إذا كان القانون الدولي الإنساني هو مجموعة من القواعد التي تسعى، لأسباب إنسانية، للحد من تأثيرات النزاع المسلح. ويحمي الأشخاص غير المشاركين أو المتوقفين عن المشاركة في الأعمال العدائية، ويقيد وسائل وأساليب الحرب. ويعرف القانون الدولي الإنساني كذلك باسم قانون النزاع المسلح. إذا كان كذلك فإن كل الجرائم التي تتم بخلاف تعريفاته تعتبر عملياً جرائم ضد اإنسانية ومنها جريمة مذبحة قانا.
فالقانون الدولي الإنساني عبارة عن مجموعة من القواعد التي تحمي, في أوقات الحرب, الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال أو لم يعودوا قادرين على المشاركة فيه. والهدف الأساسي لهذا القانون هو الحد من معاناة الإنسان وتفاديها في النزاعات المسلحة. وعندما ترتكب المجازر بدم بارد كما هو الحال في قانا فإن هذا يستدعي التوقف عند القواعد الناظمة للحرب ومدى انطباق مجزة قانا عليها:
القواعد السبع الأساسية للقانون الدولي الإنساني والبروتوكولان الملحقان:
1- يحق للأشخاص العاجزين عن القتال أو غير المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية أن تحترم أرواحهم وسلامتهم المعنوية والبدنية, وأن يتمتعوا بالحماية والمعاملة الإنسانية دون أي تمييز مجحف.
وهذا البند لم يراعَ بالنسبة لضحايا قانا ، فهم كانوا في بيوتهم دون أي تدخل في العمل العسكري.
2- يحظر قتل أو إصابة أحد أفراد العدو الذي يستسلم أو يكون عاجزاً عن القتال. وهذا أيضاً كان متجاوزاً في رمي هؤلاء المدنيين.
3- يتم جمع الجرحى والمرضى ورعايتهم من قبل طرف النزاع الخاضعين لسلطته. وتشمل الحماية أيضاً الأفراد العاملين في المجال الطبي, والمنشآت, ووسائل النقل والمعدات. وشارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر هي علامة هذه الحماية ويجب أن تحترم. وهما تمت أصابتم ولم يسمح إلا بعد 8 ساعات بنقل الجرحى منهم.
4- يحق للمقاتلين والمدنيين الواقعين تحت سلطة الطرف الخصم أن تحترم أرواحهم, وكرامتهم وحقوقهم الشخصية ومعتقداتهم, وأن يتمتعوا بالحماية من كافة أعمال العنف والأعمال الانتقامية. ويحق لهم مراسلة عائلاتهم وتلقي الإغاثة. وخصوصا في البند الأخير فإن إسرائيل أصرت على تجاوز ذلك ورفضت حمايتهم ونداءات الاستغاثة.
5- يحق لكل فرد الاستفادة من الضمانات القضائية الأساسية. ولا يعد مسؤولاً عن عمل لم يرتكبه. ولا يكون معرضاً للتعذيب البدني أو النفسي, أو العقاب البدني أو المعاملة الوحشية أو المهينة.وهنا فإن إسرائيل تمارس سياية العنف المنظم على المدنيين لمعاقبة حزب الله ولبنان على موقفه أي أنها تعتمد أسلوب العقاب الجماعي.
6- ليس لأطراف النزاع وأفراد قواتها المسلحة خيار غير محدود بالنسبة لوسائل وأساليب الحرب. ومن المحظور استخدام أسلحة أو أساليب الحرب التي تسبب خسائر غير ضرورية أو معاناة مفرطة.
وهنا بالذات تبرز إسرائيل أعلى درجات استخدام القوة المفرط وبشكل عير محدود وبألة توقع أعلى الضحايا عددا ونوعية وهي تخالف أدنى قواعد قوانين الحرب بدليل وصول عدد الضحايا في الحرب الأخيرة إلى ما يتجاوز 1000شخص عموما وأكثر من 57 شخصاً في قانا وحدها ومنطقة القاع شكلت المجزرة الثانية .
7- على أطراف النزاع التمييز في كافة الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين من أجل الحفاظ على حياة السكان المدنيين وصيانة الممتلكات المدنية. ولا يجوز أن يكون السكان المدنيون أو الأشخاص المدنيون عرضة للاعتداء, بل توجه الاعتداءات ضد الأهداف العسكرية فقط.وهذا أيضاً يتم تجاوزه.إذا من حيث القواعد السبع نرى أن إسرائيل تقفز فوقهم بالجملة وتقوم بانتهاكهم معاً ، الأمر الذي يستدعي إحالة جريمة قانا إلى محكمة العدل الدولية وغلى محكمة جرائم الحرب ، إلا أن عدم تصديق الولايات المتحدة الأمريكية على القانون الجنائي الدولي يتيح لإسرائيل أن تتنصل من مسؤولياتها ، ويبقي هذه الجريمة وغيرها في... ذمة الوجدان الإنساني
الدكتور عماد فوزي شُعيبي: رئيس مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية