منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > المنتدى الثقافي > شعر > نزاريات

نزاريات قسم خاص لأشعار الشاعر الكبير نزار قباني

إضافة رد
المشاهدات 3407 التعليقات 0
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-05-2011, 08:26 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ياسمين الشام
عضو مميز

الصورة الرمزية ياسمين الشام

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


ياسمين الشام غير متواجد حالياً


افتراضي ايامنا ورق

أيــامُنا وَرَقٌ أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمة والكتب القديمة أنعي لكم: كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة أنعي لكم.. أنعي لكم.. نهاية الفِكْرِ الذي قاد إلى الهزيمة. مالحة في فمنا القصائد مالحة ضفائر النساء والليل، والأستار، والمقاعد مالحة أمامنا الأشياء.. يا وطني الحزين حولتني بلحظة من شاعر يكتب شعر الحب والحنين لشاعر يكتب بالسكين لأن ما نحسه أكبر من أوراقنا.. لا بد أن نخجل من أشعارنا إذا خسرنا الحرب، لا غرابه لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابه بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه لأننا ندخلها بمنطق الطبل والربابه.. السر في مأساتنا صراخنا اضخم من أصواتنا وسيفنا.. أطول من قاماتنا.. خلاصة القضية توجز في عباره لقد لبسنا قشرة الحضاره والروح جاهليَّه.. بالناي والمزمار لا يحدث انتصار.. كلفنا ارتجالنا خمسين ألف خيمة جديده لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم لا تلعنوا الظروف فالله يؤتي نصره من يشاء وليس حداداً لديكم.. يصنع السيوف.. يوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح يوجعني.. أن أسمع النباح.. ما دخل اليهود من حدودنا وإنما.. تسربوا كالنمل من عيوبنا.. خمسة آلاف سنه.. ونحن في السرداب ذقوننا طويلة نقودنا مجهولة عيوننا مرافئ الذباب.. يا أصدقائي: جربوا أن تكسروا الأبواب أن تغسلوا أفكاركم وتغسلوا الثياب يا أصدقائي: جربوا أن تقرؤوا كتاب.. أن تكتبوا كتاب.. أن تزرعوا الحروف.. والرمان.. والأعناب.. أن تبحروا إلى بلاد الثلج والضباب فالناس يجهلونكم.. في خارج السرداب الناس يحسبونكم نوعاً من الذئاب.. جلودنا ميتة الإحساس أرواحنا تشكو من الإفلاس أيامنا تدور بين الزار.. والشطرنج.. والنعاس.. هل (نحن خير أمة أخرجت للناس) ؟؟ كان بوسع نفطنا الدافق في الصحاري أن يستحيل خنجراً.. من لهب ونار لكنه.. واخجلة الأشراف من قريش وخجلة الأحرار من أوس ومن نزار يراق تحت أرجل الجواري.. نركض في الشوارع نحمل تحت إبطنا الحبالا نمارس السحل بلا تبصر نحطم الزجاج والأقفالا نمدح كالضفادع نشتم كالضفادع نجعل من أقزامنا أبطالا نجعل من أشرافنا أنذالا نرتجل البطولة ارتجالا نقعد في الجوامع تنابلاً، كسالى نشطر الأبيات، أو نؤلف الأمثالا ونشحذ النصر على عدونا من عنده تعالى.. لو أحد يمنحني الأمان لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان قلت له: يا سيدي السلطان كلابك المفترسات مزقت ردائي ومخبروك دائماً ورائي.. عيونهم ورائي.. أنوفهم ورائي.. أقدامهم ورائي.. يستجوبون زوجتي.. ويكتبون عندهم أسماء أصدقائي.. يا حضرة السلطان لأنني اقتربت من أسوارك الصماء.. لأنني حاولت أن أكشف عن حزني وعن بلائي ضربت بالحذاء.. أرغمني جندك أن آكل من حذائي.. يا سيدي.. يا سيدي السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأن نصف شعبنا ليس له لسان ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان ؟ لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل والجرذان في داخل الجدران.. لو أحد يمنحني الأمان من عسكر السلطان قلت له: يا حضرة السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأنك انفصلت عن قضية الإنسان لو أننا لم ندفن الوحدة في التراب لو لم نمزق جسمها الطري بالحراب لو بقيت في داخل العيون والأهداب لما استباحت لحمنا الكلاب.. نريد جيلاً غاضباً نريد جيلاً يفلح الآفاق وينكش التاريخ من جذوره وينكش الفكر من الأعماق نريد جيلاً قادماً مختلف الملامح لا يغفر الأخطاء.. لا يسامح لا ينحني.. لا يعرف النفاق.. نريد جيلاً، رائداً، عملاق.. يا أيها الأطفال: من المحيط للخليج، أنتم سنابل الآمال وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال ويقتل الأفيون في رؤوسنا ويقتل الخيال.. يا أيها الأطفال: أنتم ـ بعد ـ طيبون وطاهرون، كالندى والثلج، طاهرون لا تقرأوا عن جيلنا المهزوم، يا أطفال فنحن خائبون ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون ونحن منخورون.. منخورون.. منخورون كالنعال.. لا تقرأوا أخبارنا لا تقبلوا أفكارنا لا تقتفوا آثارنا فنحن جيل القيء.. والزُهْريِّ.. والسعال.. ونحن جيل الدجل، والرقص على الحبال يا أيها الأطفال: يا مطر الربيع، يا سنابل الآمال أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمة وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة... ـ حين يصير الفكر في مدينة مسطحاً كحدوة الحصان مدوراً كحدوة الحصان وتستطيع أي بندقية يرفعها جبان أن تسحق الإنسان حين تصير بلدة بأسرها مصيدة.. والناس كالفئران وتصبح الجرائد الموجهة أوراق نعي تملأ الحيطان يموت كل شيء.. يموت كل شيء.. الماء، والنبات، والأصوات، والألوان تهاجر الأشجار من جذورها يهرب من مكانه المكان وينتهي الإنسان حين يصير الحرف في مدينة حشيشة يمنعها القانون ويصبح التفكير كالبغاء.. واللواط.. والأفيون.. جريمة يطالها القانون.. حين يصير الناس في مدينة ضفادعاً مفقوءة العيون فلا يثورون ولا يشكون ولا يغنُّون ولا يبكون ولا يموتون ولا يحيون تحترق الغابات، والأطفال، والأزهار تحترق الثمار ويصبح الإنسان في موطنه أذل من صَرْصار.. حين يصير العدل في مدينة سفينة يركبها قرصان ويصبح الإنسان في سريره محاصراً، بالخوف والأحزان حين يصير الدمع في مدينة أكبر من مساحة الأجفان يسقط كل شيء الشمس.. والنجوم.. والجبال. والوديان.. والليل، والنهار، والبحار، والشطآن.. والله.. والإنسان.. حين تصير خوذة كالرب في السماء تصنع بالعباد ما تشاء تمعسهم.. تهرسهم.. تميتهم.. تصنع بالعباد ما تشاء حين يصير الحكم في مدينة نوعاً من البغاء ويصبح التاريخ في مدينة ممسحة.. والفكر كالحذاء حين تصير نسمة الهواء تأتي بمرسوم من السلطان وحبة القمح التي نأكلها تأتي بمرسوم من السلطان وقطرة الماء التي نشربها تأتي بمرسوم من السلطان حين تصير أمة بأسرها ماشية تعلف في زريبة السلطان يختنق الأطفال في أرحامهم وتجهض النساء.. وتسقط الشمس على ساحتنا مشنقة سوداء.. متى سترحلون ؟ المسرح أنهار على رؤوسكم متى سترحلون ؟ والناس في القاعة يشتمون.. يبصقون.. كانت فلسطين لكم دجاجة، من بيضها الثمين تأكلون.. كانت فلسطين لكم قميص عثمان الذي به تتاجرون طوبى لكم.. على يديْكم أصبحت حدودنا من ورق.. فألف تشكرون.. على يديكم أصبحت بلادنا امرأة مباحة.. فألف تشكرون.. حرب حزيران انتهت.. فكل حرب بعدها، ونحن طيبون.. أخبارنا جيدة وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون.. جمر النراجيل.. على أحسن ما يكون وطاولات الزهر ـ مازالت ـ على أحسن ما يكون والقمر المزروع في سمائنا مدور الوجه، على أحسن ما يكون.. وصوت فيروز، من الفردوس يأتي، (نحن راجعون).. تغلغل اليهود في ثيابنا و(نحن راجعون).. صاروا على مترين من أبوابنا و(نحن راجعون).. ناموا على فراشنا.. و(نحن راجعون).. وكل ما نملك أن نقوله (إنا إلى الله لراجعون).. حرب حزيران انتهت.. وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون كتابنا على رصيف الفكر عاطلون من مطبخ السلطان يأكلون بسيفه الطويل يضربون كتابنا، ما مارسوا التفكير من قرون لم يُقْتَلوا.. لم يُصْلَبوا.. لم يقفوا على حدود الموت والجنون كتابنا يحيون في إجازة وخارج التاريخ يسكنون.. حرب حزيران انتهت جرائد الصباح، ما تغيرت الأحرف الكبيرة الحمراء.. ما تغيرت الصور العارية النكراء.. ما تغيرت والناس يلهثون.. تحت سياط الجنس يلهثون تحت سياط الأحرف الكبيرة الحمراء.. يسقطون.. الناس كالثيران في بلادنا.. بالأحمر الفاقع يُؤْخَذون.. حرب حزيران انتهت.. وضاع كل شيء.. الشرف الرفيع، والقلاع، والحصون والمال، والبنون.. لكننا.. باقون في محطة الإذاعة.. (فاطمة تهدي والدها سلامها..) (وخالد يسأل عن أعمامه في غزة.. وأين يقطنون ؟.) (نفيسة قد ولدت مولودها..) (وسامر حاز على شهادة الكفاءة..) (فطمئنونا عنكم.. (عنواننا المخيم التسعون..) حرب حزيران انتهت.. كأن شيئاً لم يكن.. لم تختلف أمامنا الوجوه والعيون محاكم التفتيش عادت.. عاد المفتشون.. والدونكشوتيون.. مازالوا يشخصون والناس من صعوبة البكاء.. يضحكون.. ونحن قانعون.. بالحرب قانعون.. والسلم قانعون.. بالحَرِّ قانعون.. والبرد قانعون.. بالعقم قانعون.. والنسل قانعون بكل ما في لوحنا المحفوظ في السماء.. قانعون.. وكل ما نملك أن نقوله: (إنا إلى الله لراجعون).. احترق المسرح من أركانه ولم يمت ـ بعد ـ الممثلون..أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمة والكتب القديمة أنعي لكم: كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة أنعي لكم.. أنعي لكم.. نهاية الفِكْرِ الذي قاد إلى الهزيمة. مالحة في فمنا القصائد مالحة ضفائر النساء والليل، والأستار، والمقاعد مالحة أمامنا الأشياء.. يا وطني الحزين حولتني بلحظة من شاعر يكتب شعر الحب والحنين لشاعر يكتب بالسكين لأن ما نحسه أكبر من أوراقنا.. لا بد أن نخجل من أشعارنا إذا خسرنا الحرب، لا غرابه لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابه بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه لأننا ندخلها بمنطق الطبل والربابه.. السر في مأساتنا صراخنا اضخم من أصواتنا وسيفنا.. أطول من قاماتنا.. خلاصة القضية توجز في عباره لقد لبسنا قشرة الحضاره والروح جاهليَّه.. بالناي والمزمار لا يحدث انتصار.. كلفنا ارتجالنا خمسين ألف خيمة جديده لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم لا تلعنوا الظروف فالله يؤتي نصره من يشاء وليس حداداً لديكم.. يصنع السيوف.. يوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح يوجعني.. أن أسمع النباح.. ما دخل اليهود من حدودنا وإنما.. تسربوا كالنمل من عيوبنا.. خمسة آلاف سنه.. ونحن في السرداب ذقوننا طويلة نقودنا مجهولة عيوننا مرافئ الذباب.. يا أصدقائي: جربوا أن تكسروا الأبواب أن تغسلوا أفكاركم وتغسلوا الثياب يا أصدقائي: جربوا أن تقرؤوا كتاب.. أن تكتبوا كتاب.. أن تزرعوا الحروف.. والرمان.. والأعناب.. أن تبحروا إلى بلاد الثلج والضباب فالناس يجهلونكم.. في خارج السرداب الناس يحسبونكم نوعاً من الذئاب.. جلودنا ميتة الإحساس أرواحنا تشكو من الإفلاس أيامنا تدور بين الزار.. والشطرنج.. والنعاس.. هل (نحن خير أمة أخرجت للناس) ؟؟ كان بوسع نفطنا الدافق في الصحاري أن يستحيل خنجراً.. من لهب ونار لكنه.. واخجلة الأشراف من قريش وخجلة الأحرار من أوس ومن نزار يراق تحت أرجل الجواري.. نركض في الشوارع نحمل تحت إبطنا الحبالا نمارس السحل بلا تبصر نحطم الزجاج والأقفالا نمدح كالضفادع نشتم كالضفادع نجعل من أقزامنا أبطالا نجعل من أشرافنا أنذالا نرتجل البطولة ارتجالا نقعد في الجوامع تنابلاً، كسالى نشطر الأبيات، أو نؤلف الأمثالا ونشحذ النصر على عدونا من عنده تعالى.. لو أحد يمنحني الأمان لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان قلت له: يا سيدي السلطان كلابك المفترسات مزقت ردائي ومخبروك دائماً ورائي.. عيونهم ورائي.. أنوفهم ورائي.. أقدامهم ورائي.. يستجوبون زوجتي.. ويكتبون عندهم أسماء أصدقائي.. يا حضرة السلطان لأنني اقتربت من أسوارك الصماء.. لأنني حاولت أن أكشف عن حزني وعن بلائي ضربت بالحذاء.. أرغمني جندك أن آكل من حذائي.. يا سيدي.. يا سيدي السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأن نصف شعبنا ليس له لسان ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان ؟ لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل والجرذان في داخل الجدران.. لو أحد يمنحني الأمان من عسكر السلطان قلت له: يا حضرة السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأنك انفصلت عن قضية الإنسان لو أننا لم ندفن الوحدة في التراب لو لم نمزق جسمها الطري بالحراب لو بقيت في داخل العيون والأهداب لما استباحت لحمنا الكلاب.. نريد جيلاً غاضباً نريد جيلاً يفلح الآفاق وينكش التاريخ من جذوره وينكش الفكر من الأعماق نريد جيلاً قادماً مختلف الملامح لا يغفر الأخطاء.. لا يسامح لا ينحني.. لا يعرف النفاق.. نريد جيلاً، رائداً، عملاق.. يا أيها الأطفال: من المحيط للخليج، أنتم سنابل الآمال وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال ويقتل الأفيون في رؤوسنا ويقتل الخيال.. يا أيها الأطفال: أنتم ـ بعد ـ طيبون وطاهرون، كالندى والثلج، طاهرون لا تقرأوا عن جيلنا المهزوم، يا أطفال فنحن خائبون ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون ونحن منخورون.. منخورون.. منخورون كالنعال.. لا تقرأوا أخبارنا لا تقبلوا أفكارنا لا تقتفوا آثارنا فنحن جيل القيء.. والزُهْريِّ.. والسعال.. ونحن جيل الدجل، والرقص على الحبال يا أيها الأطفال: يا مطر الربيع، يا سنابل الآمال أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمة وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة... ـ حين يصير الفكر في مدينة مسطحاً كحدوة الحصان مدوراً كحدوة الحصان وتستطيع أي بندقية يرفعها جبان أن تسحق الإنسان حين تصير بلدة بأسرها مصيدة.. والناس كالفئران وتصبح الجرائد الموجهة أوراق نعي تملأ الحيطان يموت كل شيء.. يموت كل شيء.. الماء، والنبات، والأصوات، والألوان تهاجر الأشجار من جذورها يهرب من مكانه المكان وينتهي الإنسان حين يصير الحرف في مدينة حشيشة يمنعها القانون ويصبح التفكير كالبغاء.. واللواط.. والأفيون.. جريمة يطالها القانون.. حين يصير الناس في مدينة ضفادعاً مفقوءة العيون فلا يثورون ولا يشكون ولا يغنُّون ولا يبكون ولا يموتون ولا يحيون تحترق الغابات، والأطفال، والأزهار تحترق الثمار ويصبح الإنسان في موطنه أذل من صَرْصار.. حين يصير العدل في مدينة سفينة يركبها قرصان ويصبح الإنسان في سريره محاصراً، بالخوف والأحزان حين يصير الدمع في مدينة أكبر من مساحة الأجفان يسقط كل شيء الشمس.. والنجوم.. والجبال. والوديان.. والليل، والنهار، والبحار، والشطآن.. والله.. والإنسان.. حين تصير خوذة كالرب في السماء تصنع بالعباد ما تشاء تمعسهم.. تهرسهم.. تميتهم.. تصنع بالعباد ما تشاء حين يصير الحكم في مدينة نوعاً من البغاء ويصبح التاريخ في مدينة ممسحة.. والفكر كالحذاء حين تصير نسمة الهواء تأتي بمرسوم من السلطان وحبة القمح التي نأكلها تأتي بمرسوم من السلطان وقطرة الماء التي نشربها تأتي بمرسوم من السلطان حين تصير أمة بأسرها ماشية تعلف في زريبة السلطان يختنق الأطفال في أرحامهم وتجهض النساء.. وتسقط الشمس على ساحتنا مشنقة سوداء.. متى سترحلون ؟ المسرح أنهار على رؤوسكم متى سترحلون ؟ والناس في القاعة يشتمون.. يبصقون.. كانت فلسطين لكم دجاجة، من بيضها الثمين تأكلون.. كانت فلسطين لكم قميص عثمان الذي به تتاجرون طوبى لكم.. على يديْكم أصبحت حدودنا من ورق.. فألف تشكرون.. على يديكم أصبحت بلادنا امرأة مباحة.. فألف تشكرون.. حرب حزيران انتهت.. فكل حرب بعدها، ونحن طيبون.. أخبارنا جيدة وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون.. جمر النراجيل.. على أحسن ما يكون وطاولات الزهر ـ مازالت ـ على أحسن ما يكون والقمر المزروع في سمائنا مدور الوجه، على أحسن ما يكون.. وصوت فيروز، من الفردوس يأتي، (نحن راجعون).. تغلغل اليهود في ثيابنا و(نحن راجعون).. صاروا على مترين من أبوابنا و(نحن راجعون).. ناموا على فراشنا.. و(نحن راجعون).. وكل ما نملك أن نقوله (إنا إلى الله لراجعون).. حرب حزيران انتهت.. وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون كتابنا على رصيف الفكر عاطلون من مطبخ السلطان يأكلون بسيفه الطويل يضربون كتابنا، ما مارسوا التفكير من قرون لم يُقْتَلوا.. لم يُصْلَبوا.. لم يقفوا على حدود الموت والجنون كتابنا يحيون في إجازة وخارج التاريخ يسكنون.. حرب حزيران انتهت جرائد الصباح، ما تغيرت الأحرف الكبيرة الحمراء.. ما تغيرت الصور العارية النكراء.. ما تغيرت والناس يلهثون.. تحت سياط الجنس يلهثون تحت سياط الأحرف الكبيرة الحمراء.. يسقطون.. الناس كالثيران في بلادنا.. بالأحمر الفاقع يُؤْخَذون.. حرب حزيران انتهت.. وضاع كل شيء.. الشرف الرفيع، والقلاع، والحصون والمال، والبنون.. لكننا.. باقون في محطة الإذاعة.. (فاطمة تهدي والدها سلامها..) (وخالد يسأل عن أعمامه في غزة.. وأين يقطنون ؟.) (نفيسة قد ولدت مولودها..) (وسامر حاز على شهادة الكفاءة..) (فطمئنونا عنكم.. (عنواننا المخيم التسعون..) حرب حزيران انتهت.. كأن شيئاً لم يكن.. لم تختلف أمامنا الوجوه والعيون محاكم التفتيش عادت.. عاد المفتشون.. والدونكشوتيون.. مازالوا يشخصون والناس من صعوبة البكاء.. يضحكون.. ونحن قانعون.. بالحرب قانعون.. والسلم قانعون.. بالحَرِّ قانعون.. والبرد قانعون.. بالعقم قانعون.. والنسل قانعون بكل ما في لوحنا المحفوظ في السماء.. قانعون.. وكل ما نملك أن نقوله: (إنا إلى الله لراجعون).. احترق المسرح من أركانه ولم يمت ـ بعد ـ الممثلون..أيــامُنا وَرَقٌ أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمة والكتب القديمة أنعي لكم: كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة أنعي لكم.. أنعي لكم.. نهاية الفِكْرِ الذي قاد إلى الهزيمة. مالحة في فمنا القصائد مالحة ضفائر النساء والليل، والأستار، والمقاعد مالحة أمامنا الأشياء.. يا وطني الحزين حولتني بلحظة من شاعر يكتب شعر الحب والحنين لشاعر يكتب بالسكين لأن ما نحسه أكبر من أوراقنا.. لا بد أن نخجل من أشعارنا إذا خسرنا الحرب، لا غرابه لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابه بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه لأننا ندخلها بمنطق الطبل والربابه.. السر في مأساتنا صراخنا اضخم من أصواتنا وسيفنا.. أطول من قاماتنا.. خلاصة القضية توجز في عباره لقد لبسنا قشرة الحضاره والروح جاهليَّه.. بالناي والمزمار لا يحدث انتصار.. كلفنا ارتجالنا خمسين ألف خيمة جديده لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم لا تلعنوا الظروف فالله يؤتي نصره من يشاء وليس حداداً لديكم.. يصنع السيوف.. يوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح يوجعني.. أن أسمع النباح.. ما دخل اليهود من حدودنا وإنما.. تسربوا كالنمل من عيوبنا.. خمسة آلاف سنه.. ونحن في السرداب ذقوننا طويلة نقودنا مجهولة عيوننا مرافئ الذباب.. يا أصدقائي: جربوا أن تكسروا الأبواب أن تغسلوا أفكاركم وتغسلوا الثياب يا أصدقائي: جربوا أن تقرؤوا كتاب.. أن تكتبوا كتاب.. أن تزرعوا الحروف.. والرمان.. والأعناب.. أن تبحروا إلى بلاد الثلج والضباب فالناس يجهلونكم.. في خارج السرداب الناس يحسبونكم نوعاً من الذئاب.. جلودنا ميتة الإحساس أرواحنا تشكو من الإفلاس أيامنا تدور بين الزار.. والشطرنج.. والنعاس.. هل (نحن خير أمة أخرجت للناس) ؟؟ كان بوسع نفطنا الدافق في الصحاري أن يستحيل خنجراً.. من لهب ونار لكنه.. واخجلة الأشراف من قريش وخجلة الأحرار من أوس ومن نزار يراق تحت أرجل الجواري.. نركض في الشوارع نحمل تحت إبطنا الحبالا نمارس السحل بلا تبصر نحطم الزجاج والأقفالا نمدح كالضفادع نشتم كالضفادع نجعل من أقزامنا أبطالا نجعل من أشرافنا أنذالا نرتجل البطولة ارتجالا نقعد في الجوامع تنابلاً، كسالى نشطر الأبيات، أو نؤلف الأمثالا ونشحذ النصر على عدونا من عنده تعالى.. لو أحد يمنحني الأمان لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان قلت له: يا سيدي السلطان كلابك المفترسات مزقت ردائي ومخبروك دائماً ورائي.. عيونهم ورائي.. أنوفهم ورائي.. أقدامهم ورائي.. يستجوبون زوجتي.. ويكتبون عندهم أسماء أصدقائي.. يا حضرة السلطان لأنني اقتربت من أسوارك الصماء.. لأنني حاولت أن أكشف عن حزني وعن بلائي ضربت بالحذاء.. أرغمني جندك أن آكل من حذائي.. يا سيدي.. يا سيدي السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأن نصف شعبنا ليس له لسان ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان ؟ لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل والجرذان في داخل الجدران.. لو أحد يمنحني الأمان من عسكر السلطان قلت له: يا حضرة السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأنك انفصلت عن قضية الإنسان لو أننا لم ندفن الوحدة في التراب لو لم نمزق جسمها الطري بالحراب لو بقيت في داخل العيون والأهداب لما استباحت لحمنا الكلاب.. نريد جيلاً غاضباً نريد جيلاً يفلح الآفاق وينكش التاريخ من جذوره وينكش الفكر من الأعماق نريد جيلاً قادماً مختلف الملامح لا يغفر الأخطاء.. لا يسامح لا ينحني.. لا يعرف النفاق.. نريد جيلاً، رائداً، عملاق.. يا أيها الأطفال: من المحيط للخليج، أنتم سنابل الآمال وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال ويقتل الأفيون في رؤوسنا ويقتل الخيال.. يا أيها الأطفال: أنتم ـ بعد ـ طيبون وطاهرون، كالندى والثلج، طاهرون لا تقرأوا عن جيلنا المهزوم، يا أطفال فنحن خائبون ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون ونحن منخورون.. منخورون.. منخورون كالنعال.. لا تقرأوا أخبارنا لا تقبلوا أفكارنا لا تقتفوا آثارنا فنحن جيل القيء.. والزُهْريِّ.. والسعال.. ونحن جيل الدجل، والرقص على الحبال يا أيها الأطفال: يا مطر الربيع، يا سنابل الآمال أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمة وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة... ـ حين يصير الفكر في مدينة مسطحاً كحدوة الحصان مدوراً كحدوة الحصان وتستطيع أي بندقية يرفعها جبان أن تسحق الإنسان حين تصير بلدة بأسرها مصيدة.. والناس كالفئران وتصبح الجرائد الموجهة أوراق نعي تملأ الحيطان يموت كل شيء.. يموت كل شيء.. الماء، والنبات، والأصوات، والألوان تهاجر الأشجار من جذورها يهرب من مكانه المكان وينتهي الإنسان حين يصير الحرف في مدينة حشيشة يمنعها القانون ويصبح التفكير كالبغاء.. واللواط.. والأفيون.. جريمة يطالها القانون.. حين يصير الناس في مدينة ضفادعاً مفقوءة العيون فلا يثورون ولا يشكون ولا يغنُّون ولا يبكون ولا يموتون ولا يحيون تحترق الغابات، والأطفال، والأزهار تحترق الثمار ويصبح الإنسان في موطنه أذل من صَرْصار.. حين يصير العدل في مدينة سفينة يركبها قرصان ويصبح الإنسان في سريره محاصراً، بالخوف والأحزان حين يصير الدمع في مدينة أكبر من مساحة الأجفان يسقط كل شيء الشمس.. والنجوم.. والجبال. والوديان.. والليل، والنهار، والبحار، والشطآن.. والله.. والإنسان.. حين تصير خوذة كالرب في السماء تصنع بالعباد ما تشاء تمعسهم.. تهرسهم.. تميتهم.. تصنع بالعباد ما تشاء حين يصير الحكم في مدينة نوعاً من البغاء ويصبح التاريخ في مدينة ممسحة.. والفكر كالحذاء حين تصير نسمة الهواء تأتي بمرسوم من السلطان وحبة القمح التي نأكلها تأتي بمرسوم من السلطان وقطرة الماء التي نشربها تأتي بمرسوم من السلطان حين تصير أمة بأسرها ماشية تعلف في زريبة السلطان يختنق الأطفال في أرحامهم وتجهض النساء.. وتسقط الشمس على ساحتنا مشنقة سوداء.. متى سترحلون ؟ المسرح أنهار على رؤوسكم متى سترحلون ؟ والناس في القاعة يشتمون.. يبصقون.. كانت فلسطين لكم دجاجة، من بيضها الثمين تأكلون.. كانت فلسطين لكم قميص عثمان الذي به تتاجرون طوبى لكم.. على يديْكم أصبحت حدودنا من ورق.. فألف تشكرون.. على يديكم أصبحت بلادنا امرأة مباحة.. فألف تشكرون.. حرب حزيران انتهت.. فكل حرب بعدها، ونحن طيبون.. أخبارنا جيدة وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون.. جمر النراجيل.. على أحسن ما يكون وطاولات الزهر ـ مازالت ـ على أحسن ما يكون والقمر المزروع في سمائنا مدور الوجه، على أحسن ما يكون.. وصوت فيروز، من الفردوس يأتي، (نحن راجعون).. تغلغل اليهود في ثيابنا و(نحن راجعون).. صاروا على مترين من أبوابنا و(نحن راجعون).. ناموا على فراشنا.. و(نحن راجعون).. وكل ما نملك أن نقوله (إنا إلى الله لراجعون).. حرب حزيران انتهت.. وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون كتابنا على رصيف الفكر عاطلون من مطبخ السلطان يأكلون بسيفه الطويل يضربون كتابنا، ما مارسوا التفكير من قرون لم يُقْتَلوا.. لم يُصْلَبوا.. لم يقفوا على حدود الموت والجنون كتابنا يحيون في إجازة وخارج التاريخ يسكنون.. حرب حزيران انتهت جرائد الصباح، ما تغيرت الأحرف الكبيرة الحمراء.. ما تغيرت الصور العارية النكراء.. ما تغيرت والناس يلهثون.. تحت سياط الجنس يلهثون تحت سياط الأحرف الكبيرة الحمراء.. يسقطون.. الناس كالثيران في بلادنا.. بالأحمر الفاقع يُؤْخَذون.. حرب حزيران انتهت.. وضاع كل شيء.. الشرف الرفيع، والقلاع، والحصون والمال، والبنون.. لكننا.. باقون في محطة الإذاعة.. (فاطمة تهدي والدها سلامها..) (وخالد يسأل عن أعمامه في غزة.. وأين يقطنون ؟.) (نفيسة قد ولدت مولودها..) (وسامر حاز على شهادة الكفاءة..) (فطمئنونا عنكم.. (عنواننا المخيم التسعون..) حرب حزيران انتهت.. كأن شيئاً لم يكن.. لم تختلف أمامنا الوجوه والعيون محاكم التفتيش عادت.. عاد المفتشون.. والدونكشوتيون.. مازالوا يشخصون والناس من صعوبة البكاء.. يضحكون.. ونحن قانعون.. بالحرب قانعون.. والسلم قانعون.. بالحَرِّ قانعون.. والبرد قانعون.. بالعقم قانعون.. والنسل قانعون بكل ما في لوحنا المحفوظ في السماء.. قانعون.. وكل ما نملك أن نقوله: (إنا إلى الله لراجعون).. احترق المسرح من أركانه ولم يمت ـ بعد ـ الممثلون..أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمة والكتب القديمة أنعي لكم: كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة أنعي لكم.. أنعي لكم.. نهاية الفِكْرِ الذي قاد إلى الهزيمة. مالحة في فمنا القصائد مالحة ضفائر النساء والليل، والأستار، والمقاعد مالحة أمامنا الأشياء.. يا وطني الحزين حولتني بلحظة من شاعر يكتب شعر الحب والحنين لشاعر يكتب بالسكين لأن ما نحسه أكبر من أوراقنا.. لا بد أن نخجل من أشعارنا إذا خسرنا الحرب، لا غرابه لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابه بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه لأننا ندخلها بمنطق الطبل والربابه.. السر في مأساتنا صراخنا اضخم من أصواتنا وسيفنا.. أطول من قاماتنا.. خلاصة القضية توجز في عباره لقد لبسنا قشرة الحضاره والروح جاهليَّه.. بالناي والمزمار لا يحدث انتصار.. كلفنا ارتجالنا خمسين ألف خيمة جديده لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم لا تلعنوا الظروف فالله يؤتي نصره من يشاء وليس حداداً لديكم.. يصنع السيوف.. يوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح يوجعني.. أن أسمع النباح.. ما دخل اليهود من حدودنا وإنما.. تسربوا كالنمل من عيوبنا.. خمسة آلاف سنه.. ونحن في السرداب ذقوننا طويلة نقودنا مجهولة عيوننا مرافئ الذباب.. يا أصدقائي: جربوا أن تكسروا الأبواب أن تغسلوا أفكاركم وتغسلوا الثياب يا أصدقائي: جربوا أن تقرؤوا كتاب.. أن تكتبوا كتاب.. أن تزرعوا الحروف.. والرمان.. والأعناب.. أن تبحروا إلى بلاد الثلج والضباب فالناس يجهلونكم.. في خارج السرداب الناس يحسبونكم نوعاً من الذئاب.. جلودنا ميتة الإحساس أرواحنا تشكو من الإفلاس أيامنا تدور بين الزار.. والشطرنج.. والنعاس.. هل (نحن خير أمة أخرجت للناس) ؟؟ كان بوسع نفطنا الدافق في الصحاري أن يستحيل خنجراً.. من لهب ونار لكنه.. واخجلة الأشراف من قريش وخجلة الأحرار من أوس ومن نزار يراق تحت أرجل الجواري.. نركض في الشوارع نحمل تحت إبطنا الحبالا نمارس السحل بلا تبصر نحطم الزجاج والأقفالا نمدح كالضفادع نشتم كالضفادع نجعل من أقزامنا أبطالا نجعل من أشرافنا أنذالا نرتجل البطولة ارتجالا نقعد في الجوامع تنابلاً، كسالى نشطر الأبيات، أو نؤلف الأمثالا ونشحذ النصر على عدونا من عنده تعالى.. لو أحد يمنحني الأمان لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان قلت له: يا سيدي السلطان كلابك المفترسات مزقت ردائي ومخبروك دائماً ورائي.. عيونهم ورائي.. أنوفهم ورائي.. أقدامهم ورائي.. يستجوبون زوجتي.. ويكتبون عندهم أسماء أصدقائي.. يا حضرة السلطان لأنني اقتربت من أسوارك الصماء.. لأنني حاولت أن أكشف عن حزني وعن بلائي ضربت بالحذاء.. أرغمني جندك أن آكل من حذائي.. يا سيدي.. يا سيدي السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأن نصف شعبنا ليس له لسان ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان ؟ لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل والجرذان في داخل الجدران.. لو أحد يمنحني الأمان من عسكر السلطان قلت له: يا حضرة السلطان لقد خسرت الحرب مرتين لأنك انفصلت عن قضية الإنسان لو أننا لم ندفن الوحدة في التراب لو لم نمزق جسمها الطري بالحراب لو بقيت في داخل العيون والأهداب لما استباحت لحمنا الكلاب.. نريد جيلاً غاضباً نريد جيلاً يفلح الآفاق وينكش التاريخ من جذوره وينكش الفكر من الأعماق نريد جيلاً قادماً مختلف الملامح لا يغفر الأخطاء.. لا يسامح لا ينحني.. لا يعرف النفاق.. نريد جيلاً، رائداً، عملاق.. يا أيها الأطفال: من المحيط للخليج، أنتم سنابل الآمال وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال ويقتل الأفيون في رؤوسنا ويقتل الخيال.. يا أيها الأطفال: أنتم ـ بعد ـ طيبون وطاهرون، كالندى والثلج، طاهرون لا تقرأوا عن جيلنا المهزوم، يا أطفال فنحن خائبون ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون ونحن منخورون.. منخورون.. منخورون كالنعال.. لا تقرأوا أخبارنا لا تقبلوا أفكارنا لا تقتفوا آثارنا فنحن جيل القيء.. والزُهْريِّ.. والسعال.. ونحن جيل الدجل، والرقص على الحبال يا أيها الأطفال: يا مطر الربيع، يا سنابل الآمال أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمة وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة... ـ حين يصير الفكر في مدينة مسطحاً كحدوة الحصان مدوراً كحدوة الحصان وتستطيع أي بندقية يرفعها جبان أن تسحق الإنسان حين تصير بلدة بأسرها مصيدة.. والناس كالفئران وتصبح الجرائد الموجهة أوراق نعي تملأ الحيطان يموت كل شيء.. يموت كل شيء.. الماء، والنبات، والأصوات، والألوان تهاجر الأشجار من جذورها يهرب من مكانه المكان وينتهي الإنسان حين يصير الحرف في مدينة حشيشة يمنعها القانون ويصبح التفكير كالبغاء.. واللواط.. والأفيون.. جريمة يطالها القانون.. حين يصير الناس في مدينة ضفادعاً مفقوءة العيون فلا يثورون ولا يشكون ولا يغنُّون ولا يبكون ولا يموتون ولا يحيون تحترق الغابات، والأطفال، والأزهار تحترق الثمار ويصبح الإنسان في موطنه أذل من صَرْصار.. حين يصير العدل في مدينة سفينة يركبها قرصان ويصبح الإنسان في سريره محاصراً، بالخوف والأحزان حين يصير الدمع في مدينة أكبر من مساحة الأجفان يسقط كل شيء الشمس.. والنجوم.. والجبال. والوديان.. والليل، والنهار، والبحار، والشطآن.. والله.. والإنسان.. حين تصير خوذة كالرب في السماء تصنع بالعباد ما تشاء تمعسهم.. تهرسهم.. تميتهم.. تصنع بالعباد ما تشاء حين يصير الحكم في مدينة نوعاً من البغاء ويصبح التاريخ في مدينة ممسحة.. والفكر كالحذاء حين تصير نسمة الهواء تأتي بمرسوم من السلطان وحبة القمح التي نأكلها تأتي بمرسوم من السلطان وقطرة الماء التي نشربها تأتي بمرسوم من السلطان حين تصير أمة بأسرها ماشية تعلف في زريبة السلطان يختنق الأطفال في أرحامهم وتجهض النساء.. وتسقط الشمس على ساحتنا مشنقة سوداء.. متى سترحلون ؟ المسرح أنهار على رؤوسكم متى سترحلون ؟ والناس في القاعة يشتمون.. يبصقون.. كانت فلسطين لكم دجاجة، من بيضها الثمين تأكلون.. كانت فلسطين لكم قميص عثمان الذي به تتاجرون طوبى لكم.. على يديْكم أصبحت حدودنا من ورق.. فألف تشكرون.. على يديكم أصبحت بلادنا امرأة مباحة.. فألف تشكرون.. حرب حزيران انتهت.. فكل حرب بعدها، ونحن طيبون.. أخبارنا جيدة وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون.. جمر النراجيل.. على أحسن ما يكون وطاولات الزهر ـ مازالت ـ على أحسن ما يكون والقمر المزروع في سمائنا مدور الوجه، على أحسن ما يكون.. وصوت فيروز، من الفردوس يأتي، (نحن راجعون).. تغلغل اليهود في ثيابنا و(نحن راجعون).. صاروا على مترين من أبوابنا و(نحن راجعون).. ناموا على فراشنا.. و(نحن راجعون).. وكل ما نملك أن نقوله (إنا إلى الله لراجعون).. حرب حزيران انتهت.. وحالنا ـ والحمد لله ـ على أحسن ما يكون كتابنا على رصيف الفكر عاطلون من مطبخ السلطان يأكلون بسيفه الطويل يضربون كتابنا، ما مارسوا التفكير من قرون لم يُقْتَلوا.. لم يُصْلَبوا.. لم يقفوا على حدود الموت والجنون كتابنا يحيون في إجازة وخارج التاريخ يسكنون.. حرب حزيران انتهت جرائد الصباح، ما تغيرت الأحرف الكبيرة الحمراء.. ما تغيرت الصور العارية النكراء.. ما تغيرت والناس يلهثون.. تحت سياط الجنس يلهثون تحت سياط الأحرف الكبيرة الحمراء.. يسقطون.. الناس كالثيران في بلادنا.. بالأحمر الفاقع يُؤْخَذون.. حرب حزيران انتهت.. وضاع كل شيء.. الشرف الرفيع، والقلاع، والحصون والمال، والبنون.. لكننا.. باقون في محطة الإذاعة.. (فاطمة تهدي والدها سلامها..) (وخالد يسأل عن أعمامه في غزة.. وأين يقطنون ؟.) (نفيسة قد ولدت مولودها..) (وسامر حاز على شهادة الكفاءة..) (فطمئنونا عنكم.. (عنواننا المخيم التسعون..) حرب حزيران انتهت.. كأن شيئاً لم يكن.. لم تختلف أمامنا الوجوه والعيون محاكم التفتيش عادت.. عاد المفتشون.. والدونكشوتيون.. مازالوا يشخصون والناس من صعوبة البكاء.. يضحكون.. ونحن قانعون.. بالحرب قانعون.. والسلم قانعون.. بالحَرِّ قانعون.. والبرد قانعون.. بالعقم قانعون.. والنسل قانعون بكل ما في لوحنا المحفوظ في السماء.. قانعون.. وكل ما نملك أن نقوله: (إنا إلى الله لراجعون).. احترق المسرح من أركانه ولم يمت ـ بعد ـ الممثلون..






رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قوانين التبغ والتنباك المحامي نوار الغنوم موسوعة التشريع السوري 6 23-02-2011 05:28 AM
من أجمل ماقيل باليبرق (ورق عنب) mohamad استراحة المحامين 0 04-02-2011 07:29 PM
هل أصبح القانون حبر على ورق ؟ المحامي غالب مظلوم المحاماة- هموم وشجون 4 14-05-2010 03:33 AM
أسماء القضاة على ورق كرتون شآم تطوير القضاء 1 01-05-2005 06:33 AM


الساعة الآن 05:22 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع