتخاصمين إلى اللجوء إلى التحكيم التجاري وليس القضائي قال: لأنه لا يوجد أمامهم غيره لأن القضاء عملية طويلة وغير مضمونة وتأخذ سنوات.. لافتاً إلى أن هناك ناحية مهمة جداً في القضاء السوري يجب أن تتوجه إليها أنظار الحكومة وهي وجود آلاف القضايا العالقة، وهي عبارة عن نزاعات فردية بين أفراد فيما بينهم وبين أفراد ومؤسسات عامة مضى عليها سنوات ولم تجد النور لحلها والبت بها وأصبحت ملفات كل قضية من هذه القضايا عبارة عن مجلدات، حيث لا يمكن لأي قاضٍ أن يحكم بها وأصبح حلها شبه مستحيل، ولذلك أتمنى أن توجه الحكومة أنظارها إلى هذه النزاعات والخلافات لتزيل هذا التراكم بشكل سريع من أجل البدء من جديد بنظام تحكيمي قادر على استيعاب ما قد يستجد من قضايا ونزاعات تجارية.. لأن هذا التراكم الكبير من التحكيمات سيكون في النهاية ضياعاً لأصحاب العلاقة وستشكل استغلال لبعض المنتفعين للقضايا التي توفي أصحابها...
ورأى د. الشلاح أن التحدي الأول اليوم في هذا المجال هو التخلص من تراكمات التحكيمات بشكل سريع ومنصف أما بالنسبة لحجم الخسائر التي تتكبدها جهات عامة وخاصة سورية من جراء التأخير في البت بالتحكيمات التجارية الدولية.. قال د. الشلاح: ليس لدينا كمية كبيرة من القضايا العالقة مع جهات دولية، علماً أن أكثرها مع الحكومة، وقد كانت لدينا مجموعة من القضاة والحقوقيين الذين كان لهم وجود في المنابر الدولية لمؤسسات التحكيم، ومن خلالهم تمكنت سورية من تفادي أضرار كبيرة في هذا المجال..
غير معمول به
ووافق د. الشلاح السفير الإيطالي في كلامه المذكور أعلاه قائلاً: أنه كلام سليم جداً، فاليوم الأخوان يختلفان في وجهات النظر وتفسير بنود الاتفاق وشروطه لجهة جعل الحق معه.. وإذا كان هناك حلّ سريع لهذا النزاع، فإن ذلك لا يترك أثراً، ولا يتعمق هذا الخلاف ولا يكلف أموالاً لحله وبالتالي إذا انتقل أحد المتخاصمين إلى مشروع استثماري آخر سيعوض الخسارة مهما كانت، لذلك نحن مع هذا الفكر والقول.
وأوضح أن التحكيم التجاري الصحيح يشجع على جذب الاستثمارات موضحاً أن ذلك يتم بوجود قوانين واضحة ومشجعة لفض النزاعات التجارية بشكل سريع وعادل وشفاف، وهو ما يدخل الطمأنينة إلى داخل المستثمر، حيث لن يكون عرضة لأصحاب الأهواء في تحصيل الحقوق التجارية والمالية.
ورداً على كلام شوماخر قال: هناك شكوى ضد سورية أنه في كثير من الأحيان يكون الوصول إلى أي قرار لفض النزاعات التجارية ولو كان قاسياً غير متوفر.. أي كان هناك دائماً خوف من أصحاب القرار أن يكون لأي قرار يتخذونه ينعكس في بعض جوانبه عليهم ولذلك كان هناك تردد في الحصول على هذا القرار... وبرأيي أن وجود القوانين الصريحة لفضّ النزاعات التجارية يزيل الخوف من صدور أصحابها ويعطي للمستثمرين الأمان في إنجاز كل من العمليات وإعطاء المستثمر الطمأنينة في إمكانية حصوله على الإنصاف والعدل أثناء التحكيم التجاري مهما كان شكله أو موضوعه..
وأوضح أن لدى الغرفة التجارية الدولية برامج تدريبية للمحكمين التجاريين بشكل دائم، مشيراً إلى أن لدى الغرفة اليوم أكثر من /43/ برنامجاً تدريبياً في غرفة تجارة دمشق، وقريباً سيكون هناك برنامج لمدة أسبوعين عن هذا الموضوع.. والسبب الذي يمنع الغرفة من إعطاء هذا الأمر الاهتمام اللازم لكون التحكيم التجاري غير معمول به حالياً ولذلك توجه الغرفة الاهتمام إلى النقاط التي تصب مباشرة في خانة تفعيل الأداء والموارد البشرية القادرة على تحمل مسؤولية الإدارة بالشكل المطلوب حالياً.
بعيداً عن المصالح الخاصة
وختم د. الشلاح حديثه بمجموعة من المقترحات لتطوير التحكيم التجاري في سورية قائلاً: إن الشرط الأساسي والأول هو إيجاد قوانين واضحة وغير ملتبسة لا بالتفسير ولا المعنى وأن تكون مشجعة.. مشيراً إلى أن سورية خطت في السبع سنوات الماضية خطوات كبيرة جداً في تبسيط وتفعيل النشاط الاقتصادي من خلال قوانين شفافة وواضحة ومشجعة.
وثانياً: إيجاد آلية لفضّ النزاعات التجارية أيضاً صحيحة وواضحة بعيداً عن التأثيرات الشخصية والفردية والمصالح الخاصة.. ونحن نسير على هذا الطريق، لكن في المرحلة الأولى ومع وجود هذا التراكم من القضايا والإمكانات المحدودة مهما كانت الحركة مهمة وعميقة لا تظهر نتائجها..
لِمَ نلجأ إلى التحكيم؟
بدوره قال الدكتور خليل جواد مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية: إن المؤسسة لم تلجأ إلى التحكيم التجاري في أي من الخلافات التي تحصل بينها وبين الغير، مشيراً إلى أهمية التحكيم القضائي في تحصل حقوق المؤسسة، حيث هناك عدة دعاوى مقامة من قبل المؤسسة على الغير لمصلحتها ولمصلحة الشركات التابعة وأغلب هذه الدعاوى نتيجة إخلال الغير بتنفيذ التزاماته العقدية مع المؤسسة أو الشركات التابعة..
حيث بلغ عدد هذه الدعاوى الخاصة بالمؤسسة عشراً تتعلق بالخلافات التجارية مقامة من المؤسسة وعليها، منها ما هو منظور به أمام القضاء الإداري والآخر أمام القضاء العادي.. لافتاً أن عدد القضايا التي فصلت أو صدر بها حكم قضائي لمصلحة المؤسسة خلال عام 2006 خمس دعاوى تتعلق بالخلافات التجارية لمصلحة المؤسسة مشيراً إلى أن المؤسسة حصلت على رفض قرار (وقف تنفيذ) في الدعوى المقامة من بسام عنزروتي على المؤسسة، وتم إلزامه بفارق السعر وأحيل الملف إلى مفوض الدولة.. الأمر الذي أدى إلى بيع جميع مخازين معمل دريكيش للمياه المعبأة وبالتالي كان الربح عشرة ملايين ليرة.
كما تم تنفيذ حكم واحد بمبلغ /700/ مليون ليرة سورية ضد جوان جوانيان قيد التنفيذ، وهي دعوى ضد مدير النقل عن طريق مالية المؤسسة دون اللجوء إلى دائرة التنفيذ لتحاشي دفع رسم التحصيل.
أما بالنسبة للمشكلات التي تعاني منها المؤسسة خلال رفع الدعوى فأشار د. جواد إلى قدرة المدعى عليهم من التخلص من تبلغ استدعاء الدعاوى ما يؤدي إلى التأخر بتحديد مواعيد الجلسات وإرجائها إلى مواعيد أخرى تطول.. إضافة إلى المشكلات أثناء المحاكمة تتعلق بعدم حضور المدعى عليه للجلسات، والتقدم بمدفوعات لا طائل منها بغية التهرب من صدور حكم أو التأخير بصدوره..
أما بعد صدور الحكم فإن إجراءات تنفيذه تطول لأسباب تبليغ استدعاء الدعوى نفسها.
وأوضح أنه لم يتم تغيير عملية التقاضي من حيث الإجراءات التي مازالت تعاني من صعوبات في حين مدد التقاضي طويلة نظراً للكم الهائل من الدعاوى المرفوعة أمام القضاء والروتين والمزاجية في تحديد مواعيد الجلسات، وإن معظم الأحكام لا تصدر بالوقت المناسب ولا يتم تنفيذها بالسرعة المطلوبة.
وبناء عليه فقد اقترح د. جواد من أجل تقاضٍ أفضل تسهيل إجراءات التقاضي وإعادة تنظيم عمل الجهاز القضائي ومحاربة الفاسدين فيه وتعديل أوضاعه وتوعية المواطنين لضرورة إقناعهم بهذا الجهاز وبداية تعديل القوانين لتصبح متلائمة مع روح العصر والقضاء على الروتين القاتل في الجهات القضائية وإعطاء دور أكبر للتحكيم في الخلافات التجارية وقدر الإمكان تبسيط القواعد القانونية ليتمكن المواطن من فهم حقوقه و واجباته.
95% لمصلحة المؤسسة!
من جانبه أوضح السيد محسن عبد الكريم علي المدير العام للمؤسسة العامة الاستهلاكية أهمية التحكيم التجاري في تحصيل حقوق المؤسسة بشكل ودّي قبل اللجوء إلى القضاء لافتاً أنه إذا تعذر تحصيل حقوق المؤسسة عن طريق التحكيم يتم اللجوء إلى القضاء المختص من أجل تحصيلها, وقد سبق أن لجأت المؤسسة إلى القضاء لحلّ خلافاتها مع الغير أمام مجلس الدولة أو القضاء العادي، مشيراً إلى أن أسباب رفع الدعاوى كانت مثيرة منها:
- اختلاسات وسرقات لأموال المؤسسة من قبل بعض العاملين فيها.
- الديون المترتبة على المتعاقدين مع المؤسسة (بيع آجل وعقود بيع وشراء).
- الذمم المترتبة على بعض العاملين نتيجة ترك العمل.
وأشار إلى أن العدد الإجمالي للدعاوى التي أقامتها المؤسسة على الغير وأيضاً المقامة على المؤسسة من قبل جهات أخرى تبلغ 2382 دعوى لعام 2006 فقط ماعدا دعاوى وصف الحالة الراهنة المقامة حالياً وبعض الدعاوى التي لم تأخذ رقم أساس وأخرى حول البيع الآجل لبعض الفروع المرفوعة مباشرة أمام دوائر التنفيذ ومنها دعاوى بيع الأجل بفرع الرقة بلغ عددها /207/ دعاوى.
وأضاف: يمكن تصنيف تلك الدعاوى المرفوعة إلى: جزائية, ترك عمل, مدنية, تخمين, مسلكية, إدارية, عمالية, تنفيذية, عقارية, وصف حالة راهنة مستعجلة.
وحول العدد الإجمالي للقضايا التي رفعت بحق المؤسسة وفصلت أو صدر بها حكم لمصلحة المؤسسة قال: إن عددها كبير جداً ولا يمكن حصرها بسبب أنه عندما يتم تنفيذ الحكم تحفظ إضبارة الدعوى وتشطب من السجلات مشيراً إلى أن حوالي 95% من تلك الدعاوى فصلت لمصلحة المؤسسة.. وأن أغلب الأحكام مكتسبة الدرجة القطعية تم تنفيذها عن طريق دوائر التنفيذ في المحافظات وتم حفظها وشطبها من سجل الدعاوى.. إلا أن هناك دعاوى تنفيذية مازالت قائمة ولم تنفذ لأسباب منها: عدم معرفة عناوين المنفذ عليهم, أو مغادرة المنفذ عليهم أراضي القطر, أو وفاتهم، وعدد هذه الدعاوى حوالي /170/ دعوى تنفيذية إضافة إلى أن عدم إمكانية التنفيذ أحياناً تعود لعدم وجود أموال لدى المنفذ عليهم.
وحول المشكلات والصعوبات التي تعاني منها المؤسسة أثناء التقاضي التجاري وبعد صدور الأحكام قال السيد علي: إنه لا توجد صعوبات عند رفع الدعاوى وإنما المشكلة في بطء إجراءات التقاضي أثناء المحاكمة وعدم الفصل ببعض الدعاوى لعدة سنوات بسبب عدم مثول المدعى عليهم أمام القضاء أو عدم معرفة عناوين إقامتهم, كما أنه يتم الفصل ببعض الدعاوى دون إبلاغ إدارة قضايا الدولة بذلك, وإن بعض الدعاوى يتم الفصل فيها من قبل قضاة التحقيق مباشرة وتشاهد من قبل النيابة العامة فقط دون إعلام المؤسسة أو إعلام قضايا الدولة بذلك.
أما بعد صدور الحكم القضائي والمكتسب الدرجة القطعية يتم وضعه بالتنفيذ وهنا تواجه المؤسسة عدة صعوبات أثناء التنفيذ منها:
- جهالة عنوان المنفذ عليه بسبب تغيير مكان إقامته.
- عدم وجود أموال منقولة وغير منقولة لدى المنفذ عليهم.
- مغادرة المنفذ عليهم الأراضي السورية.
وأوضح أنه لاحظ في العامين الماضيين إجراءات تسهيل التقاضي التجاري والمالي من قبل القضاء وقضايا الدولة ودوائر التنفيذ, خاصة عندما تكون القضية بحاجة إلى تقصير مدة التقاضي فإنه يتم الطلب من المحكمة الناظرة تقصير المهلة والبت بالقضية بالسرعة الممكنة.. أما ما يتعلق بصدور الأحكام بالوقت المناسب فقال: إن ذلك يعود لتقدير المحكمة وجهوزية القضية للفصل بها.
وفي الختام اقترح مدير المؤسسة الاستهلاكية الإسراع في البت بالدعاوى من قبل القضاء المختص وموافاة المؤسسة بتطورات الدعاوى والأحكام الصادرة بالوقت المناسب والسرعة الممكنة وذلك من قبل قضايا الدولة لتتم معالجتها أصولاً.. كما اقترح الطلب من الجهات المختصة بشأن وضع إشارة منع مغادرة بعض المدنيين للمؤسسة ولو كانت مبالغ ديونهم أقل من مليون ليرة سورية..
وأيضاً الطلب من الجهات العامة التعاون مع المؤسسة من أجل تحصيل ديونها وذلك بعدم تسيير معاملات المدنيين إلا بعد تبرئة ذمتهم المالية تجاه المؤسسة.
نحن الحلقة الأضعف!
ونظراً لوجود تجربة لدى الشركة العامة لصناعة الأحذية في التقاضي التجاري، خاصة أن إحدى الدعاوى المقامة على الشركة أدت إلى الحجز على أموالها في المصرفين التجاري والصناعي لمدة تقارب شهراً خلال العام الجاري، فقد التقينا السيد عماد حج إبراهيم مدير عام الشركة وسألناه عن أهمية التحكيم التجاري في تحصيل حقوق الشركة فقال: يوجد في كل عقد من العقود التي تبرمها الشركة نص يقضي باللجوء إلى التحكيم لحلِّ أي نزاع قد ينشأ عن تنفيذ العقد مشيراً إلى أنه لم يسبق إن لجأت الشركة إلى التحكيم لحلّ خلافاتها مع المتعاقدين ويعود ذلك لأسباب متعددة أهمها:
- لجوء المتعاقدين مع الشركة إلى رفع دعاوى ضدها لمطالبتها بالوفاء بالتزاميها إضافة إلى عدم الثقة بالتحكيم باعتباره من الحلول الودّية، بينما الأحكام القضائية المبرمة ذات قوة تنفيذية يمكن من خلالها الحصول على الحقوق المطالب بها فضلاً على أن الشركة غالباً ما تكون هي الطرف الأضعف في التقاضي فتكون مدعى عليها ومدينة ولا تملك خيار اللجوء إلى التحكيم.. كما يلعب نقص السيولة المالية – أي عدم ملاءة الشركة مالياً- دوراً مهماً في لجوء المتعاقدين للقضاء. وأضاف: نعم لجأت الشركة لإقامة دعوى قضائية على شركة بول كون بلاستيكس الألمانية التي تعهدت بتوريد /600/ طن من مادة الجيبات البلاستيكية لصناعة الأحذية بموجب الاعتماد المستندي المفتوح لمصلحتها، ولكن نتيجة مخالفة الشركة الموردة وعدم التزامها ببنود العقد وتوريدها كميات مخالفة للمواصفات الفنية للمادة المتعاقد عليها فقد تم تحريك دعوى قضائية بحقها إلا أن الدعوى سقطت بالتقادم بسبب انقضاء مدة ضمان الشركة للعيب في المادة الموردة.
كما توجد دعوى أقامتها الشركة ضد المؤسسة العربية للتأمين بدرعا للمطالبة بتعويض عن حادث سير لمصلحة الشركة.
وحول الأسباب التي دفعت الشركة لإقامة دعاوى قضائية ضد الغير قال: إنها بسبب مخالفة شروط العقد المبرم معها... أما الأسباب التي دعت الغير لرفع دعاوى ضد الشركة فأوضح المدير العام: إن وقوع الشركة بخسارات كبيرة خلال مسيرة عملها نتيجة لانخفاض طاقتها الإنتاجية وعدم قدرة إدارتها السابقة على إدارة الشركة بشكل سليم أدى إلى تراكم ديونها بشكل كبير للقطاعين العام والخاص وفقدان السيولة المالية اللازمة لتسديد تلك الديون، وهذا ما دفع موردي المواد الأولية إلى رفع دعاوى قضائية على الشركة للحصول على مستحقاتهم.... لافتاً إلى أن عدد الدعاوى المرفوعة ضد الشركة يبلغ ثماني دعاوى وتصنف ضمن دعاوى تجارية ومالية ذات الصفة المدنية الناشئة عن العلاقات العقدية وما ترتبه من التزامات متبادلة وهذه الدعاوى من اختصاص القضاء المدني أو الإداري وجميع هذه الدعاوى في مراحلها النهائية (قيد الفصل بها).
كما يوجد عدد من الدعاوى العمالية الناشئة عن العلاقة العقدية مابين الشركة وعمالها وأهمها: دعوى عمال معمل أحذية مصياف للمطالبة بتقديم وجبة غذائية وقائية.. وقد فصلت هذه الدعوى لمصلحة العمال ولم ينفذ هذا الحكم لعدم وجود نص بالنظام الداخلي للشركة يمنحهم هذا الحق إضافة إلى نقص السيولة المالية لدى الشركة.
وأوضح أن عدد الدعاوى التي تم تنفيذ أحكامها هو اثنان.. الأولى لمصلحة شركة فرنسية، والثانية لمصلحة أحد المتعهدين السوريين.
مشكلات وحلول
وأشار السيد حج إبراهيم إلى وجود عدة صعوبات ومشكلات تعاني منها الشركة أثناء المحاكمة وبعد صدور الحكم القضائي من أبرزها:
- مشكلات مالية تتمثل بنقص السيولة المالية لمتابعة إجراءات الدعوى في جميع مراحل التقاضي.
- مشكلات قضائية تتمثل بعدم تأهيل وتطوير أداء محامي الدولة المعينين للدفاع عن حقوق ومصالح الشركة تجاه الغير أمام محاكم القضاء والإداري بشكل مستمر.
- بطء إجراءات المحاكمة وعدم فصل الدعاوى المعروضة على القضاء حتى تاريخه.
- محاباة وتحيز عدد من موظفي القضاء ضد مصالح الشركة ولاسيما من جهة التبليغات والمراسلات والتنفيذ.
- وهناك مشكلات تتمثل بعمل لجان الخبر المشكلة للوقوف على حقيقية بعض الوقائع القانونية أو لتحديد قيمة بعض المبالغ والأضرار أو لتخمين قيمة العقارات المستأجرة من قبل الشركة وهي مشكلة خطيرة للغاية، حيث يصعب الطعن بتقرير الخبرة بسهولة وما يحدث عملياً هو وقوع هذه الخبرة بالخطأ وتقديمها مصالح الغير على مصالح الشركة.
- مشكلات أثناء رفع الدعوى تتمثل بعدم مقدرة الشركة الدفاع عن نفسها تجاه الغير وعدم تقديمها الدليل المؤيد لحقها، حيث إن القضاء لا يمكن له أن يمنح الشركة حقاً لا تقدم عليه دليلاً قاطعاً وعلى العكس من ذلك نجد أن أغلب الدعاوى المرفوعة ضد الشركة الهدف منها الإثراء غير المشروع على حساب الشركة بحجة عدم وفائها بالتزاماتها تجاه الغير وهذا نتيجة طبيعية لعلاقات غير صحيحة لبعض موظفي الشركة مع من يرفعون هذه الدعاوى ضدها.
- مشكلات بعد صدور الحكم القضائي تتمثل بعدم مقدرة الشركة على مجابهة هذه الأحكام القضائية والوقوف بوجه تنفيذها بسبب نقص السيولة المالية الأمر الذي يؤدي إلى تعرض موظفي الإدارة لخطر الملاحقة القضائية الجزائية لعدم تنفيذ هذه الأحكام إضافة إلى تعريض الشركة لمخاطر الحجز على أموالها لعدم التنفيذ فضلاً عن ذلك الإساءة لسمعتها التجارية والمالية.
ولم يلاحظ مدير عام شركة الأحذية أي تغيير يذكر في عملية التقاضي التجاري لناحية تسهيل الإجراءات وقصر المدة وإصدار الحكم بالوقت المناسب وتنفيذه ولاسيما إذا كانت فيه مصلحة عامة في حين يجد المدير أن مصلحة الغير تحتم السرعة والفصل بهذه الدعاوى وتنفيذ أحكامها ولو أدى ذلك إلى الحجز على أموال الشركة والإساءة لها.
ولذلك اقترح لأجل تقاضٍ تجاري أفضل تستطيع الشركة من خلاله تحصيل حقوقها بالشكل المثالي تنفيذ الآتي:
- مساعدة الشركة وتقديم الدعم المالي المناسب لها.
- إيجاد أسس من النزاهة والعدالة في أورقة المحاكم ولدى موظفي الدوائر القضائية المختصة وهي موضع ثقة كبيرة لإحقاق الحق وإبطال الباطل ومنع سماسرة العقود التجارية من المتاجرة بالمال العام.
- الاعتماد على لجان خبرة ذات كفاءة عالية مميزة تعمل بنزاهة وحيادية وعلى بعد واحد من جميع الأطراف.
- إعفاء جهات القطاع العام من تقديم الرسوم القضائية الباهظة التي تعوق مطالبتها القضائية بحقوقها في جميع مراحل التقاضي.
- رفع سوية وكفاءة أداء محامي الدولة المكلفين بالدفاع عن حقوق الجهات العامة في الدولة.
- تقصير أمد المرافعات والنظر بالدعاوى المرفوعة وسرعة البت بها. تقديم الجهات الوصائية العليا الدعم اللازم لجهات القطاع العام التابعة والمرتبطة بها والعمل على حلّ مشكلاتها الاقتصادية والقانونية بشكل أفضل.
- تعديل النصوص القانونية لجهة إجراءات التقاضي التجاري وحماية جهات القطاع العام من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها نتيجة صدور أحكام قضائية قطعية مبرمة كالحجز على أموالها.
- إقامة دورات تدريبية لتأهيل كوادر قانونية لدى الجهات العامة.
تحكم ذوات النفوذ
وهكذا نلاحظ أن الضرورة أصبحت ملحة لإصدار قانون خاص بالتحكيم التجاري يتضمن قوة اتخاذ القرار الجريء للبت بآلاف التحكيمات التجارية النائمة في أدراج المحاكم المختصة منذ سنوات حتى إن أصحاب بعضها قد ماتوا دون أن يروا نور الحق الذي طالما انتظروه يستطع في قضاياهم...
وإذا كانت الجهات المعنية في سورية لم تدرك بعد أهمية إصدار مثل هذا القانون فذلك لأن تعاملات الأفراد والمؤسسات الخاصة والعامة المحلية مع جهات دولية محدود.
وإذا كنا نريد لهذه العلاقات التجارية أن تكبر وتتسع فما علينا إلا إصدار قانون التحكيم التجاري لكون أكثر من جهة محلية وخارجية عبرت صراحة عن عدم ثقتها بإجراءات التقاضي التجاري المحلي لأسباب عدة معروفة لدى الجميع وأهمها سيطرة بعض الشخصيات ذات النفوذ المالي أو السلطوي على مجريات المحاكمة...
وإذا كانت جميع العقود والاتفاقيات المبرمة مابين المتعاملين سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات تنص على ضرورة حلّ النزاعات والخلافات التجارية والمالية التي قد تنشأ بين الطرفين بسبب ما ودّياً أولاً... فلماذا لا نمنح هذا الحل الودّي غير الرسمي صفة قانونية تعطيه قوة التنفيذ الفعلية؟..