![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() مباشرة الدعوى العقارية لقد تبين لنا أن الاتفاق المبرم بين الأطراف (مثال عقد البيع) يعتبر وثيقة كافية للتسجيل في السجل العقاري بحيث يُستَنَد إليها في إبرام محضر العقد وفقاً لما نص عليه قانون السجل العقاري. كما ويتمتع الحكم القضائي المبرم الصادر في الدعوى العقارية بنفس القيمة القانونية لجهة اعتماده مستنداً للتسجيل أثناء تحرير محضر ذلك العقد. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: طالما أن اتفاق الطرفين يعد مستنداً كافياً للتسجيل فلماذا يلجأ الأطراف بكثرة إلى دعاوى تثبيت البيع أو الشراء فيما بينهم. أي لماذا يفضلون الحكم القضائي المبرم على الطرق الأخرى للتسجيل؟. إن المتتبع لحقيقة الوضع يجد أننا أمام حالة استغلال غير شرعي لناحية قانونية هامة هي إلزام أمانة السجل العقاري بتنفيذ الأحكام القضائية المبرمة بوصفها هيئة تنفيذية لا تملك الامتناع عن تنفيذ حكم صادر عن السلطة القضائية. فمن حيث المبدأ: يمكن أن يكون القضاء الملاذ لطرفين اختلفا بصدد عملية بيع أو شراء عقار، وهنا نكون أمام حالة نزاع حقيقي لا مجال فيه لمناقشة حق الأطراف في اللجوء إلى القضاء، إلاَّ أننا في حالات كثيرة نلمح غايات أخرى. كما في محاولة التخلص من بعض الإجراءات الإدارية والرسوم المالية عند ضياع سندات الملكية التي تمنح للأشخاص. ففي هذه الحالة أوجب القانون على صاحبها أن يحضر بالذات لدى أمين السجل رئيس المكتب العقاري مصطحباً الشهود الذين لهم علم بسبب تلف أو فقدان النسخة الأصلية، ويؤخذ تقريره بصورة محضر تذكر فيه جميع المعلومات التي تدل على هويته والتي تتعلق بالتكليف المالي والتأمينات المترتبة على العقار ويختم المحضر بتوقيعه مع إمضاءات الشهود والحاضرين وأمين السجل ثم ينشر هذا المحضر في جريدة الحكومة الرسمية وفي ثلاث جرائد أخرى من الجرائد المحلية فإذا مضت مدة /15/ يوماً ولم يظهر خلالها معترض فلأمين السجل إذا اقتنع بصحة تصريحات المستدعي أن يعطيه نسخة ثانية طبق الأصل عن الصحيفة العقارية بشرط أن تذكر الظروف التي أُعطِيَت فيها[1]. وفي كثير من الأحيان عوضاً عن أن يطلب الأطراف بديلاً لهذه السندات التي حددها القانون نجدهم يلجأون إلى القضاء للحصول على حكم يجيز لهم الحصول على البديل مباشرة دون أداء الرسوم المشار إليها مفضلين أداء تكاليف استصدار الحكم القضائي على أن يتكبدوا الرسوم المالية التي ستفرض عليهم في حال طلبهم بدلاً عن ضائع. إن الأمر الذي دعانا لمناقشة هذه الحالات هو أهميتها العملية وصلتها ولو بشكل غير مباشر بمسألة تعدد الإشاراتعلى أساس أن واقع القضاء يثبت يوماً بعد يوم أنه في غنى عن مثل هذه الدعاوى التي تساهم في إرهاقه بمزيد من الخصومات المفتعلة أحياناً من جهة وتهدف من جهة أخرى إلى الالتفاف على عدالة النص القانوني، علماً أن إشارات هذه الدعاوى ستوضع إن عاجلاً أو آجلاً على صحائف العقارات، بل وقد تتجاوز حالة تعدد الإشارات لتصل حد التراكم فتتفاقم بشكل أو بآخر الإشكاليات الناجمة عن حالة تعدد الإشارات وتنازعها. إلاَّ أن ثمة حالة تبدو أكثر صلة بموضوعنا يُواجَه فيها بعض الأطراف بوجود إشارة سابقة مدونة على الصحيفة العقارية وتمنع التسجيل كإشارة الحجز التنفيذي أو الحكم المطلوب تنفيذه ويكون الحل بالنسبة لهم بالحصول على حكم قضائي واجب التنفيذ يلزم أمانة السجل بالتسجيل لمصلحتهم .......... وهذه الحالة تعتبر منعاً لإشكاليات تنفيذية سنبحثها مفصلاً في البحث التالي لكثرة ما يدور حولها من استفسارات. لكننا الآن نود أن نعرض لقضية تبرز بوضوح كيفية استهداف الحكم القضائي المبرم كوسيلة لتغطية حالات التواطؤ أحياناً أثناء عمليات بيع العقارات وتعمل فيه فكرة الأولوية. بتاريخ 13/ 12/ 1990 تقدم أحد الأشخاص بدعوى تثبيت بيع عقار بمواجهة والدته الوكيلة عن زوجها المالك الأصلي للعقار (وهو والد هذا الشخص) وادعى أنها ممتنعة عن تنفيذ العقد المبرم بتاريخ 1/1/1986 وبالفعل حكمت له المحكمة بذلك أي تثبيت البيع بتاريخ 24/11/1990. ثم بتاريخ 15/12/1990 تقدمت سيدة توفي زوجها بدعوى اعتراض الغير على القرار الصادر تدعي فيها أن زوجها قد اشترى العقار المذكور من مالكه الأصلي، بموجب عقد بيع مصدق من قبل الكاتب بالعدل بتاريخ 26/2/1987 وقد وضع يده على العقار وعدل في أوصافه بما يمكن أن يكون قرينة لإثبات ملكيته وذلك بمعرفة الأم وابنها وعلمهم بواقعة الشراء التي تمت بين زوج تلك السيدة والمالك الأصلي للعقار علماً أن ثمة صلة قربى بين المشتري الثاني المتوفى والأول فهما شقيقان. المحكمة اتجهت إلى تطبيق مبدأ الأولوية واعتبرت إشارة المشتري الأول هي الأسبق والأحق بالتفضيل وفقاً للقاعدة ........ لكن ألاَّ يفترض أن نناقش الأمر بدقة طالما أن عقد البيع الرضائي كافٍ للتسجيل فكان يفترض بحكم السير الطبيعي للأمور أن يقوم الطرفان المشتري الأول ووالدته بتسجيل عقدهما في السجل العقاري مباشرة أي منذ عام /1986/ أو خلال الفترة الزمنية اللاحقة والقريبة من هذا التاريخ خاصة وأن صلة القربى تفترض أن تسرع عملية نقل الملكية في هذه الحالة فلماذا ينتظر المشتري حتى عام /1990/ للمطالبة بحقه بنقل الملكية.......؟! كل هذه الأفكار نقبل أنها تحتمل الجدل والنقاش إلى أن نعلم أن الطرفين يعلمان بوجود عقد بيع آخر بتاريخ لاحق لعقدهما وهنا يرد سؤال...... كيف يقبل هذان الطرفان بعملية البيع الثانية ويسكتان عن المطالبة بحقهما؟! إن حادثة العلم توحي بأن الأمر قد تم على النحو التالي: لقد أبرم الطرفان ( الأم وابنها ) عقدهما في الحقيقة والواقع بتاريخ لاحق لعقد البيع الآخر المنظم في 26/2/1987/ لكنهما ضمَّناه تاريخاً سابقاً لتاريخ البيع المشار إليه والذي تم بسند رسمي ولتقوية موقفهما القانوني ( الأم وابنها ) افتعلا مسألة النزاع لتحقيق غايتين: الأولى _ انتهاز الفرصة ووضع إشارة الدعوى على الصحيفة العقارية تكون سابقة على أي إشارة قد يفكر المشتري الثاني بوضعها فيستحقون الأولوية. الثانية _ الحصول على حكم قضائي بتثبيت البيع _ بنفي ولو معنوياً _ أي شبهة حول تاريخ إبرام العقد ويظهره بصورة نزيهة وسليمة قانوناً بل ويتمتع بقوة التنفيذ أيضاً خاصة وأن المشتري الثاني لم يفلح في إثبات التواطؤ. إن هذه الحالة لا تشير فقط إلى إساءة في استعمال المسار القانوني الذي رسم خدمة للعدالة بل هي أيضاً نقطة سلبية تسجل في سجل فكرة الأولوية التي يجري تطبيقها اليوم لأنها أضافت إلى سجل الظلم أسماء جديدة بدلاً من أن تعلي بنيان العدالة الذي وجدت لأجله. وبذلك فنحن في الحقيقة لا نستطيع إلقاء اللوم كاملاً في مسألة ضياع الحقوق على القضاء وحده بل تتوزع المسؤولية بين القضاء والمبدأ القانوني من جهة والنفوس المريضة التي تفيد من ثغرات التطبيق من جهة ثانية[2]. لكن ذلك لا يعني أيضاً أن نغض الطرف عن أسلوب عمل القضاء خلال مجريات الدعوى العقارية لأن ثمة ما يمكن قوله في هذا الخصوص وهذا هو مضمون بحثنا التالي. 1- المادتان / 92 و 94 / من القرار / 188 / لعام / 1926 / . 1- القضية مشار إليها في مجلة المحامون العددان / 1 و 2 / لعام / 2000 / صفحة 30 وبالقرار 350 / 405 تاريخ 6 / 12 / 1999 / صادر عن الهيئة العامة لمحكمة النقض. |
|||
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مجموعة منوعة من اجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض لعام 2007 - 2008 جزائي - مدني | المحامي منير صافي | أهم الاجتهادات القضائية السورية | 0 | 04-04-2011 01:43 PM |
قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001م | أحمد الزرابيلي | قوانين دولة فلسطين | 0 | 26-11-2009 12:32 AM |
قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني | أحمد الزرابيلي | قوانين الجمهورية اللبنانية | 0 | 08-11-2009 08:33 PM |
القيود الاحتياطية في السجل العقاري | المحامي نضال الفشتكي | رسائل المحامين المتمرنين | 1 | 05-10-2009 12:30 AM |
قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري | المحامي محمد فواز درويش | قوانين جمهورية مصر العربية | 0 | 10-07-2006 07:25 PM |
![]() |