مراكز صحية لا تحمل سوى اسمها..!.. هجرتها الأدوية الاسعافية

[المحامي ناهل المصري]

[align=justify]مراكز صحية لا تحمل سوى اسمها..!.. هجرتها الأدوية الاسعافية والمواطن لا يرى فيها نفعاً..!..
مصول لدغات الأفاعي مفقودة وحالات الوفيات تتوالى..!

بالرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها سورية في برامجها وقطاعها الصحي ومدى تقديمه للخدمات العلاجية عبر منظومة وتجهيزات الى حد ما متطورة.. فالأجهزة موجودة والكادر الطبي المدرب بالخدمة..

ولكن لماذا صورة القطاع الصحي تشوبها بعض الشوائب والثغرات..؟ صورة لم تكتمل ولم تصل الى أهدافها المحددة بعد..؟

قلة قليلة راضون عن الواقع الصحي بينما الأغلبية ممتعضون من المآسي والمشاهد التي تتكرر فصولها مطلع كل يوم.. ‏

توصلت وزارة الصحة الى انشاء او إقامة مراكز صحية ومناطق صحية في المناطق والارياف واخرى اطلقت عليها مراكز جوالة ورفدتها بالكوادر الطبية وكوادر من الاطباء اضافة الى تجهيزات وبعض الأدوية الاسعافية عند احداثها.. ‏

لا نود الحديث عن هذه المراكز المتوضعة في اريافنا الجميلة المتعطشة لخدمة صحية لائقة توفر لسكان الارياف قسطاً يسيراً من خدمة باتت مرهقة التكاليف والاثمان..! جاءت هذه المراكز لتقديم خدمة اسعافية للمرضى لتقديم اللقاحات ـ السرنغات ـ حافظات اللقاح ـ الادوية الاسعافية ـ الكحول ـ القطن.. وغيرها من المستلزمات الاولية..! ‏

هدفها كبير لاشك.. وكادرها اكبر.. إلا انه أي الكادر لا علاقة له بهذه المراكز ونشاطاتها.. وما يربطة بهذه المراكز هو راتبه الذي ينتظره بفارغ الصبر احياناً.. الدوام بالاسم.. والحجة لا دواء ومخصصات لهذه المراكز الصحية.. فهي خالية من الموظفين والاطباء والممرضات ومن الادوية الاسعافية ايضاً.. ‏

وتحمل اسم مراكز صحية أولية.. والسؤال ماذا قدمت لسكان الارياف الحيارى.. خيارهم وطريقهم الاوحد الى عيادات الاطباء وما عليهم إلا الدفع وشراء الادوية ومهما كانت بساطتها..! ‏

مراكز صحية باتت فارغة من الادوية الاسعافية.. وبالكاد تفتح ابوابها.. وان فتحتها فهي من باب الواجب وربما الخجل وخير مثال المراكز الصحية في ريف محافظة درعا فمن يزورها يتزود بمشاهد لم ير من قبلها لا أدوية اسعافية موجودة.. والممرضون هجروها مثلهم مثل الاهالي الحالمين بخدمة طبية مجانية حتى ولو كانت بسيطة..! لدرجة قول أحد الاطباء مراكز خاوية وفارغة من الادوية..! ‏

مازاد الصورة مأسوية أكثر حدوث اصابات ليست مرضية طالبة خدمة صحية.. بل وقوع حوادث تستلزم وجود الادوية الاسعافية الاولية في هذه المراكز.. وما أكثرها.. من حوادث الجرارات الزراعية والسيارات لحالات الغرق الى حالات لدغ الاشخاص من الافاعي وحاجتهم السريعة لخدمة اسعافية ربما تبقيهم على قيد الحياة..! ‏

ما يحصل يستدعي تدخلاً ومباشراً من جانب اعلى الجهات الصحية للنظر مجدداً بمهام ووظائف هذه المراكز ونقصد هنا تقديم الادوية الاسعافية لسكان الارياف عبر المراكز الصحية الاولية. ‏

حالات وفاة تسجل يومياًَ.. بل زادت مؤخراً أمام تراخي واهمال الجهات الصحية من تقديم واجباتهم..! ‏

الاسبوع الماضي سجلت احدى القرى الغربية في محافظة درعا حدوث وفاة شخصين وآخر راقد في مشفى درعا الوطني لاصابتهم بلدوغ افاعي وافتقاد تلك المراكز الصحية حتى المشافي الى المصول اللازمة لعلاج لدغة الافاعي.. فهل بات من المعقود ان لا تقدم المراكز الصحية الكائنة في الارياف خدمة المصول وهل اثمانها باتت ترهق ميزانية وزارة الصحة.. ؟ ‏

لماذا كل هذا التجاهل امام ازدياد حالات «نهش» الافاعي للاطفال والنساء والرجال على حد سواء..؟ من الاجدى اغلاق هذه المراكز اذا بقيت على حالها هكذا.. انسان يلدغ من افعى وآخر سقط من جرار زراعي.. فلا وجود لمصول وأدوية اسعافية وإن وجدت فأين الممرض وأين الطبيب..؟ ‏

نتغنى بين الحين والآخر بأنه اصبح لدينا مئات المراكز الصحية والمناطق الصحية وننسى ماذا قدمت وتقدم هذه المراكز من خدمات أولية لسكان الارياف..؟ ‏

مراكز صحية لا تحمل سوى الاسم والمرضى القاطنون بالارياف يبعدون عن مركز المدينة ومشافيها اكثر من /40/ كيلو متراً فربما اصاباتهم تستدعي اعطاءهم العلاج مباشرة.. فكم سيتأخرون كي يصلوا الى المدينة..! ‏

المراكز الصحية الاولية جاءت لتقديم خدمة اسعافية أولية.. وتوفير المصول الضرورية.. فإن عجزنا عن ذلك فالاجدر اعادة النظر بها من جديد..! ‏

إن كانت المراكز الصحية في الارياف دون جدوى فحالة المشافي العامة ليست بأحسن حال.. عندما تدخل الى مشفى درعا الوطني او نظيره مشفى المجتهد بدمشق تشعر انك في سوق هال صحي.. لا الخدمة جيدة والشيء الوحيد هو الفوضى والاهمال فالخلل بائن في كل الجنبات ومن لا يملك الجاه والوساطة لا مكان له داخل اسرة وحجرات المشفى..! اعمال الصيانة والترميمات كأنها اخذت طابع الابدية في مشفى دمشق وكل ذلك انعكس على اداء الخدمة الصحية وتراجعها.. فالكل بات يشعر بل ومقتنعاً بعدم نجاعة الخدمة الصحية العامة..وبات مجبراً لدخول مشافي النجوم المتقدمة «المشافي الخاصة» ذات الاموال والفواتير التي تقصم الظهر ولا أحد يقدر على تسديدها.. وحتى رؤيتها..! ‏

دمتم يا جهات الصحة وبالاخص مديرية صحة درعا ذخراً لتقديم خدمة صحية لائقة لأناس أكثر حاجة مما تتوقعون.. لأناس لا يقدرون على شراء حتى احتياجاتهم اليومية.. لا نحس بهم ونعرف معاناتهم حتى نعيش ونحتك معهم.. جيوبهم فارغة وهم مهددون بمآسي الطبيعة وشرورها.. وافاعيها وحشراتها.. والكل مغمض عينيه.. من البلديات العاجزة عن تقديم خدمات للمواطن.. حملاتها لكبح اسراب الحشرات والبعوض والذباب والتي لاقت مراتعها داخل البيوت تتغذى وتمتص الدماء المجبولة بالشقاء والفقر باتت منسية وغير واردة في خططها التخديمية المرسومة على الورق فقط.. مجاري مكشوفة وبرك تسبح بها ماشئت ان تفكر به فهو موجود.. الى قلة في مياه الشرب وعدم انتظام لعملها.. الى سلم كله يئن من واقع لا يبشر بخير وبتطور الخدمات المقدمة في الارياف..! مناطق وقرى كلها تتشابه بافتقار الخدمات وبنقصها.. والقائمون على المؤسسات لا هم لهم سوى البقاء في اماكنهم وفوق كراسي النعمة..! ‏

والخاسر هو المواطن اينما وجد.. ودمتم سالمين وحالمين بخدمة صحية ومعاشية أكثر تقدماً.. ![/align]